فجّرت "نزاهة" الانتخابات المقبلة صراعًا ساخنًا بين الحكومة وأحزاب المعارضة، التي عقدت اجتماعًا، أول أمس الثلاثاء، مع محمد حصاد، وزير الداخلية، للتوصل إلى حل يعيد فرق المعارضة إلى التشريع في مجلس النواب، الذي انسحبت منه احتجاجًا على "تهميش الحكومة" لمقترح تقدمت به، يقضي بإحداث لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات.


أيمن بن التهامي من الرباط: فيما تمسك حميد شباط، في ندوة صحافية، سبقت اجتماع أحزاب المعارضة بوزير الداخلية، بإحداث اللجنة المستقلة للإشراف على الانتخابات، اعتبر كريم تاج، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية (أحد الأحزاب المشاركة في الحكومة)، أن المقترح "مسألة مغلوطة من أساسها، وفيه بعض المزايدات".

المعارضة تحتج
وكانت أحزاب المعارضة (الاستقلال، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري) عقدت مع وزير الداخلية، أول أمس الثلاثاء، اجتماعًا لرأب الصدع مع الحكومة، التي لم تتعامل بإيجابية مع مقترح المكونات السياسية المذكورة، والمتمثل في إحداث لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات.

جاء هذا الاجتماع بعد ندوة نظمتها الأحزاب المذكورة، أشار فيها مصطفى الباكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى دعمه لمطلب إحداث لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، مؤكدًا على ضرورة تقديم الحكومة لشروط ضمان نزاهة الانتخابات. من جهته، اتهم إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحكومة، بـ "التهرّب من الحوار مع المعارضة"، وزاد موضحًا "سنفعل قرار الانسحاب في كل ما سيأتي من قرارات في البرلمان".

وكانت فرق الأحزاب الأربعة انسحبت، أخيرًا، من اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة في مجلس النواب، الذي خصص لمناقشة مشروع قانون يتعلق بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة، ومناقشة مقترح قانون إحداث هيئة وطنية للإشراف على الانتخابات، الذي تقدم به كل من "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي".

وقالت فرق المعارضة، (الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، فريق الأصالة والمعاصرة، الفريق الاشتراكي، الفريق الدستوري)، في بلاغ لها، إن الحكومة تصرّ عبر غالبيتها العددية على مناقشة مشروع اللوائح الانتخابية، الذي يقتصر على تحيين اللوائح الانتخابية، وليس تجديدها تجديدًا كليًا، كما تطالب بذلك المعارضة.

وأكدت أن الحكومة تصرّ على تحيين اللوائح الانتخابية، التي هي موضع انتقاد وطني منذ سنوات، وهو ما يجعل فرق المعارضة متخوفة من نزاهة الانتخابات المقبلة، في حالة لم يتم تحصينها عبر لوائح انتخابية تحقق توافقًا وطنيًا شاملًا، وهو "ما كان يمكن التوصل إليه لو توافرت الإرادة السياسية اللازمة في إطار مشاورات سياسية جادة".

مزايدة سياسية
فيما تبدو أحزاب المعارضة عازمة على توقيف العمل في لجنة الداخلية في مجلس النواب، يرى كريم تاج، في تصريح لـ "إيلاف"، أن المكونات السياسية المذكورة "ليست لها أية مبررات للمطالبة بإحداث اللجنة المشار إليها"، وزاد مفسرًا "من وجهة نظرنا هذه المسألة مغلوطة من أساسها".

أضاف "هذا أمر مغلوط، وفيه بعض المزايدة، وهذا هو موقفنا، حتى لو كنا في المعارضة"، مشيرًا إلى أن "الدولة لديها مؤسسات يجب أن تشتغل وفق ضوابط وقوانين وضمانات. وإذا ظهرت هناك مشكلة في نزاهة هذه الانتخابات، التي يجب أن تشرف عليها الحكومة وتنظمها وزارة الداخلية، بمعية كل الفرقاء والأطراف والمعنيين والمتدخلين، فهناك قضاء".

وقال القيادي السياسي: "إذا كانت، لا قدر الله، نسبة عدم نزاهة الانتخابات (حارقة) وفي معظم التراب الوطني، أو وضع من هذا النوع، فهناك إمكانيات للمطالبة بإلغاء نتائج هذه الانتخابات. أما قصة الهيئة المستقلة فهي ليست التي ستحل المشكل".

مشكلة الانتخابات
وأكد كريم تاج أن "الترويج بأن التقدم والاشتراكية قال إنه تلزمنا هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات ليس إلا كذبًا وتزويرًا"، وزاد مفسرًا "هذا لم يكن قط موقفنا حتى عندما كنا في المعارضة، وكانت الانتخابات تزوّر، وكنا نحاصر".

وأضاف "تعليمات وتوجيهات جلالة الملك في المجلس الوزاري الأخير حول الموضوع واضحة وصريحة، ولا غبار عليها. الآن، تتولى الحكومة في شخص رئيسها ومن خلال وزارة الداخلية، الإشراف على الانتخابات.

وهذا لا يعني أن وزارة الداخلية تستفرد بالأمر، وستنظم الانتخابات وحدها. وهذا لا يعني أن الحوار يجب ألا يكون في القوانين الانتخابية والمشاريع المطروحة حاليًا، خصوصًا أن مستواها متواضع جدًا، وعليها عدد من المآخذ، ويجب تزويدها بكيفية عميقة. وهذا لا يعني بأنه لا يجب أن نوفر كل الضمانات الممكنة لانتخابات نزيهة وشفافة، تليق بمغرب الدستور الجديد و2014 والتميز والخصوصية، وتمكننا فعلًا من مواصلة المسار الديمقراطي لبلادنا".

وذكر أن المشكلة الحقيقية للانتخابات في المغرب هي مشكلة "نظام انتخابي، ونمط اقتراع، وتقطيع، وكيف نوقف سلطة المال... هذا هو النقاش الحقيقي".&