رغم أنهم يحلمون بـ"الشهادة" ويمجّدون الشريعة والخلافة، لكن خلف هذا الخطاب المؤمن، يخفي المتجهون إلى القتال في سوريا والعراق دوافع أكثر دنيوية، كالنساء المنتظرات والانتقام من الغرب والانتماء العشوائي والانغماس المسلي، كما يؤكد خبراء ومسؤولون.


واشنطن: قسوة العيش والرغبة في المغامرة والمطالب السياسية وعدم القدرة على الاندماج في المجتمع والانجذاب إلى الحرب والرغبة في السير على خطى الأصحاب، والحصول على لقب بطل في نظرهم، وخوض تجربة مثيرة مع المجموعة: يلتقط كثيرون الخطاب الإسلامي المتطرف على الانترنت، والذي قلما يفهمونه أو يعرفون مقتضياته، ويستخدمونه للتعويض عن نواقصهم وضعفهم ولتغذية أوهامهم أو تطلعاتهم المثالية.

يقول البروفسور الأميركي جون هورغان، الاختصاصي في علم النفس السياسي ومدير مركز دراسات الإرهاب في جامعة بنسلفانيا: "أعتقد أن الأسباب (التي تدفعهم إلى السفر إلى تركيا للالتحاق بالجهاديين) ليست لها علاقة بالدين بقدر ما يعتقد البعض".

يضيف أن "الدولة الإسلامية تبيعهم الأوهام وخليطًا من المنافع الشخصية والسياسية. فهؤلاء الشبان يوعدون بالجنس والمغامرة والإثارة والرفقة. لكن يمكنهم كذلك الانتقام من قرون من التفرقة والتغريب. كما يشكل استخدام أفعالهم لإهانة الغرب مكافأة إضافية".

ونجح فريق "داعش"، وهي التسمية الرائجة للتنظيم، في توظيف قنوات التواصل الاجتماعي والخرافات والاقتباسات الدينية، التي يعرفون أنها ستخدم أغراضهم، وتجذب الشباب للالتحاق بهم.

من العقيدة إلى الميدان
وفي دراسة بعنوان "التحول الناجم من الخطاب الإرهابي الجديد لدى الشباب"، يفصل المركز الفرنسي لدرء الانحراف الديني المرتبط بالإسلام كيفية توظيف فيلم "المصفوفة" (ذي ماتريكس) (أخرج من المصفوفة واصبح المختار) وثلاثية سيد الخواتم (عد إلى الجماعة) أو لعبة فيديو "عقيدة القاتل" (أطع السيد المقدس)، في التجنيد.

يوضح التقرير أن "الخطابات الإرهابية الجديدة طوّرت وسائل التجنيد من خلال التخصص في استخدام الانترنت كأداة، إلى درجة إنهم يقترحون عروضًا شخصية مختلفة عن بعضها، وتلائم شبانًا مختلفين تمامًا". بعدها، يتابع التقرير "ينقلون الشاب من التكوين العقائدي الافتراضي إلى التجنيد الميداني".

"معظمهم لا يعرف شيئًا عن القرآن"، يقول مارك سجمان الاختصاصي النفسي، الذي تابع مسار المتطوعين للجهاد، والعميل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ومؤلف كتاب "الوجه الحقيقي للإرهابيين".

انتماء فوضوي
يضيف "إنهم يشعرون بالانتماء إلى جماعة سياسية، فهنا هم مجاهدون. الدين هو مجرد قشور. إنها جماعة إسلامية، ولكن كان يمكن أن تكون أي شيء آخر، جماعة فوضوية أو مناهضة للفاشية (...) إنه مجتمع وهمي، وهم يتخيلون أنهم يشكلون جزءًا منه، حتى وإن كانوا لا يمتون إليه بصلة. إنهم يشعرون بأنهم جنود للدفاع عن هذا المجتمع، الذي يقال لهم إنه يتعرّض للعدوان".

وفي كلمة أمام مركز للأبحاث في واشنطن، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: "في العام الماضي، غادر شابان بريطانيان للانضمام إلى (الدولة الإسلامية). قبل مغادرتهما طلبا كتاب (الإسلام للأغبياء) و(القرآن للأغبياء)!".

أضاف "لنكن صريحين: مجنّدو الدولة الإسلامية لا يبحثون عن مؤمنين متبحّرين في الإسلام. إنهم يؤكدون أن أعمال القتل والتعذيب والوحشية والاغتصاب وانتهاك المحرمات تؤتى بوحي إلهي. هذه سخافات". وتؤيد هذا التحليل الطبيبة كانتا أحمد البريطانية التي درست شخصيات المتطوعين للجهاد.

انغماس مغرٍ
وقالت الطبيبة لصحيفة الغارديان قبل فترة قصيرة "إنهم يسعون وراء حلم، وغالبًا لا تكون لديهم أية فكرة عن الإسلام. يصبحون سجناء لهذا الوهم، كما ينغمس البعض في عالم ألعاب الفيديو، ويغريهم الكلام المشبع بالاستعارات والتشبيهات، التي ليست لها صلة بالإسلام الحقيقي".

وأضافت "هؤلاء الشباب يشعرون بلا شك بأنهم سجناء في عالم تافه وعادي، و(الدولة الإسلامية) تجعلهم يعتقدون أن بإمكانهم أن يكونوا جزءًا من شيء أكبر (...) إذا كنت شابًا، وخيالك محدود، ولديك مشكلة في التواصل مع الجيران والأصدقاء في مجتمع تعددي، يمكن بسهولة إغواؤك. فأنت تشبه صفحة بيضاء".
&