يلجأ محقّقو أجهزة الاستخبارات الغربية لكشف هويات الجهاديين الأجانب، الذين ينتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، وباتوا يظهرون مكشوفي الوجه بشكل متزايد، يلجأون إلى طرق متشعبة، تجمع بين وسائل التحقيق التقليدية والبرامج المعلوماتية.


باريس: أكّد القضاء الفرنسي أن الفرنسيين مكسيم هوشار وميكايل دوس سانتوس، هما من بين الجلادين في شريط الفيديو، الذي بثه الأحد تنظيم الدولة الإسلامية عن قطع رؤوس حوالى عشرين جنديًا سوريًا ورهينة أميركي، لكن بعض الخبراء يبدون شكوكًا تتعلق بالثاني. ظهر في شريط فيديو جديد بث الأربعاء ثلاثة شبان آخرين من تنظيم الدولة الإسلامية، مكشوفي الوجوه، وهم يدعون باللغة الفرنسية مسلمي فرنسا إلى الالتحاق بصفوف "الجهاديين".

تقاطع بيانات
ويقول القضاء البلجيكي في المقابل إنه لم يظهر أي بلجيكي في الشريط الأول، على رغم الشبه الشديد بين أحد منفذي عملية الذبح وشاب من ضاحية بروكسل. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال آلان شويه، المسؤول السابق في المديرية العامة للأمن الخارجي، جهاز الاستخبارات الفرنسي، "يجري ذلك بالنسبة إلى كثير من الأمور وفق الطريقة القديمة، أي عبر عمل تقوم به الشرطة بالاستناد إلى شهادات وصور وتقاطع معلومات".

ثمة برامج معلوماتية للتعرف إلى الأشخاص من خلال الوجه، لكنه يقول "لا تتم عملية تحديد هوية شخص ما برمشة عين". إلا أنه يعترف بأن هذا البرنامج المعلوماتي مفيد إذا ما توافرت "قاعدة بيانات مرفقة بكثير من الصور" التي تتيح إجراء مقارنات.

حول هذه النقطة، يشدد كلود مونيكيه، المسؤول السابق الآخر في المديرية العامة للأمن الخارجي والمدير المشارك للمركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمنية في بروكسل، على عمل البحث وتوثيق "كل الصور المتاحة، سواء كانت تحقيقات وأشرطة فيديو دعائية او صور مشبوهين". ويضيف "ثم نقارن صور الشخص الذي نريد تحديد هويته ببنك المعطيات".

خريطة الوجه
يوضح مونيكيه أن "المعلومات التي تتوافر خلال استخلاص المعلومات من الرهائن المفرج عنهم، تتيح أيضًا إضافة معلومات جديدة إلى قاعدة البيانات". ويتابع هذا الخبير إن البرامج المعلوماتية تتيح إجراء تحليل للشكل. وقال "يمكننا تقسيم الوجه لإجراء مقارنات مع ما يتوافر لنا. نستطيع أن نجعل من شخص عجوزًا ونغيّر مظهره، أي تكبير حجمه أو جعله نحيفًا، ووضع لحية له، وتصويره أصلع". وأضاف إن "تحليل اليدين يمكن أن يكون أساسيًا أيضًا، لأنه انطلاقًا من هذا العنصر وحده يستطيع اختصاصي أن يحدد بدقة هوية شخص ما".

يفضل آلان شويه أن يشدد على أهمية "خبرة الأشخاص الذين يعملون على الأرض" وتبادل المعلومات والتعاون بين أجهزة شرطة الاتحاد الأوروبي لمتابعة تحركات الجهاديين. لكنه يقلل من أهمية هذا الجانب الأخير، معتبرًا أن هذا التعاون الأوروبي "لا يسير بشكل رائع".

يتطرق إريك دينيسي، مدير المركز الفرنسي للبحوث حول الاستخبارات، في تصريح لوكالة فرانس برس، إلى البرامج المعلوماتية المتعلقة بالتعرف إلى الأشخاص من خلال الوجه، التي تعمل - كما يقول - "بنسبة 90/95% إذا لم يكن الوجه مدهونًا بمساحيق التجميل، وإذا لم تحصل عملية تجميل سينمائية". ويوضح أن هذا البرنامج المعلوماتي يقيس "الانفراج بين العينين وعرض الوجه وارتفاعه"، وكل ما يساعد على عملية تحديد هوية الشخص.

اللهجة والأقارب
وفي ما يتعلق بمن يسمّى "جون الجهادي"، الذي ظهر ملثمًا ويرتدي ثوبًا أسود ويتحدث بلكنة بريطانية، في أشرطة الفيديو المتصلة بقطع رؤوس غربيين، تمكن خبير من أن يحلل لهجته، و"يحدد بذلك من أين أتى"، كما قال جان - شارل بريسار الخبير في المسائل المتعلقة بالإرهاب.

ثمة أيضًا المصادر البشرية. فوالدة ميكايل دوس سانتوس، الذي اتخذ اسمًا حركيًا، هو أبو عثمان، قد تعرفت إليه في شريط الفيديو، كما قال جان-شارل بريسارد. لكن خبراء آخرين يعتبرون أن الشبه ليس صاعقًا، وأن الجهادي يتحدث بلغة عربية رفيعة المستوى بالنسبة إلى شخص اعتنق الإسلام حديثًا، ونشأ في عائلة فرنسية-برتغالية كاثوليكية.

ويعد تحليل شبكات التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك) جزءًا أيضًا من الأدوات التي تتيح تحديد هوية الجهاديين. وبذلك يتوصل الصحافيون عبر هذه الطريقة إلى تحديد هوية البعض منهم، كما حصل مع مكسيم هوشار. أما دوس سانتوس، الذي تستمر الشكوك حول وجوده في شريط الفيديو، فمن المؤكد وجوده في سوريا مع تنظيم الدولة الإسلامية.