عزا المرجع السيستاني في العراق تمدد "الإرهاب" في البلاد إلى الفساد في المؤسسة العسكرية وعدم بنائها على أسس مهنية، وإلى ممارسات السياسيين المضرة بالبلاد.. فيما دعا رئيس البرلمان إلى مراجعة مشروع المصالحة الوطنية واستدراك أخطائه السابقة، وقال إن الأزمة الاساسية الحالية هي ازمة ثقة متكاملة بين الأطراف السياسية على مستوى النخب انتقلت على مستوى الجمهور.


لندن: قال السيد أحمد الصافي، معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، في خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، اليوم، إن البلاد تمر حاليًا بمرحلة حرجة تتطلب من السياسيين مراجعة شاملة لجميع مواقفهم السابقة التي أضرت بالبلد وأخرت تقدمه في شتى المجالات ومنها العسكرية والامنية.. مشيرًا إلى أنّ اخطر ما افرزته تلك الخلافات تمكن الإرهابيين من دخول العراق والسيطرة على مناطق واسعة منه.

&وأضاف الصافي أن التجربة السابقة التي مر بها العراق خلال السنوات الماضية اثبتت أن الخلافات السياسية بين القادة قد اضرت بالعراق كثيرًا وأخرته في الكثير من المجالات، ومن بينها الامني والعسكري.

وأوضح أنّ التجاذبات بين السياسيين أثرت على طبيعة القرارات التي اتخذت وانعكست سلبًا، ومنها تمكن الارهابيين من الدخول إلى العراق والسيطرة على مناطق منه. وحذر السياسيين من ايصال خلافاتهم إلى مرحلة التضحية بتراب العراق ووحدته خاصة وأنها توسعت بطريقة فئوية وحزبية وطائفية ومناطقية، مما خلق احتقاناً بين القواعد الشعبية.. وطالبهم بمراجعة شاملة لكثير من المواقف التي كانت لها ابعاد سلبية على العراق.

وعن الفساد في المؤسسة العسكرية، أشار معتمد السيستاني إلى أنّ بعض المفاصل العسكرية لم تبنَ بطريقة مهنية وعلمية بسبب الخلافات السياسية من جهة والتقصير من جهة أخرى.. وقال إن تفشي الفساد قد فسح المجال لإضعاف المؤسسة العسكرية بالرغم من الموارد المالية الهائلة التي انفقت عليها.. وشدد على ضرورة العمل للقضاء على جميع مظاهر الفساد مهما كان صغيراً في المؤسسة العسكرية.

وقال إن القوات العسكرية والأمنية هي المسؤولة بشكل مباشر عن حماية البلد من أي تهديد داخلي أو خارجي، وهي المسؤولة عن الحفاظ على مؤسسات الدولة من العابثين بعيدًا عن أي تأثير سياسي عليها.. وتساءل قائلاً: فكيف اذا كانت هذه المؤسسة تعاني من الفساد، وما حصل قبل اشهر من تمدد الارهاب ودخوله إلى البلاد كفيل بالاجابة على ذلك.

وطالب الصافي بتسليم المواقع الأمنية لمن كان مخلصًا وشجاعًا وحازمًا لا يتأثر واجبه بدوافع شخصية أو مادية. وأكد ضرورة معالجة الاسباب التي تضعف المؤسسة العسكرية والقضاء على كل مظاهر الفساد فيها مهما كانت قليلة.

رئيس البرلمان: المصالحة روّجها سياسيون لكسب الدعم

دعا رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري إلى مراجعة مشروع المصالحة الوطنية واستدراك أخطائه السابقة، وقال إن الأزمة الاساسية الحالية هي أزمة ثقة متكاملة بين الاطراف السياسية على مستوى النخب انتقلت على مستوى الجمهور.

وأضاف العبادي خلال كلمة ألقاها في مؤتمر "الشرق الاوسط للحوار والمصالحة"، الذي اختتم اعماله في مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق الشمالي، الليلة الماضية، "اننا حينما ننتقد مشروع المصالحة فإنما ننتقده لأجل البناء وليس لأجل الهدم".

وفيما أكد أن اشكالية السلاح كانت من أهم معوقات المصالحة تساءل قائلاً: " كيف يمكن لمن يحمل السلاح أن ينتدب نفسه ليتبنى مشروع المصالحة أو أن يكون جزءًا منها، وكيف يمكن أن يقتنع البعض أنه في ظل دولة مؤسسات يُسمح للبعض بحمل السلاح، بينما يُتهم البعض الآخر&بحمل السلاح ".

وتساءل قائلاً "ماذا نريد من المصالحة وما هو مفهومها، ومن هم أطرافها، وما هو مضمونها، وماذا قدم من كان يتبنى مشروع المصالحة، وهل كان المشروع مكتملاً وناضجًا أم انه استخدم احيانًا للتسويق وكرسالة للخارج بوجود رغبة للانفتاح والاستيعاب فقط ؟".

وشدد على أنه لا غنى اطلاقًا عن الحوار كوسيلة مثلى لبناء الدولة معربًا عن قناعته بأن مشروع المصالحة والحوار لم يكن العامل الاكبر لدفع فئات مهمة وأساسية في المجتمع لأن تكون جزءًا من المشروع السياسي وبناء الدولة المدنية.

وأكد ضرورة العمل على تشخيص المشكلة التي دعت للمصالحة وتبني مشروع الحوار.. موضحًا أن الأزمة الاساسية الحالية هي ازمة ثقة متكاملة بين الاطراف السياسية على مستوى النخب انتقلت على مستوى الجمهور. وقال إن العملية السياسية لم تستطع بدرجة كبيرة على مدى السنوات الماضية أن تكون هي المنقذ لحل الازمات الموجودة، وهو ما أدى إلى أنّ تتحول أزمة النخب في التفكير إلى أزمة استدرار عطف الناس.

وأشار الجبوري إلى أنّ ما ميز الأزمة في العراق عن غيرها في بقية الدول هو أنها أصبحت مشكلة اجتماعية متجذرة استغلها بعض السياسيين للتسويق وجمع الناس خلفهم. ورأى أن المصالحة تحتاج إلى جرأة في المادة المطروحة وفي الاشخاص الذين يتم التحاور معه دون أن تستثني أحدًا أو تضع خطوطاً حمراء على أحد، طالما أن هناك ثابتًا يحكمنا يتمثل ببناء الدولة على اسس واضحة ومنهجية صحيحة، وهو ما يوجب إطلاق العنان لمحاورة الجميع بمنطق العقل والحكمة.