جاءت مبادرة العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، بالتصالح مع قطر، وإعادتها إلى مجلس التعاون الخليجي، ومناشدة مصر أن تفتح المجال للتصالح معها، لرأب الصدع العربي في ظل حالة التشرذم التي تضرب المنطقة.


القاهرة: رحبت مصر بمبادرة العاهل السعودي، لا سيما أنها تهدف إلى صالح جميع الدول العربية، فضلاً عن التقدير والإحترام لمكانته، لاسيما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يصفه بـ "كبير العرب".

ويتوقع خبراء سياسيون ودبلوماسيون أن تعود المياه لمجاريها بين مصر وقطر، ولكن بعد تحقيق مجموعة من المطالب، أهمها إيقاف الحملات الإعلامية التي تشنها قناة الجزيرة ضد مصر، والتوقف عن إيواء قادة جماعة الإخوان المسلمين، وغيرهم من العناصر المعادية للنظام.

ووفقاً للخبير في الشؤون الخليجية، محمد عبد المؤمن، فإن استجابة مصر إلى دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز تأتي تقديراً لمكانته العظيمة لدى مصر، قيادة وشعباً، مشيراً إلى أن الملك عبد الله يسعى إلى لم الشمل العربي، وإيقاف انهيار دول المنطقة واحدة تلو الأخرى، ويسعى إلى وأد الفتنة بين الدول العربية.

وأضاف لـ"إيلاف" أن "مصر لن توقع لقطر على بياض، بل ستكون لديها حزمة من المطالب من أجل استعادة العلاقات"، موضحاً أن "إيقاف موجة العداء التي تشنها قناة الجزيرة ضد مصر، يأتي على رأس تلك المطالب، بالإضافة إلى التوقف عن دعم جماعة الاخوان المسلمين، وجماعات الاسلام داخل مصر".

ونبه إلى أن قطر أيضاً سوف تطالب بإيقاف الحملات الإعلامية ضدها في مصر، متوقعاً أن يستجيب الطرفان إلى المطالب، لاسيما أن هناك رغبة حقيقية في لم الشمل، فضلاً عن تمتع العاهل السعودي بمكانة خاصة لدى الجانبين.

مأزق الإخوان

ويستبعد عبد المؤمن طرد قيادات الاخوان من قطر، مشيراً إلى أن الدوحة سوف تعمل على إسكات أصواتهم، وقطع الطريق عليهم لمهاجمة مصر. ولفت إلى أنّ جماعة الإخوان صارت في مأزق حقيقي في حالة اتمام التصالح المصري القطري، لاسيما أنها سوف تخسر أهم وأكبر داعم سياسي وإعلامي ومالي لها في المنطقة.

وقال السفير مصطفى عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن أي خطوة تهدف إلى التصالح بين الدول العربية وتصفية الخلاف بينها مرحب بها، مشيرًا إلى أنّ الخلاف يهدر الموارد ويمكن الأعداء من الأمة. وأضاف أن الامور تسير في المسار الصحيح بدليل أن السعودية والامارات والبحرين أعادت سفراءها إلى قطر، وستنعقد قمة مجلس التعاون الخليجي في موعدها الشهر القادم.

وأضاف لـ"إيلاف" أن قطر التزمت خطيًا بعدم الهجوم على مصر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتعهدت بوقف الحملات الاعلامية من قبل قناة الجزيرة، متوقعاً أن يتم تنفيذ التعهدات حرفيًا إذا صلحت النوايا.

وتوقع أن تسكت قطر أصوات الإخوان أو معارضي النظام المصري على أراضيها، مشيرًا إلى أن الدوحة لن تسمح للإخوان بالتواجد على أراضيها، إلا بشروط وهي عدم مباشرة النشاط السياسي والتوقف عن مهاجمة مصر وعدم التدخل في شؤونها. كما توقع أن تطرد السلطات القطرية أي قيادي إخواني سيخالف هذه الشروط، مشيراً إلى أن الايام القادمة ستوضح اذا كان هناك اتفاق بين قطر وتركيا لدعم الإخوان دون إظهار دورها للعلن أم لا.

بينما أشاد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية السابق، بالمبادرة التي طرحها العاهل السعودي. وأضاف لـ"إيلاف" أن الرئيس السيسي رحب بها، متوقعًا أن تطالب مصر بعدم استضافة اعضاء من جماعة الاخوان المسلمين على أرض قطر، ووقف الحملة والنبرة الحادة من قبل قناة الجزيرة على مصر وعدم التدخل في شؤون مصر الداخلية، موضحاً أن مصر تعهدت بوقف حملات التشويه التي تقوم بها الوسائل الإعلامية تجاه قطر.

تعزيز التعاون الاقتصادي

كما توقع أن تشمل مفاوضات الصلح مع قطر المشاريع القطرية داخل مصر واستمرار الودائع داخل البنوك المصرية لتحسين الوضع الاقتصادي، لافتاً إلى أن قطر تعد من اكبر الدول المستثمرة في العالم لوجود فائض كبير لديها. ولفت إلى أن التصالح سيعزز التعاون الاقتصادي بين الطرفين وسيكون بداية لضخ استثمارات قطرية جديدة في مصر إذا صلحت نوايا التصالح بين الجانبين.

بينما قال جمال حنفي طه، أمين حزب المؤتمر بالقاهرة، أن مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتي طالب فيها مصر شعباً وقيادة بدعم اتفاق الرياض التكميلي الذي وقعت عليه دول مجلس التعاون الخليجي، والذي&يهدف إلى لم الشمل العربي. وأضاف في تصريح له، أن الرد المصري السريع الذي صدر من مؤسسة الرئاسة ذلك يعني حرص مصر على مصالح الأمة العربية.

ولفت إلى أن مصر دائمًا تقف موقف الشقيقة الكبرى وتبدي حرصها على مصالح الأمتين العربية والإسلامية، مشيراً إلى أنه يجب على قطر أيضاً أن تتحمل المسؤولية وتتخلى بشكل كامل عن "دعمها للإرهاب". وقال إن هذا ما سيظهر من خلال الفترة القادمة ولا يمكن أن نحكم عليه الآن.

وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد دعا مصر إلى دعم الإتفاق التكميلي والتصالح مع قطر، وقال في بيان له: "ارتباطاً للدور الكبير الذي تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة، فلقد حرصنا في هذا الاتفاق وأكدنا على وقوفنا جميعاً إلى جانبها، وتطلعنا إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء".

كما دعا العاهل السعودي قادة الفكر والإعلاميين إلى دعم مبادرة لم الشمل العربي. (التفاصيل)

ورحبت مصر بمبادرة العاهل السعودي ومطالبه لها بدعم الإتفاق التكميلي مع قطر، وقالت الرئاسة المصرية في بيان لها: "اِستقبلت مصر بترحيب كبير البيان الصادر من الديوان الملكي السعودي، والذي أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يهدف إلى وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق بين الأشقاء العرب لمواجهة التحديات التي تهدد أمتينا العربية والإسلامية.

وأضافت: "كما تعرب مصر عن ثقتها الكاملة في حكمة الرأي وصواب الرؤية لخادم الحرمين الشريفين، وتثمن غالياً جهوده الدؤوبة والمُقدرة التي يبذلها لصالح الأمتين العربية والإسلامية، ومواقفه الداعمة والمشرفة إزاء مصر وشعبها. وتجدد مصر عهدها بأنها كانت وستظل "بيت العرب"، وأنها لا تتوانى عن دعم ومساندة أشقائها.. وتؤكد على تجاوبها الكامل مع هذه الدعوة الصادقة، والتي تمثل خطوة كبيرة على صعيد مسيرة التضامن العربي".