يشكل الهجوم صباح الثلاثاء على كنيس يهودي في القدس الغربية تصعيدًا جديدًا في دوامة العنف في المدينة المقدسة، لكن خبراء اعتبروا أن لجوء إسرائيل إلى رد قاسٍ سيؤدي إلى مزيد من التصعيد. فإغلاق أحياء القدس الشرقية سيف ذو حدين قد يوتر الوضع أكثر، ورأوا أنه لا يمكن فعل الكثير ضد منفذي الهجمات الفردية بشكل يعاقب الجميع.


القدس: بحسب رواية الشرطة الاسرائيلية، فإن شابين فلسطينيين دخلا إلى الكنيس، قبل الساعة السابعة صباحًا في حي هار نوف لليهود المتشددين في القدس الغربية، يعد معقلًا لحزب شاس المتشدد، وكانا يحملان ساطورًا ومسدسًا، ما ادى الى مقتل اربعة اسرائيليين واصابة ثمانية آخرين.

ورأى المحلل الامني والسياسي الاسرائيلي دانيال نيسمان أنه "في حال كنتم تبحثون عن الرد، الذي قامت به الشرطة فعلًا، فهو التحضير لنشر تعزيزات اكبر في المدينة". وتابع: "هناك حديث عن نشر الجيش في أحياء القدس الشرقية، لكن لم يتم تأكيد ذلك أو الموافقة عليه".

يأتي ذلك بينما تشهد القدس الشرقية المحتلة توترًا متزايدًا منذ خطف وحرق فتى فلسطيني في تموز/يوليو الماضي، وهناك اشتباكات بين فلسطينيين والقوات الاسرائيلية بشكل شبه يومي. وتزايدت التوترات في الاسابيع الاخيرة، بسبب خطط اسرائيل ببناء مستوطنات يهودية جديدة في القدس الشرقية، ومطالبة المتطرفين اليهود بالحق في الصلاة في المسجد الاقصى.

سيف ذو حدين
ورأى نيسمان أن الهجوم الاخير ساهم في تأجيج التوتر، موضحًا "لوقف هذه الهجمات، فإن الامر الوحيد الذي يمكن القيام به هو اغلاق هذه الأحياء (في القدس الشرقية)، ولكن هذا سيف ذو حدين". واضاف: "من الممكن أن تجازف بتصعيد التوتر مع الناس هناك، وغالبيتهم لا تريد ذلك".

من جهته، رأى مارك هيلر، وهو محلل سياسي في معهد دراسات الامن القومي في اسرائيل، انه سيكون من الصعب تضييق الخناق على الفلسطينيين. واوضح "لا يوجد حل سحري.لا يمكن فعل الكثير ضد منفذي الهجمات الفردية، الذين يستيقظون في الصباح، ويقررون فجأة التصرف". وبحسب هيلر، فإن "الحكومة ستقوم بلا شك بتشديد موقفها، ولكن هذا لن يحل المشكلة".

وقد تلجأ الحكومة الاسرائيلية الى هدم منازل منفذي الهجمات، كما تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في وقت سابق من الشهر الحالي، بعد هجومين لفلسطينيين قاما بدهس مارة اسرائيليين، ما ادى الى مقتل اربعة واصابة عشرة اسرائيليين. وكانت الحكومة الاسرائيلية امرت قبل هجوم الثلاثاء بهدم اربعة منازل في القدس الشرقية المحتلة تعود ملكيتها إلى اربعة شاركوا في هجمات ضد اسرائيليين. لكن حتى الآن لم يتم هدم اي منزل.
&
غير مضمون العواقب
ودانت منظمات حقوقية اوامر الهدم، بينما اكد الجيش الاسرائيلي أن القيام بهدم المنازل قد يأتي بنتائج عكسية. وقال نيسمان: "تعتقد الحكومة الاسرائيلية أن هذه طرق فعالة.. ولكن لا يوجد (أي هدم) حتى الآن. كل اجراء تقوم بتطبيقه لديه سبب".

واكد كوبي ميخائيل، وهو خبير آخر في معهد دراسات الامن القومي، أن الوضع متوتر. وقال لوكالة فرانس برس: "اعصاب الجميع مشدودة، بإمكان هذا الحادث أن يغيّر اللعبة".
وبحسب ميخائيل، فان اسرائيل قامت بالفعل بتطبيق عدد من الاجراءات، وتطبيق اكثر للقانون، وتشريع قوانين مشددة على من يقومون بإلقاء الحجارة، اضافة الى خطط لهدم المنازل.

لكنه اوضح "هناك حدود لما يمكن القيام به"، مشيرًا الى أنه "كلما كان لديك المزيد من قوات الأمن، فإن هذا سيزيد الاحتكاك وفرص الهجمات، ما سيؤدي الى تصعيد لا يرغب فيه الطرفان". ودانت كل من الولايات المتحدة وروسيا بشدة الهجوم على الكنيس، ولكنهما حضّتا ايضًا على ضبط النفس.

ودعا الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الثلاثاء الى التهدئة قائلاً "في هذه اللحظات الحساسة في القدس، اصبح من المهم جدًا بالنسبة إلى القادة الاسرائيليين والفلسطينيين والمواطنين العاديين العمل معًا للتعاون على خفض التوتر ورفض العنف والسعي الى ايجاد سبيل نحو السلام". ودعت وزارة الخارجية الروسية في بيان "الفلسطينيين والاسرائيليين الى اتخاذ تدابير عاجلة لكبح المتطرفين، الذين تهدد اعمالهم بتفجير الوضع كليًا".

هدم منزل فلسطيني مسؤول عن هجوم الترامواي
الى ذلك، اقدم الجيش والشرطة الاسرائيليان ليل الثلاثاء الاربعاء على هدم منزل في القدس الشرقية يعود إلى فلسطيني نفذ هجومًا بسيارة في تشرين الاول/اكتوبر اسفر عن سقوط قتيلين، كما اعلن الجيش. واوضح الجيش في بيان "أن منزل هذا الارهابي، الذي صدم بسيارة مدنيين اسرائيليين فقتل رضيعة وشابة في 22 تشرين الاول/اكتوبر في محطة ترامواي في القدس، دمّر في سلوان" الحي الواقع في القدس الشرقية.

وقد اتخذ هذا التدبير العقابي في وقت يسود فيه توتر حاد في القدس منذ اسابيع، وقد أجّجه هجوم الثلاثاء على كنيس في القدس الغربية، ادى الى مقتل اربعة اسرائيليين كانوا يصلّون وشرطي، ثم قتل المهاجمان الفلسطينيان بعد ذلك. ومقتل اربعة يهود في مكان عبادة ادى الى تأجيج وضع متفجر اصلًا في المدينة المقدسة، خاصة حول الحرم القدسي، حيث كثف يهود متطرفون في الاونة الاخيرة حملتهم للحصول على حق الصلاة فيه.

وتوعد رئيس الوزراء الاسرائيلي مساء الثلاثاء بأنه سيرد "بقبضة حديدية"على هذه "الموجة الارهابية"، التي تتركز على القدس، وامر بهدم منزلي الشابين المهاجمين، وهما ابنا عمين من حي جبل المكبر في القدس الشرقية المحتلة. اما الفلسطيني منفذ الهجوم بالسيارة عبد الرحمن شالوده، الذي تم هدم منزله، فقتل هو الآخر على يد عناصر الشرطة. وكان عمد الى صدم مجموعة من المارة تنزل من التراموي، مما ادى الى قتل رضيعة اسرائيلية اميركية وشابة اكوادورية.