واغادوغو: تدور تساؤلات حول من يحكم بوركينا فاسو، فبعد ساعات من الاطاحة بالرئيس بليز كومباوري وتولي قائد الجيش السلطة، اعلنت مجموعة من الضباط الجمعة تشكيل "جهاز انتقالي جديد".

والسؤال الاخر يتعلق بمعرفة هل ان ما تم "ثورة" شعبية ام "انقلاب" عسكري؟ وباي حال فان استقالة كومباوري تغرق هذا البلد الصغير في الساحل في مرحلة غير واضحة. وما حدث في بوركينا فاسو يمثل تحذيرا لاي رئيس افريقي قد يحاول، كما فعل كومباوري، تعديل دستور البلاد ليستمر في السلطة.

وكومباوري كان تولى السلطة في 1987 بانقلاب شهد اغتيال توماس سانكارا بطل فكرة الوحدة الافريقية، وبعدما ظل لفترة طويلة احد اقوى قادة غرب افريقيا اضطر الجمعة الى التنحي بشكل مثير للشفقة امام انتفاضة شعبية لا سابق لها. واعلن كومباوري في بيان تلته صحافية في شبكة اف.بي1 الخاصة ظهر اليوم "رغبة مني في الحفاظ على المكتسبات الديموقراطية وعلى السلم الاجتماعي... اعلن فراغ السلطة تمهيدا للبدء بفترة انتقالية".

اثار هذا الاعلان فرحة عارمة في واغادوغو بين الاهالي. وسرعان ما شهد حي الوزارات في العاصمة عمليات نهب واسعة وكذلك ثاني كبرى مدن البلاد بوبو ديولاسو (جنوب غرب) وتم تخريب العديد من المباني وحرقها. وبحسب الخارجية الفرنسية فان كومباوري رحل "باتجاه الجنوب" قاصدا مدينة بو القريبة من الحدود مع غانا. ولم يتم تاكيد هذا الخبر وانقطعت اخبار الرئيس المخلوع مساء الجمعة.

وفي خضم استقالة كومباوري اعلن قائد جيش بوركينا فاسو الجنرال نيبيريه أونوريه ترواري تولي "مهام رئيس الدولة" وذلك "طبقا للاحكام الدستورية وبعد التأكد من شغور الحكم، ونظرا الى الضرورة الملحة للحفاظ على الامة". لكن مع تقدم الساعات بدا كان هناك خلافات داخل الجيش، حتى ان قسما من قيادته عبر عن موقفه علنا.

واعلنت مجموعة من الضباط في بوركينا فاسو في بيان موقع باسم اللفتنانت كولونيل اسحق اكوبا زيدا الرجل الثاني في الحرس الرئاسي انه "سيتم تشكيل هيئة انتقالية بالاتفاق مع كل القوى الحية في الامة تمهيدا لتنظيم فترة انتقالية للعودة الى الحياة الدستورية الطبيعية". واضاف البيان "ان تشكيل هذه الهيئة الانتقالية التوافقية ومدة عملها التي نرغب في ان تكون اقصر وقت ممكن، سيتحددان في اسرع وقت ممكن".

كما طالب الضباط بـ "مواكبة من المجتمع الدولي لضمان عودة سريعة للنظام الدستوري"ـ مؤكدين ان "الالتزامات التي اتخذتها دولة بوركينا سيتم احترامها". واعلنت هذه المجموعة من الضباط الشباب تعليق الدستور واقفال الحدود الجوية والبرية. واكد مصدر فرنسي مساء الجمعة غلق الحدود.

وقال موقع اعلامي بوركيني ان هذا الاعلان تمت تلاوته في ساحة الامة التي كانت مركز الاحتجاجات والتي اصبح يطلق عليها المتظاهرون "ساحة الثورة". وتلي البيان من قبل عسكري ومسؤول في منظمة "مكنسة المواطن" التي كانت في صدارة الاحتجاجات ضد كومباوري.

وجاء تولي قائد الجيش السلطة معاكسا لرغبة العديد من المتظاهرين الذين يعتبرونه مقربا كثيرا من كوباوري. وامل زعيم المعارضة في بوركينا زيفيرين ديابري الجمعة ان يتمكن الجناحان العسكريان، اللذان اعلنا تولي السلطة من "التفاهم". وقال لوكالة فرانس برس "عليهم ان ينظموا انفسهم. آمل في ان يتفاهموا". واضاف "ننتظر ان يبلغنا الجيش ما ينوي القيام به بالنسبة الى المرحلة الانتقالية وسنبلغه رأينا".

واذ ابدى "رضاه" عن استقالة كومباوري، لاحظ زعيم المعارضة ان هناك "تحديات" كثيرة لـ"اعادة بناء البلاد". اما شركاء بوركينا فرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي فقد عبروا عن تمسكهم بقيام فترة انتقالية وفق الشرعية الدستورية. ورحبت فرنسا، المستعمر السابق لبوركينا، باستقالة كومباوري، ودعت الى "الاسراع في اجراء انتخابات ديموقراطية".

لكن وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي، فانه اذا تمت المصادقة على بيان الجنرال تراوري، فسنكون بازاء انقلاب، ما سيؤدي الى "آلية عقوبات". ووصل وفد الوساطة الثلاثي (الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا) الى واغادوغو للقاء اطراف الازمة ولتاكيد انطلاق عملية انتقالية دستورية وسلمية للسلطة اي عبر رئيس الجمعية الوطنية. لكن البرلمان تم حله الخميس بعدما احرق المتظاهرون مبناه.

واعلان مشروع تعديل دستوري كان سيتيح لكومباوري الذي انتخب لولايتين استمرت كل منهما سبع سنوات ولولايتين اخريين استمرت كل منهما خمس سنوات، ان يترشح الى الانتخابات الرئاسية في 2015، وهو الذي حمل مئات الالاف من شعب بوركينا فاسو على النزول الى الشارع ليعلنوا رفض "الرئيس مدى الحياة".

وقد اشتعلت بوركينا فاسو الخميس، فاضطر الجيش الى التدخل على اثر احراق الجمعية الوطنية وتعرض التلفزيون الرسمي لهجوم واندلاع اعمال عنف في الاقاليم اضافة الى دعوات الى استقالة الرئيس التي تمت الجمعة. وبدا المعارضون في الايام الاخيرة يحلمون بتغيير النظام الذي اعتبر طويلا احد اكثر الانظمة استقرارا في منطقة الساحل التي تشهد اضطرابات يقف وراءها مسلحون على صلة بالقاعدة. وقال معارض بوركيني الاربعاء انه "الربيع الاسود في بوركينا فاسو على غرار الربيع العربي" في 2011.
&