أطلقت مؤسسة محمود كحيل، بالتعاون مع مؤسسة معتز ورادا الصواف والجامعة الأميركية في بيروت، جائزة محمود كحيل، تشجيعًا على رسم الكاريكاتور العربي، في حفل قدمت فيه كتاب "هكذا رسم كحيل" احتفاءً بواحد من أبرز رسامي الكاريكاتور العرب.


بيروت: كان الموعد السادسة من مساء الخميس 30 تشرين الأول (اكتوبر) في فيلا عودة ببيروت. لكن الجمع المدعو لم يجتمع في القاعة إلا بعد السابعة. كان الموعد ثقافيًا بامتياز، لكنه جمع أقطاب الفن والثقافة والعلم، لأن المحتفى به تجاوز الثقافة والرسم إلى السياسة، فكان كليمها من أوسع أبوابها، وكان رسامها.
&
إنه رسّام الكاريكاتور السياسي البارز عربيًا وعالميًا الراحل محمود كحيل، الذي قررت عائلته وصحبه إعادته إلى بيروت، بعد ترحال طويل، من خلال احتفال "مؤسسة محمود كحيل" بإصدار كتاب "هكذا رسم كحيل"، احتفاءً بأعمال أنتجها خلال نحو 50 عامًا، بمبادرة من "مؤسسة معتز ورادا الصواف للكوميكس العربي" التي تتخذ من الجامعة الأميركية في بيروت مقرًا لها.
&
مبادرة أكاديمية
&
كثرٌ هم محبو محمود كحيل، وقفوا في صف مرصوص أمام نجله نظمي وهو يقدّم للحفل، مستغلًا هذين المكان والزمان ليكون ناطقًا باسم كحيل الرسام والانسان، "إذ جمعنا بعد 11 عامًا من رحيله كل ما رسمه، وما تركه من إرث، في كتاب نطلقه اليوم، إلى جانب جائزة محمود كحيل، تخليدًا لذكراه.
&
بعده، ألقى رئيس الجامعة الأميركية الدكتور بيتر دورمان كلمة قدّم فيها الجائزة، ودور الجامعة ومؤسسة معتز ورادا الصواف للكوميكس العربي في احتضانها، "خصوصًا أن رسامي الكاريكاتور في العالم العربي قلة لا يتعدى عددهم اصابع اليد، وهذه المبادرة تدعو فناني الرسم الكاريكاتوري العرب إلى المشاركة في الجائزة".
&
وفصلت الدكتورة لينا هيبة، المحاضرة في الجامعة الأميركية في بيروت، مبادئ جائزة محمود كحيل، داعية رسامي الغرافيكس إلى تقديم أعمالهم عن فئات الكاريكاتور السياسي والقصص المصوّرة والشرائط المصوّرة والرسوم الغرافيكية ورسوم قصص الأطفال، ليحصل الفائز في كل فئة على جائزة محمود كحيل، وعلى مكافأة مالية سخية، بعدما تختارهم لجنة تحكيم مؤلفة من أعلام أكاديميين وصحافيين وفنانين في العالم العربي، ومن ضيوف سبقت مشاركتهم في برامج عالمية".
&
وضّبناها إلى حين
&
ختمت هذا الحفل دانا محمود كحيل بكلمة عاطفية، وبعين نصف دامعة، لتوجه شكرها وتقديرها لكل من شارك في صناعة كتاب "هكذا رسم كحيل"، الذي حملته بتؤدة وعزم في آن معًا. شكرت قلة ممن آمنوا بضرورة إعادة محمود كحيل إلى مدينته بعد سفر، وخصت منهم صديق العائلة بشر العظم ومؤسسة معتز ورادا الصواف والجامعة الأميركية في بيروت.
&
وقالت دانا محمود كحيل لـ"إيلاف": "أعمال محمود كحيل كثيرة، نخبئها في أدراجنا وفي قلوبنا، وكان يجب أن يراها الآخرون، وكنا نحن نعيش حياتنا بشكل طبيعي خصوصًا أننا كنا صغارًا عندما توفي الوالد، وما كان في ذهننا أي فكرة عن الاعلام واهميته، وعن الكتب والنشر، فوضّبنا انتاجات محمود كحيل إلى حين، إلى أن اتى بشر العظم، صديق الوالد الراحل، وقال إن هذا الكتاب يجب أن يصدر، ومن المعيب أن يبقى محمود كحيل طي الأدراج، وبدأت رحلة جمع الأصحاب حول محمود كحيل من جديد، من عثمان العمير إلى إياد ابو شقرا إلى سمير عطالله وآخرين، وبدأنا نتعلم أسس الأرشفة والمسح الضوئي الاحترافي لأعمال الوالد المتناثرة في الصحف والمجلات".

كتب وجائزة
&
استغرق إنتاج "هكذا رسم كحيل" عامًا ونصف العام من الجهد المضني، لكن هذا التعب لن يثني دانا كحيل، ومن ورائها مؤسسة محمود كحيل، عن المضي قدمًا في إنتاج المزيد من الكتب عن هذا الفنان الذي ملأ الدنيا وشغل الناس برسمه الكاريكاتوري طيلة نصف قرن، "فقد تعرّف الناس على محمود كحيل من جديد، ويجب أن نتابع المسير، لنعيد أعماله إلى الحياة من جديد".&
&
وإلى الكتاب، والكتب الآتية، تساهم جائزة محمود كحيل إلى إعادته إلى بيروت. تقول دانا كحيل لـ "إيلاف": "الجائزة من بنات أفكار معتز ورادا الصواف، ذهبا إلى الجامعة الأميركية في بيروت وأقنعاها بتبني هذه الفكرة، خصوصًا أن محمود كحيل كان تلميذًا في هذه الجامعة، وينبغي إعادته إلى المقاعد الدراسية بإحياء ذكراه من خلال هذه الجائزة".
&
أضافت: "أتانا معتز الصواف مشكورًا، وأخبرنا بنيته هذه، فأنقذنا بفكرته لأننا لم نكن نعلم من أين يمكن ان نبدأ في رحلة إعادة إحياء تراث محمود كحيل، كما أن الوالد عانى كثيرًا ليصل إلى ما وصل إليه، ولو كان ثمة جائزة حينها لما شقي هذا الشقاء كله، ولكان ربحها في كل عام، واليوم نقدم فرصة للشباب العربي، ليعبروا عن أنفسهم بالرسم الكاريكاتوري، علمًا أن تمويل هذه الجائزة يأتي من مؤسسة معتز ورادا الصواف، ومن الجامعة الأميركية في بيروت، ومن مؤسسة محمود كحيل".
&
هكذا تكلم
&
تراصف المحتفلون بمحمود كحيل ليحصلوا على كتاب "هكذا رسم كحيل". معظم الموجودين عاصروه، لكنهم أرادوا استعادة حياتهم معه، من بعيد أو من قريب، فكأنهم يريدون أن تكون في جعبتهم أعمال ناطقة بكلام قليل، وبصور تساوي آلاف الكلمات... كأنهم يريدون أن يقرأوا "هكذا تكلم كحيل"، كما قال نظيره الفنان ستافرو جبرا لـ "إيلاف". فجبرا يرسم الكاريكاتور السياسي أيضًا، ويعرف كيف يستلهم الفنان السياسي وحيه، لذا صعب عليه تقديم شهادة في "استاذ كبير كمحمود كحيل، الذي رسم السياسة كما كانت، وكما ستكون بعد أعوام طويلة، فلو نظرت اليوم إلى ما رسمه كحيل في الستينيات لقرأت ما يحصل اليوم، صحيح أن التاريخ يعيد نفسه، لكن كحيل تميز بقدرته على إنطاق الورقة والرسم الكاريكاتوري كلامًا يسبق زمنه، ويعبر عن كل زمن بما فيه من تحولات".
&
أضاف جبرا: "هذا فضل كحيل، الذي أحتفل به اليوم، وبكتابه الجميل، فهو كان أستاذًا كبيرًا وصديقًا كبيرًا، عاد إلينا بعد سفر طويل، فنرحب به نحن عائلته الكبيرة".
&
فيلم توثيقي
&
الكتاب "هكذا رسم كحيل" مجموعة مختارة من أعماله، صدرت بين العامين 1980 و2000، إلى جانب شهادات في الفنان خطها كتّاب وصحافيون عايشوه، فاستلهموا من رسومه والهموه.
&
إلى جانب الكتاب المعروض، كانت شاشة كبيرة تعرض فيلمًا شبه توثيقي عن حياة محمود كحيل الفنان المحترف، جمع من قصاصات مصورة، بأسلوب شائق، مدته 48 دقيقة، تقدم صورة مفصلة عن واحد من أبرز فناني الكاريكاتور السياسي في العالم العربي.
&
وكحيل ولد في 13 تموز (يوليو) 1936 في الميناء بطرابلس، درس في المدرسة الإنجيلية للبنات والبنين، ثم في الجامعة الأميركية في بيروت. عمل مصممًا في صحف ومجلات عدة، ثم انتحى جانب الكاريكاتور السياسي، مطوّرًا أسلوبه الخاص في التعبير بالرسم والصورة، فنشرت أعماله في صحف ومجلات لبنانية وعربية وعالمية.
&
استقر في لندن، وشارك في تأسيس صحيفة الشرق الأوسط، وكان رسامها الكاريكاتوري المعتمد. كما انه صمم إخراج مجلتي "المجلة" و"سيدتي".
&
بقي على نشاطه إلى أن توفي في 11 شباط (فبراير) 2003.
&