أبدى رجال دين سنة عراقيون نافذون وشيوخ عشائر مقيمون بالمنفى في الأردن شكوكًا حيال جدوى ضربات التحالف الدولي الجوية بقيادة واشنطن للقضاء على تنظيم "داعش" المتطرف، معتبرين أنها لن تنهي العنف في العراق بل ستزيد الوضع تعقيدًا ما لم تصاحبها حلول سياسية تنهي مشاكل هذا البلد من جذورها.

&عمان:&قال الشيخ عبد الملك السعدي أبرز علماء أهل السنة في العراق، لوكالة فرانس برس من مقر اقامته في عمان، إن "القضاء على إرهاب ما يسمونه بداعش لا يتم عبر القاء القنابل من الطائرات بل في القضاء على دوافعه وأسبابه من ظلم واعتداء وإقصاء وتهميش، وفي إعطاء الشعوب حقوقهم وحريتهم الكاملة لكي يرفضوا هذا الارهاب ويقفوا ضده بأنفسهم دون تدخل خارجي".
&
ودعا السعدي الدول التي وافقت على الانخراط في التحالف الدولي الى "إعادة النظر في مواقفها لأن الامور قد تزداد سوءًا في كل العالم".
&
واضاف "اذا كان التحالف جادًا في إيجاد حل جذري لمشكلة العراق فعليهم الجلوس مع أهل السنة من مستقلين مناهضين للعملية السياسية الحالية، من علماء وشيوخ عشائر وعسكريين سابقين وأكاديميين، والاستماع لمطالب المناطق السنية المنتفضة والثائرة بسبب الظلم".
&
واوضح السعدي أن "مطالبنا معروفة وتتضمن 14 بندًا، ابرزها ايقاف قصف المدن وسحب الجيش منها واعلان عفو عام واحداث توازن في الوزارات والجيش ورفع اجتثاث البعث واعادة ضباط الجيش السابق والخدمة العسكرية الالزامية وحل الميليشيات والصحوات واعطاء نسبة حقيقية للعرب السنة وتشكيل حكومة تكنوقراط".
&
وتابع "بعد أن يعطونا حقوقنا، نحن نعرف كيف سنتفاهم مع داعش، فهذا شأننا".
&
ويقيم في الاردن ما بين 150 الى 200 الف عراقي من الذين هربوا من اعمال العنف في العراق التي بلغت ذروتها عامي 2006 و 2007.
&
وتشن الولايات المتحدة منذ الثامن من آب/اغسطس سلسلة من الضربات الجوية على مواقع تنظيم "داعش" المتطرف، الذي يسيطر منذ اكثر من اربعة اشهر على مناطق سنية شاسعة في العراق.
&
ويستفيد عناصر التنظيم من تعاطف ودعم جزء من سكان هذه المدن.
&
وحكم العرب السنة العراق لعقود طويلة قبل الاطاحة بنظام صدام حسين في اجتياح العام 2003 لتتولى عقب ذلك الغالبية الشيعية مقاليد الحكم.
&
ومنذ سقوط نظام صدام حسين، يشعر السنة بأنهم يتعرضون للتهميش والاقصاء وسوء المعاملة خصوصاً في ظل حكومة نوري المالكي (2006-2014).
&
من جانبه، رأى الشيخ محمد بشار الفيضي الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في العراق، احدى اكبر الهيئات السنية في العراق، تتخذ من عمان مقرًا لها، لوكالة فرانس برس، أن "المحافظات السنية باتت اليوم في وضع لا يحسد عليه، فهي بين المطرقة والسندان، هي بين تنظيم داعش الذي يحمل فكراً تكفيريًا إقصائيًا غريبًا على هذه المناطق ولا يتفاعل معه أحد، وبين غارات التحالف وظلم الحكومة" العراقية.
&
وتساءل الفيضي "كيف سيستهدفون التنظيم في داخل المدن؟ هل سنشهد حرب إبادة للسنة تحت ذريعة محاربة هذا التنظيم؟ هذه هي المخاوف التي تراودنا جميعاً، نحن السنة".
&
واوضح أن "الناس في هذه المناطق يشعرون بالاحباط ولا يتفاعلون مع أي رغبة دولية في محاربة هذا التنظيم او ذاك".
&
من جانبه، اعتبر الشيخ رعد عبد الستار آل سليمان احد شيوخ عشائر الانبار غربي العراق المقيمين في عمان، أن "الاميركيين لديهم تجربة سابقة في العراق استمرت نحو عشر سنوات ولم ينجحوا فيها"، داعيًا دول العالم عدم الدخول في "معركة فاشلة" اخرى في العراق.
&
واضاف لوكالة فرانس برس أن "الطيران لا يمكنه حسم معركة داخل المدن ونحن نخشى أن تقتل الغارات مدنيين اكثر من داعش".
&
ودعا السليمان المجتمع الدولي الى البحث عن "أسباب المشكلة في العراق والجلوس من ابناء هذه المحافظات المنتفضة للعمل على ايجاد حلول لها".
&
وفي بادرة تعكس اهمية العشائر، التقى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاحد خلال زيارته عمان بستة شيوخ من محافظة الانبار (غرب).
&
وقال مصدر مطلع على اللقاء إن "الشيوخ سلموا العبادي مذكرة تتضمن 12 مطلبًا اهمها عدم استهداف القصف للمدنيين والعمل على اعادة النازحين وتعويض المتضررين جراء القصف ورفع اجتثاث البعث وتشكيل قوة من ابناء المحافظة".
&
من جانبه، يقول يحيى الكبيسي المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الذي يتخذ من عمان مقراً له، إن "الجميع بما في ذلك الاميركيون، يعرف أن الغارات الجوية لن تؤدي الى نتائج حقيقية، رغم تأثيرها على حركة داعش وقدرتها على القيام بعمليات واسعة".
&
واضاف لوكالة فرانس برس أن "هذا الاندفاع نحو المقاربة العسكرية لن ينتج شيئًا لان التطرف الموجود حتى قبل داعش هو نتاج أزمة سياسية (...) وبالتالي ما لم نحل جذور هذه الازمة لا معنى لمقاتلة داعش".
&
واوضح أن "المشكلة انه ليس هناك أي تغيير حقيقي في ادارة الدولة في العراق" على الرغم من تولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء بدلاً عن المالكي.
&
وتابع: "نعم هناك تغيير على مستوى الخطابات ولكن عمليًا &ليست هناك أية مؤشرات تدل على وجود تغيير حقيقي في السياسات التي انتجب الازمة الحالية".
&
ودعا الكبيسي الى عقد مؤتمر دولي حول العراق من اجل "انتاج وثيقة موازية للدستور بضمانات دولية من اجل اعادة ثقة الجمهور السني ببغداد".
&
وحذر من انه "إذا لم تتم اعادة هيكلة النظام السياسي في العراق لكي يكون الجميع، الشيعة والسنة والاكراد، شركاء في صنع القرار السياسي فإنه لا امكانية لمواجهة داعش أو القضاء عليه، لانه حتى لو قضينا على داعش فالمشكلة القائمة حاليًا ستنتج تطرفًا آخر وتنتج داعش آخر".

&