حذر وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني ناصر جوده من ان بلاده كدولة مضيفة لما يزيد على مليون ونصف سوري أصبحت منهكة ووصلت الى الحد الاعلى من امكاناتها في تقديم المساعدات للاجئين السوريين.


نصر المجالي: خلال مؤتمر في برلين حول وضع اللاجئين السوريين عقد الثلاثاء، لبحث ما وصفه أنطونيو جوتيريس مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين بأنه "أكبر أزمة إنسانية يواجهها العالم منذ فترة طويلة"، كررت نفس الرسالة دول أخرى تستضيف لاجئين سوريين مثل لبنان وتركيا.

وناشد وزير الخارجية الأردني المجتمع الدولي الان واكثر من اي وقت مضى الى تحمل مسؤولياته في مساندة ومساعدة الاردن والدول المضيفة لللاجئين السوريين لتمكنهم من الاستمرار باداء هذا الدور الانساني الهام.

وقال جودة إن طاقة الأردن والدول الأخرى المجاورة لسوريا على استضافة اللاجئين كادت أن تصل إلى مداها جراء احتياجاتهم الضخمة من اسكان ومدارس ووظائف ورعاية صحية في الوقت الذي تندر فيه الموارد مثل المياه.

وعقد مؤتمر برلين بدعوة من وزير الخارجية الالماني فرانك شتاينماير بمشاركة المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين في منظمة الامم المتحدة انطونيو غوتيرس وأكثر من 40 دولة ومنظمة دولية بهدف مناقشة اوضاع اللاجئين السوريين والدول المضيفة لهم ودعم الاستقرار في المنطقة.

وقال وزير خارجية الأردن انه حتى يتم التوصل إلى الحل السياسي المطلوب للأزمة السورية يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، ويعيد السلام والأمن الى سوريا، ويوفر بيئة مواتية لعودة اللاجئين إلى ديارهم، هناك حاجة ملحة لاستجابة دولية أكثر قوة لدعم الدول المضيفة، وعلى راسها الاردن لتمكينها من القيام بهذا الواجب الانساني.

خطة وطنية

واضاف ان الاردن قدر في اطار الخطة الوطنية التي اصدرها للاعوام 2014 -2016 حاجته الى قرابة 5 مليار دولار لتمكينه من تحمل أعباء مواجهة تدفق اللاجئين السوريين ما يتطلب اهمية الاستجابه الدولية للمملكة.

وقال جوده ان الاردن لم يغلق يوما ابوابه امام اللاجئين السوريين وفاءا واستمرارا للقيم الاردنية ولكنه اليوم يدفع ثمن كرمه، مشيرا الى ان الأردنيين تقاسموا المساكن والمدارس والمستشفيات وفرص العمل، والقليل من المياه التي لديهم، مع إخوانهم السوريين ، ولكن ضخامة الأرقام، وقلة المتاح اصبحت عبئا كبيرا على الاقتصاد الوطني.

وعبر جوده عن تقديره لدعم الاصدقاء في المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الذين يعمل معهم الاردن عن كثب ولكن الاردن بحاجة ماسة الى مزيد من الدعم.

واستعرض الوزير الأردني العبء الذي يتحمله الاردن نتيجة لتدفق اللاجئين السوريين في مختلف القطاعات، مبينا ان الأردن اليوم يستضيف نحو 1.5 مليون سوري، أقل من 9 بالمئة منهم يقيموا في مخيمات اللاجئين.فيما يعيش البقية في المجتمعات المحلية ما ادى الى زيادة سكانية هائلة انعكست اثارها على المملكة والمواطنين في كافة المجالات.

وقال ان نظامنا التعليمي تاثر بشكل كبير نتيجة لاستيعاب أكثر من 140 ألف طالب سوري وتوقفت خطط التنمية والإصلاح التعليمي لدينا وتحول التركيز نحو التعامل مع ازدحام المدارس و بدء التدريس بنظام الفترتين فيها وعانت الخدمات الصحية لدينا أيضا بنفس القدر كما ارتفع عدد اللاجئين السوريين الذين يلتمسون العلاج في المستشفيات العامة ما يقرب من 250 بالمئة، وارتفع عدد العمليات الجراحية التي تجرى في المستشفيات الحكومية بما يقرب من 600 بالمئة.

عنف إجرامي

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن الجهود الدولية لوقف "العنف الاجرامي" ستفشل من دون حل مواز لمشكلة اللاجئين المتنامية.

وقادت ألمانيا جهود استيعاب لاجئين سوريين في أوروبا من خلال استقبال 70 ألفا منهم ومنح مساعدات بقيمة 650 مليون يورو.

وعبر شتاينماير عن تقديره لكرم الدول المجاورة لسوريا لتقديمها المأوى لأكثر من ثلاثة ملايين شخص فروا من البلاد خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاثة اعوام ونصف والتي قتل خلالها نحو من 200 ألف شخص حتى الآن. لكنه أشار إلى أن توفير الأمور الأساسية لهؤلاء اللاجئين غير كاف.

وأضاف شتاينماير "إن الإحباط وفقدان الامل يجعلان الناس عرضة للتطرف والاستغلال. هناك خطر حقيقي خصوصا أن نصف اللاجئين هم من الأطفال والمراهقين. علينا أن نحرص على توفير فرصة الحصول على التعليم لهؤلاء الأشخاص".

ولم يبد الوزراء من الدول المجاورة لسوريا مقتنعين بأن المجتمع الدولي يلعب دورة في هذه القضية.

كلمة كورو

وقال نائب وزير الخارجية التركي ناجي كورو الذي تستضيف بلاده أكثر من 1.6 مليون لاجئ سوري حتى الآن بكلفة 4 مليارات دولار إن "الدول المجاورة لسوريا وبينها تركيا اضطرت حتى هذا التاريخ إلى تحمل حصة غير عادلة من العبء الانساني الناتج عن النزاع في سوريا."

وأضاف "ان الاسهامات التي تلقيناها من المجتمع الدولي هي فقط 250 مليون دولار والتي كانت أقل بكثير من توقعاتنا".

واضاف كورو أنه بوجود الخطر الي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية على جزء واسع من الأراضي داخل سوريا التي تضم خمسة ملايين شخص "نحن نواجه خطر المزيد من الكوارث الانسانية والنزوح الجماعي الواسع للسوريين باتجاه حدودنا."

كلمة تمام سلام

وقال رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام إن "هذه المأساة اليومية تنعكس ليس على السوريين الذين أجبروا على النزوح من بيوتهم وقراهم ومدنهم وحسب وإنما أيضا على حياة اللبنانيين الذين يستضيفون هؤلاء النازحين".

في حين قال جودة إن على المانحين أن يزيدوا التمويل بشكل كبير لتفادي "الاحتكاك والتوترات الاجتماعية".

واشار الى تاثر قطاع المياه خاصة وان الاردن يعد رابع أفقر دولة في الموارد المائية، بما فيها الضغوط على البنية التحتية للمياه والنفايات ومعالجة المياه التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة وغير محتملة وكذلك تاثير ذلك على الاقتصاد والخدمات الحكومية المقدمة والبنى التحتية والامن والموارد وعدم قدرة البلد على تلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين.

حل سياسي

واعاد جوده التاكيد على اهمية اطلاق عملية سياسية والتوصل الى حل سياسي يضمن وقف اراقة الدماء والتدمير و يؤدي الى الحل السياسي للازمة وخاصة الإنسانية داعيا المؤتمر ان يكون انطلاقة لهذه العملية السياسية.

وأكد جوده أن المعركة بين الاسلام المعتدل والاسلام المتطرف وخاصة المعركة الايديولوجية والتي تتطلب نشر الفكر المستنير الذي يعكس الصورة الحقيقية للاسلام العظيم حيث يعتبر الاردن في طليعة الدول المباردة في هذا الاطار.

ودعا وزير خارجية الأردن الى ضرروة إحياء المفاوضات الجادة بين الفلسطيين والاسرائليين والتي نرى في غيابها اجراءات اسرائيلية احادية مستمرة كالاستيطان المرفوض دوليا والانتهاكات في الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية، والتي تعتبر بمجملها عوامل مغذية للمزيد من التطرف وعدم الاستقرار تملي علينا أن نبذل قصارى جهدنا للعودة الى الحل السياسي الذي يضمن انهاء الأزمة السورية.