ضاعف القضاء التونسي حكمه على شرطيين اغتصبا الفتاة (مريم) التي شغلت قضيتها الرأي العام منذ 2012، خاصة عندما تحلت بالشجاعة والجرأة وتوجهت للاعلام لسرد ما وقع لها، وعزمت على ملاحقة مغتصبيها مهما كلفها الأمر.


تونس: حكمت محكمة الاستئناف في تونس الخميس على شرطيين تونسيين بالسجن 15 عامًا بعد ادانتهما باغتصاب شابة في العام 2012، في حكم اعتبرته محامية الضحية خطوة مهمة في هذا النوع من القضايا.

وقالت المحامية منية بوسلمي لوكالة فرانس برس إن المتهمين حكم عليهما بالسجن 15 سنة.
&
وكان حكم على الشرطيين في محكمة تونس الابتدائية في اذار/مارس بالسجن سبعة اعوام لاغتصابهما الشابة، وقرر اليوم مضاعفة الحكم عليهما.

وحكم على شرطي ثالث بالسجن عامين بتهمة الابتزاز المالي لخطيب الفتاة الذي كان برفقتها يوم الحادثة. وقالت بوسلمي إن الحكم نفسه صدر بحقه في محكمة الاستئناف.
&
وقالت الشابة مريم بن محمد (اسم مستعار) لوكالة فرانس برس إنها مرتاحة لان المحكمة شددت العقوبة.

لكنها اضافت أن العقوبة تبقى في نظرها غير كافية مقارنة بالجرم الشنيع الذي اقترفوه.
&
والقضية اثارت فضيحة بعيد توقيف الشرطيين لأن النيابة ارادت في وقت ما ملاحقة الضحية وخطيبها لخدش الحياء.

وكان الشرطيون اكدوا أنهم فاجأوا الشابة وخطيبها، وهما يقيمان علاقات جنسية داخل سيارة.

وتحولت قضية الفتاة "مريم" من حادثة اغتصاب إلى قضية رأي عام شغلت ولاتزال التونسيين، خاصة بعد أن تحولت هذه الفتاة من ضحية إلى متهمة بـ"المجاهرة بما ينافي الأخلاق الحميدة"، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 6 أشهر وغرامة مالية قدرها ألف دينار وفقًا للقانون التونسي.

وقد اعترفت الفتاة أن صدمتها من الحادث دفعها إلى محاولة الانتحار، وقالت في وقت سابق: "حاولتُ وضع حد لحياتي بعد هذه التهمة، كنت انتظر معاقبة الفاعلين وتجريمهم، فإذا بهم يحولونني إلى مذنبة ويتهمونني بالإخلال بالآداب العامة، فقط من أجل تبرئة أعوانهم".

وأضافت أن المساندة التي وجدَتْها من التونسيين ومنظمات المجتمع المدني زادتها تمسكاً بقضيتها وعزيمة للدفاع عن حقها حتى يأخذ المجرمون جزاءَهم.

وقالت: "اليوم لا مجال للخوف والسكوت وأدعو كل فتاة اُنتُهِكت حُرمتُها الجسدية أن تدافع عن نفسها، فما حصل معي يمكن أن يحصل مع أي فتاة أخرى خاصة في الوضع الحالي للبلاد".

وقد قوبلت التهمة التي وجهت إلى الفتاة "بخدش الحياء العام"، بموجة رفض واحتجاج من قبل العديد من المنظمات الحقوقية وخاصة النسائية، التي اعتبرت أن الفتاة ضحية، ولا يجب أن تتحول إلى جانية أو متهمة.

وتطوع ما يفوق 20 محاميًا ومحامية للدفاع عن الشابة المغتصبة، ومن بينهم محاميات من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وأعضاء بالمجلس التأسيسي التونسي.

وتحت وطأة ضغط هيئات المجتمع المدني والصحافة المحلية والدولية، أبدت الحكومة التونسية من جهتها تغييرًا في طريقة تعاطيها للموضوع؛ فبعد أن أعلنت وزارة الداخلية في بداية ظهور القضية أن الفتاة متهمة في قضية "خدش للحياء العام"، تحدث وزير العدل التونسي أنذاك، نور الدين البحيري، وهو قيادي في حركة النهضة الاسلامية، بنبرة مختلفة، قائلاً إن الشرطيين "المتورطين" في اغتصاب الفتاة سيعاقبان وفق القانون، نافياً أن يكون القضاء التونسي "حوّل المتضررة إلى متهمة".

وبعد أن نال المتهمان الجزاء الذي يستحقانه، تطوى قضية "مريم" التونسية التي تعتبر أول تونسية تتحدث عن قضية اغتصاب أمام الاعلام، ومن المرجح بعد أن استجابت المحكمة لطلبات الدفاع عن المتضررة واعتبرت أن الإغتصاب حصل من قبلهم مستغلين في ذلك خصائص وظيفتهم وأنهم سلطوا عنفاً ماديًا ومعنويًا على المتضررة، أن تشجع هذه الحادثة ضحايا أخريات لملاحقة مُغتصبيهنّ.

&