يفرض التوسع الانساني في دبي تحديات أهمها تقديم خدمات راقية، على رأسها اليوم خدمات المدينة الذكية، التي تسعى لتسخير التكنولوجيا أكثر فأكثر في خدمة الانسان.


ساره الشمالي من دبي: يتضاعف عدد سكان دبي، وعدد الشركات التي تتخذ منها مقرًا، مرة كل 4 سنوات، إذ ارتفع عدد مشتركي الهاتف المحمول في الإمارات بنسبة 50 بالمئة، من 9,4 ملايين إلى 14,8 مليون مشترك، بين العامين 2009 و2014، في حين تمثل شبكات الإنترنت السريعة المتحركة 55 بالمئة من إجمالي الاتصالات الخلوية.

تحديات جديدة

فرض هذا الأمر تحديات كبيرة على دبي، لأن التعامل مع مستويات نمو عالية بهذا الشكل يضع ضغوطًا هائلة على الجهات الحكومية، لا سيما في مجالات التخطيط الحضري والنقل والطاقة والمياه والصحة العامة.

وفي ضوء المؤشرات الاقتصادية الراهنة، وفوز دبي باستضافة إكسبو 2020، من المتوقع أن يتواصل هذا التوجه مستقبلًا.

بالمقابل، دبي في وضع جيد لتحقيق الاستفادة الكاملة من التطورات التكنولوجية المشهودة في العقد الماضي، ولتسخيرها في التعامل مع التحديات الحضرية غير المسبوقة التي تنتظرها.

تسخير التكنولوجيا

ونقلت صحيفة "البيان" الاماراتية عن أندريا بيتي، نائب الرئيس الإقليمي للصناعة والمجتمع في شركة إريكسون بالشرق الأوسط، قوله: "سبق أن أشار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في معرض حديثه عن مشروع مدينة دبي الذكية إلى أهمية تسخير التكنولوجيا لصنع واقع جديد في دبي وتكوين نموذج جديد في التنمية، مؤكدًا توفير هذه الخدمات لكل طفل وأم وشاب ورجل أعمال وسائح، لصنع نوعية حياة جديدة للجميع، مشيرًا إلى أن إدارة المدن اليوم تحتاج لأدوات جديدة وفكر مختلف وإبداعات من نوع جديد".

وإلى جانب النمو والتوسع في استخدام حزم البيانات عالية السرعة، تساهم تقنيات الاتصال المتحرك والحوسبة السحابية وأجهزة الاستشعار في المدينة الذكية بتقريب المسافات بين السكان والهيئات الحكومية وتتيح توسيع نطاق الخدمات الحضرية أكثر من ذي قبل.

مساعدة في الابداع

اضاف بيتي: "المشاركة في عدة مشاريع للمدن الذكية، مثل سانتاندر وباريس وستوكهولم وكأس العالم في جوهانسبرج وأولمبياد لندن 2012، أتاحت صياغة ملامح أهداف مستقبلية واضحة تمهد الطريق أمام النمو الاقتصادي طويل الأمد، وتعزز تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وتحسن مستويات المعيشة".

وهو يرى أن تقنيات الاتصال السلس وتطبيقات توافر المعلومات تساعد على إبداع أفكار جديدة واعدة ونماذج مبتكرة للأعمال التجارية، وتضمن أن يقتصر ذلك على الأفكار والنماذج التي من شأنها تحسين حياة المواطنين ودعم الازدهار.

وتابع: "العوامل الرئيسة لنجاح مبادرة المدن الذكية تشمل تحديد أهداف شمولية، وترجمة الرؤى إلى مبادرات محددة، وتطوير منصات تستقطب مختلف الأطراف المعنية بالتحول إلى المدن الذكية، وتحديد مهام واضحة لمختلف قطاعات المدينة الذكية".

خارطة تخيلية

ورسم بيتي خارطة طريق تخيلية: "لنتخيل نطاق مدينة ذكية لا حدود له تقريبًا، حيث يجري استعراض أبرز ملامح الإمارة أمام سائح يسافر على طيران الإمارات قبل هبوط الطائرة، عبر مقطع فيديو ترحيبي يشرح بالتفصيل مزايا مدينة دبي الذكية غير المحدودة. يمكن للسائح بلوغ نقطة مراقبة الجوازات عبر اتباع خارطة إلكترونية تفاعلية معززة بنظام تحديد المواقع في الأماكن المغلقة، ومن ثم يركب سيارة الأجرة، حيث تعرض الشاشة داخل السيارة معلومات حول وجهته واسم فندقه".

اضاف: "استنادًا لرقم هاتفه المحمول وتفضيلاته التي تم تسجيلها أثناء قيامه بالحجز على موقع طيران الإمارات، يجري تسليط الضوء على أكثر العوامل إثارة لاهتمامه على شاشة سيارة الأجرة، ويتم تقديم بعض المعلومات الترحيبية ذات الصلة بها، وفي الفندق، يحييه الموظف باسمه شخصيًا، إذ يكون نظام هيئة الطرق والمواصلات أعلم الفندق مسبقًا باسمه ووقت وصوله ورقم سيارة الأجرة التي يستقلها، ليستكمل عملية التسجيل في الفندق من خلال رقم هاتفه المحمول، وتضاف رسوم سيارة الأجرة إلى فاتورة غرفته".

اليوم التالي

وتابع بيتي، بحسب "البيان": "في صباح اليوم التالي، يتم إيقاظ السائح بناء على جدول مواعيده، ويجري تقديم قائمة بالفعاليات الهامة والمعالم السياحية التي قد يرغب برؤيتها والعروض الخاصة في المدينة على تلفزيون الفندق وعلى حاسوبه اللوحي".

يجري تحديث هذه المعلومات بشكل آني ومتواصل بحسب المكان والوقت خلال اليوم، فضلًا عن تقديم لمحة حول الأنشطة السياحية استنادًا إلى الاقتراحات السابقة واستجابة السائح إليها.

وكلما كانت استجابة السائح أكبر، جرى تقديم المزيد من الاقتراحات ذات الصلة. وفي الوقت نفسه، يجري تعديل تفضيلاته في قاعدة البيانات استنادًا إلى استجابته وتفاعله وعاداته، حتى يحقق أفضل استفادة من وقته خلال زيارته.

منصة تعاملات موحدة

هذا ليس خيالًا، بل واقعًا تعمل دبي على أن يكون ملموسًا قريبًا. فتقنيات الاتصال تتيح تطوير منصة تعاملات موحدة تساهم في إثراء الحياة اليومية للسكان. وستواصل المعلومات كونها مقوما ًمحوريًا، ولكن هذا سيرتبط على نحو أكبر بالبنى التحتية، مثل الطرق والسكك الحديدية والمطارات وشبكات الطاقة والاتصالات والطرق السريعة.

وتقول "البيان" إن تطوير مرافق خدمات المعلومات في دبي يشكل خطوة محورية في رحلة التحول إلى الأنظمة الذكية في قطاعات مثل الخدمات اللوجستية والنقل، فضلًا عن فتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية ومصادر متجددة للطاقة والمياه.

ومنصة التعاملات الموحدة لامركزية إلى درجة كبيرة، تسمح لمختلف الأطراف المعنية بالعمل بشكل مستقل على وضع أسس استراتيجيتها التجارية المنفردة. كما تضمن القدرة على المساهمة في تقديم تجربة متميزة للجميع، سواء كانوا سياحًا أو رجال أعمال أو مشترين أو بائعين أو مجرد عابري طريق.