يعرف الناس الأصباغ الفوسفورية المشعة منذ سنوات طويلة واستخدموها في الفن والشوارع واللافتات، لكن الهولنديين يطرحون الآن أصباغاً مشعة تمتص نور الشمس في النهار ثم تطلقه في المساء للإنارة.


فيما يرى المسافر على متن الطائرة بعض الشوارع الهولندية تضيئها المصابيح الاعتيادية، ويلاحظ المدارج التي تحددها الأنوار، يستطيع ان يميز من الأعلى شارعاً لماعاً تبدو فيه الخطوط المنيرة مثل صبغة فوسفورية في الظلام.
&
والمقصود هنا هو مسافة من شارع "ن239" في مقاطعة نورد برابانت تم رسم خطوط المرور عليه، ورسم معالمه بصبغات جديدة قادرة على امتصاص نور الشمس ومن ثم اطلاقه في الليل. وهو أول شارع من نوعه في هولندا، وفي أوروبا والعالم، تتم إضاءته بسعر الأصباغ فقط. لأن هذه الخطوط والعلامات ستقتصد بالكثير من الطاقة، تطلق غاز ثاني أوكسيد كربون أقل، كما أنها أفضل من أعمدة الكهرباء من الناحية الجمالية.
&
وكشف دان روزغارد، رئيس مشروع الأصباغ الممتصة للضوء في وزارة النقل الهولندية، ان التجربة الأولى لهذه الأصباغ تمت في ابريل الماضي. وفشلت الخطوط آنذاك بتأدية عملها، أي اعادة ارسال الضوء الممتص، لأنها تأثرت بالرطوبة وماء المطر. إلا أنه تم خلال الأشهر الستة الماضية تطوير هذه الصبغات كي تصبح منيعة على الماء والرطوبة، ومن الممكن الآن مشاهدة الخطوط وهي تضيء مساء من الأعلى.
&
المهم أيضاً، بحسب تصريح روزغارد، هو ان هذه الخطوط (التي تسمى الخطوط المشعة Glowing Lines)، قادرة على إرسال الضوء بشكل مستديم لمدة 8 ساعات. وهذا يعني انها ستغطي فترة المساء كلها تقريباً في أوروبا، عدا عن بعض أيام المساءات الطويلة في الشتاء. ويمكن لسائق السيارة في النهار أن يسلط نور مصابيح السيارة على الخطوط كي يلحظ كيف انها تلتهم النور، كما يمكنه في الليل ان يشاهد كيف تضيء كما في حكاية خيالية (التعبير لـ روزغارد).
&
شوارع المستقبل
&
ويفترض أن يصبح الشارع السريع"ن239" نموذجاً لشوارع المستقبل رغم ان ما تم رسمه منه بالخطوط المشعة لا يتعدى الـ&200 متر. وتعمل مقاطعة نورد برابانت، بالتعاون مع مقاطعة اوس، على مواصلة رسم خطوط بين المقاطعتين.
&
تم تطوير الخطوط المشعة من قبل روزغارد بالتعاون مع شركة هايجمان المتخصصة بتقنيات الإضاءة البيئية. ويفترض أن تسهم الخطوط في تقليل تكاليف انارة الطرقات، وأن تقلل نسب الحوادث على الطرقات. وكانت شرطة مقاطعة نورد برابانت دائمة الشكوى من ارتفاع نسبة حوادث المرور على هذا الشارع، وستكون الأشهر القليلة القادمة كفيلة بالكشف عن فعالية الخطوط المشعة بيئياً وتقنياً.
&
وأكد روزغارد وجود عشرات الشركات المهتمة بالابتكار على المستوى الأوروبي والعالمي، ويمكن أن تكون الخطوط المشعة مهمة جداً بالنسبة لبلدان العالم الثالث في الطرقات البعيدة عن المدن. والمهم هو ان من الممكن تطوير هذه الأصباغ كي تستخدم في رسم يافطات الطرقات والاشارت، وبالتالي الاقتصاد أكثر بكلفة الإنارة.
&
ويعتقد العلماء ان مثل هذه الخطوط يمكن أن تعمل ثورة في عالم الطيران أيضاً، لأنها تصلح لإنارة مدارج الطائرات. وتوفّر الخطوط المشعة الكثير من طاقة الإنارة المستخدمة في المطارات،&كما تقلل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون، وتساهم بفعالية في تنظيم حركة المرور على المدارج في المطارات الكبيرة والصغيرة.
&
هذا لا يمنع طبعاً، في المستقبل، طلاء البيوت في أعياد الميلاد بالصبغات المشعة بالضوء طالما انه لا ضرر بيئيًا أو جسديًا على البيئة والإنسان منها. وربما سنشاهد هذه الصبغات على جدران مخازن الحبوب(السايلو)، كي تنير في المساء.
&
مجسّات منمنمة لتحذير السائق
&
والصبغات الممتصة للضوء لا تنير الشارع فحسب، وإنما تحافظ على السير وتقلل الحوادث الممكنة. إذ زودها المهندسون بمصابيح ثنائية الصمام بالغة الصغر، ولا تتحطم تحت عجلات السيارات، تنذر السائق بأنه تعدى السرعة المفروضة&في الشارع. وتعمل هذه المصابيح المنمنة بمثابة منظم للسرعة أيضاً، لأنها تتصل بأقرب جهاز لأنوار المرور، تقيس المسافة إلى السيارة، ثم تنبه السائق إلى السرعة المطلوبة كي يصل بالضبط إلى جهاز أنوار المرور مع انفتاح اللون الأخضر بالضبط.
&
ويخطط العلماء، في خطوة لاحقة، ووصولاً إلى "شارع المستقبل"، لزرع وحدات حرارية تحت الأسفلت تتولى إذابة الصقيع المتراكم على الشارع في فترة الشتاء. وتتلقى هذه الوحدات طاقتها اللازمة من ألواح سولار صغيرة مثبتة على أعمدة صغيرة بين الأشجار القريبة من الشارع.
&
زهور سولارية
&
ولا تبدو فكرة خطوط الشوارع المشعة بالضوء بعيدة عن فكرة زهور السولار الي طرحتها شركة انترماتيك الهولندية قبل بضع سنوات، عدا عن ان شركة هايجمان استبدلت ألواح الخلايا الضوئية الرقيقة بالأصباغ.
&
ولأن هولندا هي المصدر الأكبر للزهور الطبيعية في غرب أوروبا، فقد قررت شركة انترماتيك الهولندية إحداث نقلة جديدة في عالم الزهور الصناعية. وطرحت الشركة في معرض"بوغا" الدولي للحدائق (في مدينة كوبلنزالألمانية على الراين 1910) زهوراً ملونة، تشبه الطبيعية تماماً،صنعت من الألياف الزجاجية. والزهور تحتوي على خلايا ضوئية تتولى حفظ الضوء في النهار وإطلاقه في المساء. وهكذا تتحول الزهور في المساء إلى مصابيح ملونة تزين الحديقة وتعوض عن شبكات المصابيح الملونة. وصنعت الشركة من نفس المادة أصصاً ملونة أيضاً يمكن لمن يرغب استخدامها خارج وداخل البيت.
&