تظاهر أنصار الرئيس المصري السابق محمد مرسي في القاهرة ومدن أخرى بعد صلاة الجمعة، ورفعوا المصاحف في ما وصف بأنها بروفة للتظاهرات التي دعت إليها الجبهة السلفية، تحت شعار "انتفاضة الشباب المسلم.. ثورة إسلامية".

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: انطلقت موجة جديدة من تظاهرات الإخوان في مصر بعد صلاة الجمعة، ضد ما يسمونه "إنقلابًا عسكريًا"، ورددوا هتافات معادية للجيش المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي، ورفعوا صور الرئيس السابق محمد مرسي، وشارات رابعة. كما رفعوا المصاحف أثناء ما وصف بأنها "بروفة" لتظاهرات 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، التي دعت إليها الجبهة السلفية، تحت عنوان "انتفاضة الشباب المسلم.. ثورة إسلامية".

حرق أعلام

وفي منطقة عين شمس في القاهرة، تظاهر أنصار مرسي بالمئات، ورفعوا صورًا لمرسي وشارات رابعة. ووقعت مصادمات مع قوات الشرطة التي نجحت في تفريق المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش، فيما رشقها الإخوان بالزجاجات الحارقة والحجارة والألعاب النارية.

وتظاهر مئات آخرون في حي المطرية عقب صلاة الجمعة، وهتفوا "أوووه داعش"، ورفعوا المصاحف. ونجحت الشرطة في تفريقهم.

وتظاهر أنصار مرسي في حي فيصل في الهرم، وقطعوا الطريق، ووقعت مشادات كلامية ومشاجرات مع المارة. ورددوا هتافات: "يسقط يسقط حكم العسكر"، و"السيسي سفاح.. السيسي قاتل"، و"الداخلية بلطجية"، ورفعوا صور مرسي وشارات رابعة، وأحرقوا أعلام أميركا وإسرائيل والإمارات، في رد فعل على الدعم الإقتصادي والسياسي الإماراتي لمصر بعد الإطاحة بحكم الجماعة، بالإضافة إلى تصنيف حكومة الإمارات جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا.

قوتنا في وحدتنا

وشهد حي العمرانية الشعبي في الجيزة صدامات بين الشرطة والإخوان، الذين خرجوا منددين بما سموه "الإنقلاب العسكري"، وأعلنوا دعمهم لمرسي الذي رفعوا صورًا له، كتب عليها "الرئيس الشرعي". كما خرج مئات آخرون في تظاهرات في مدن ومحافظات الإسكندرية وبني سويف والمنيا والجيزة والفيوم والعبور والشرقية.

وتظاهر المئات من أهالي قرية العدوة مسقط رأس مرسي، ورفعوا صوره، والمصاحف، وهتفوا "مرسي رئيسي"، "ويسقط حكم العسكر".

وتأتي تظاهرات الإخوان تلبية لدعوة ما يعرف بـ"التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الإنقلاب"، الذي دعا أنصاره إلى التظاهر اسبوعًا بدأت في 19 تشرين الثاني (نوفمبر)، بالتزامن مع ذكرى أحداث محمد محمود.

وقال التحالف في بيان له تحت عنوان "قوتنا في وحدتنا": "أيها الثوار أيها المعتقلون.. أوصلت انتفاضتكم بالسجون والميادين والجامعات رسالتها العادلة والقوية، وما زالت ثورتكم تمضي بقوة في طريقها، تسير على درب الشهداء وتجدد العهد على القصاص العادل، فطوبى لكم والنصر حتما قدركم باذن الله، وليترقب الانقلابيون بركان الغضب المتتابع حتى الانتصار بعد اشعال نار الانتقام واستمرار الجرائم والاقتحامات ونزيف الدم".

الحق فوق القوة!

وأضاف بيان التحالف: "لن يجدي السعار الدموي والأمني نفعًا، ولن تتحقق أحلام العسكر على حساب شباب هذا الجيل المجيد، وسيحيق المكر السيئ بالانقلابيين الذين أضاعوا الدين والدنيا، فشعوب الأمة تنتفض ضد الحلف الصهيوأميركي وعملائه، ولن تتوقف بإذن الله عز وجل، حتى ينتصر الحق، لأن الحق فوق القوة".

وتابع بيان التحالف، الذي شهد إنهيارًا واضحًا بسبب انشقاق غالبية الأحزاب الإسلامية المكونة له، ومنها حزبا الوطن والوسط: "وحدة صفوفنا تحقق أهدافنا، والقصاص من مبارك الأول والثاني وعصابتهما مطلبنا، فلنكمل ثورتنا، لنحيا كرامًا، فلننطلق في أسبوع ثوري جديد بدءًا من الجمعة لتهيئة مناخ الحسم ووحدة الصف الشعبي تحت عنوان قوتنا في وحدتنا، ترفرف فيه اعلام مصر وشعار رابعة الصمود، ولتحرق فيه أعلام أميركا والعدو الصهيوني والامارات، ولندعم غضبة الجامعات، ولنستعد لما هو آت"، في إشارة إلى الإستعداد لتظاهرات 28 نوفمبر الجاري، التي دعت إليها الجبهة السلفية وباركتها جماعة الإخوان.

فتنة عظيمة

أصدر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بيانًا بعنوان "بيان للناس، بشأن دعاوى رفع المصحف في يوم 28 نوفمبر"، قال فيه: "في خِضَمِّ هذه الأحداث التاريخيَّة التي تُحيط بنا وبالإسلام، وفي ظلِّ فتن يتولَّى كبرَها أناسٌ تخصَّصوا في الاتِّجار بالدِّين، وتفنَّنوا في تمزيق الأمَّة شِيَعًا وأحزابًا باسم الشريعة المظلومة أحيانًا، أو التوحيد المُفتَرى عليه أحيانًا، أو الإسلام الذي شوَّهوه أحيانًا أخرى، وفي ضوء ما أعلَنَه هؤلاء من الدعوة إلى رفع المصاحف في الثامن والعشرين من هذا الشهر، نُؤكِّدُ أولًا أن هذه الدعوة ليست إلا إحياءً لفتنةٍ كانت أوَّلَ وأقوى فتنةٍ قصَمت ظَهرَ أمَّةِ الإسلام ومَزَّقتها، وما زالت آثارُها حتى اليوم، الفتنة نائمةٌ لعَن الله مَن أيقَظَها، والسعيدُ - كما جاء في سنن أبي داود - مَن جُنِّبَ الفتنةَ التي لا تَصُبُّ إلا في مصلحة أعداء الأمَّة، ويكون الدِّين فيها لغير الله. ففي صحيح البخارى عن ابن عمر - رضى الله عنه - أنه أَتاهُ رَجُلانِ في فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالا: "إِنَّ النَّاسَ ضَيَّعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ، وَصَاحِبُ النَّبِى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا يَمْنَعُكَ أن تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: يَمْنَعُنِى أن اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي، فَقَالا: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39] فَقَالَ: قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وَكَانَ الدِّينُ للَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أن تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ".

دعوةٌ إلى جهنم

أضاف بيان الأزهر: "ثانيًا، إن هذه الدعوة ليست إلا اتِّجارًا بالدِّين وإمعانًا في خِداع المسلمين باسم الشريعة وباسم الدِّين، فهي دعوةٌ إلى الفوضى والهرج، ودعوةٌ إلى تدنيس المصحف، ودعوة إلى إراقة الدماء، قائمة على الخداع والكذب، وهو ما حذَّرَنا منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أربعة عشر قرنًا".

وتابع: "ثالثًا، إن هذه دعوةٌ إلى جهنم، ودعاتها دُعاة إلى أبواب جهنم، مَنْ أجابهم إليها قذَفُوه فيها، وقد بيَّنَهم لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في ما رواه البخارى ومسلم في صحيحيهما عندما سأله الصحابى الجليل حُذَيفة بن اليمان عن الشر مخافة أن يُدرِكَه فقال - صلى الله عليه وسلم: 'نعم؛ دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها، قلت: يا رسول الله، صِفْهُم لنا؟ قال: هم من جِلدَتِنا، ويتكلَّمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".