اندلع جدل في البرلمان الاتحادي، وفي برلمانات الولايات، حول تأنيث إشارات المرور، بينما يحاول حزب الخضر والحزب الاشتراكي، خلافًا لإرادة المحافظين، فرض النسبة الثابتة للنساء في السياسة والاقتصاد.


ماجد الخطيب: من المعتقد أن تنجح قوى اليسار البرلماني في تمرير قانون النسبة الثابتة للنساء، بالرغم من المقاومة التي يبذلها المحافظون.

ويدعو القانون إلى منح النساء نسبة 30% في البرلمانات والإدارات الاقتصادية، بدءًا من العام 2016. ويضم الحزب الاشتراكي، الشريك الحكومي لحزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، صوته إلى حزبي الخضر واليسار، بهدف الحصول على الأغلبية البرلمانية اللازمة. ويعول أنصار النسبة الثابتة للنساء على أصوات النساء من داخل صفوف حزب المحافظين، لتأكيد فوزهم على المحافظين المتشددين.

تأنيث إشارات المرور

بدأ الجدل حول تأنيث إشارات المرور، بمعنى وضع صور النساء بدلًا من صور الرجال في إشارات المرور، في ولاية سكسكونيا-انهالت، وفي البرلمان المحلي في مدينة دورتموند، لكن سرعان ما شمل النواب من مختلف الأحزاب في البرلمان الاتحادي.

ويقول أنصار الأضواء الانثوية أن نسبة إشارات المرور التي تحمل رسوم النساء في ألمانيا تقل عن نسبة النساء الألمانيات في أدارات الشركات التي تبلغ 8% فقط.

ويطالب أنصار إشارات المرور، التي تحمل صورة فتاة بضفيرة أو بضفيرتين، أو أي شكل انثوي آخر، بالبدء بتعديل الموازنة الجنسية في إشارات المرور، عن طريق استبدال كل "ترافيك رجالي" تالف بـ"ترافيك انثوي" جديد.

ويجري العمل على هذا النحو حتى بلوغ نسبة النصف، وتفضل الأحزاب النسائية، كحزب النساء الألماني، تحويل كافة أنوار المرور الملونة إلى أنوار أنثوية، لأنه ثبت، بحسب رأيهم، انها أكثر فعالية من الأنوار الذكورية في فرض أنظمة المرور، وفي تقليص الحوادث المرورية.

المساوة بين جنسي إشارات المرور

طالب الخضر والحمر (الاشتراكيون) والصفر (الليبراليون)، خلافًا لإرادة السود (المحافظين)، بفرض نسبة أنوار نسائية ثابتة تبلغ 50% في دورتموند. وفضل تحالف إشارات المرور (هكذا يسمى تحالف الخضر والاشتركيين والليبراليين عادة في ألمانيا) بتطبيق القانون بدءًا من يوم المرأة العالمي، 8 آذار (مارس) 2015.

وبرأي التحالف اليساري، مثل هذا الإجراء سيفرض المساواة بين المرأة والرجل في المرور أيضًا.

واقترحوا أن تستبدل صورة الرجل ذي القبعة بصورة امرأة أو فتاة ذات ضفيرتين وتنورة عريضة.

وفسروا الطلب بأن التنورة العريضة تستدعي تكبير حجم نور المرور، ويصبح بالتالي أكبر حجمًا وأشد تأثيرًا وأفضل للرؤية من قبل سائقي السيارات. ويبقى أن تؤلف لجنة خاصة كي تقرر ما إذا كان التحول من الأنوار الرجالية إلى النسائية سيفرض المساوة في الكلفة أيضًا.

ويبدو أن الحلف اليساري لا يخلو من معارضين، أو من حياديين بين الصور الانثوية والذكورية. وذكرت أنا ريناتة ايربله، من حزب اليسار في دورتموند، أن المهم هو فرض نظام المرور، سواء كانت إشارات المرور ذكورية أو أنثوية. واضافت متسائلة: "لماذا لانختار شكلًا محايدًا؟"

على دراجة

دورتموند ليست المدينة الأولى الي تناقش جنس إشارات المرور. والجدل انتقل هذه المرة إلى البرلمان الألماني بسبب مناقشة النسبة الثابتة للنساء في السياسة والاقتصاد.

وسبق لمنطقة وسط برلين أن قررت تحول العديد من إشارات مرورها إلى إشارات أنثوية، ساهمت كما يقال في فرض نظام مروري أفضل. تبعتها مدن بريمن وزفيكاو ودريسدن وماغدبورغ.

بقي رجل إشارات المرور ثابتًا في معظم مدن ألمانيا الشرقية، وهو عبارة عن رجل يفتح ذراعيه عند اشتعال النور الأحمر. وتقول احصائية دائرة الاحصاء المركزية أن مدينة ايرفورت هي صاحبة أعلى عدد من أشكال إشارات المرور الانثوية والذكورية، فهناك الفتاة ذات الضفيرتين إلى جانب الرجل الذي يحمل مظلة، والرجل الذي يعتلي دراجة هوائية، والرجل الذي يأكل المثلجات.

الشرقي أفضل

أجرى الباحثون من جامعة جاكوبز في مدينة بريمن دراسة نفسية حول رجل الاشارات الضوئية، وتوصلوا إلى أن الرجل الشرقي أنجح واكثر تأثيرًا في سائقي السيارات من الغربي. والرجل الشرقي، من تصميم كارل بيغلاو، قوي البنية، ذو أنف كبير، ويرتدي قبعة عريضة، في حين أن الرجل الشرقي نحيل وذو شكل تجريدي.

واستخدمت كلاوديا شيبكة وزملاؤها في الدراسة متطوعين، اعتمدت معهم طريقة نفسية لمعرفة تأثير الألوان والصور المختلفة على ردود أفعالهم. وكانت ردود أفعال كافة المتطوعين على الرجل الشرقي أسرع وأصح من ردود أفعالهم على الرجل الغربي.

وذكرت شيبكة أن نتائج الفحص تثبت أن انصياع سائقي السيارات لرجل الاشارات الشرقي لم يكن توقًا للنظام الشرقي السابق، وإنما شكل ولون الرجل مهم في التأثير على الناس. وبدا الرجل الشرقي حاسمًا وهو يفتح يديه في النور الأحمر، مانعًا المشاة أو السيارات من الحركة، كما يبدو حاسمًا هو يضم ذراعيه سامحًا لهم بالمرور.

نساء ميونخ يطالبن بتأنيث الشوارع أيضًا

واقع الحال أن كلمة الشارع في اللغة الألمانية كلمة مؤنثة، لكن هذا لا يكفي لنساء البرلمان في ولاية بافاريا كما يبدو.

ونشأ الآن في برلمان ميونخ تحالف لم يسبق له مثيل، بين نساء أحزاب اليسار واليمين، يطالبن بإطلاق أسماء نسائية على شوارع المدينة.

البرلمانيات البافاريات لاحظن أن من نحو 6000 شارع في العاصمة ميونخ ليس هناك أكثر من 200 شارع يحمل اسم شخصيات نسائية، في حين يحتكر الرجال اسماء أكثر من 2500 شارع. وطبيعي فأن بقية اسماء الشوارع تحمل اسماء مناطق ومدن ومعارك...إلخ وهي معطيات نشرتها دائرة الإحصاء البافارية مع إشارة إلى أن هذه الحال لم تتغير منذ 10 سنوات.

داغمار هين، من حزب اليسار، قالت أن الزائر الذي يرى أسماء الشوارع في بافاريا سيعتقد أن الولاية يسكنها الرجال فقط. وأضافت أن نسبة أسماء الشوارع المؤنثة لا تزيد عن7%، لكنها أفضل في أية حال من نسبة النساء في إدارات دوائر الدولة التي لا تتعدى 3%.

التحالف النسائي لاحظ، رغم توصياته السابقة، أن 38 شارعًا من الشوارع الجديدة التي شقت في بافاريا بعد 2004 تحمل أسماء نسائية. هذا في حين نالت الأسماء الرجالية حصة الأسد(50 شارعا) وتمت تسمية 50 شارعًا آخر بأسماء مدن ومواقع وحوادث تاريخية.

النائب المحافظ جورج شلاغباور تناولته ألسن النائبات في التحالف النسائي بالنقد لأنه قال"ربما ليس هناك الكثير من النساء الشهيرات". إذ ردت عليه ليديا ديتريش، من حزب الخضر، بالقول أن كارترينا فون بورا لا تقل شهرة عن زوجها المصلح مارتن لوثر، مع ذلك فأنها لم تحصل على أسم شارع إلا عام 2006.

اولريكة بوسر، ممثلة الحزب الاشتراكي في مجلس مدينة ميونخ، هددت بفرض نسبة معينة، ستكون مساوية لأسماء شوارع الرجال أو أكبر، إذا لم تغير الولاية سياسة إطلاق الاسماء على الشوارع. وطبيعي أن تتحدث بوسر بلهجة الوعيد لأن النساء في مجلس مدينة ميونخ يشكلن 10 من مجموع 15 عضوًا.

المهم في الصراع الجاري بين التحالف اليساري والمحافظين حول التأنيث والتذكير في السياسة والاقتصاد والمرور هو أن المستشارة انجيلا ميركل تقف إلى جانب فرض النسبة النسائية في الاقتصاد والسياسة.

وقالت ميركل أن الموضوع قيد الدرس من البرلمان والمحكمة الاتحادية، وما عاد بالامكان وقفه. علمًا أن الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الحزب البافاري الشقيق للحزب الديمقراطي المسيحي، قد يتساهل في موضوع النسبة النسائية الثابتة في السياسة، لكنه يقف بشدة ضد تطبيقه على الاقتصاد بذريعة التأثير السلبي على نمو الاقتصاد الوطني.