زاد اقبال التونسيين على مراكز الاقتراع بعد الظهر، بعد اقبال محتشم تم تسجيله صباحًا، في اول اقتراع لهم لانتخاب رئيس بشكل مباشر.


إسماعيل دبارة من تونس: ازداد اقبال التونسيين على مراكز الاقتراع بعد الظهيرة، بعد تقارير اعلامية تحدثت عن اقبال ضعيف للتصويت في الانتخابات الرئاسية اليوم الأحد.

وتوافد الناخبون التونسيون على مراكز الاقتراع للتصويت في أول انتخابات رئاسية مباشرة تمثل آخر خطوات الانتقال إلى الديمقراطية بعد انتفاضة 2011 التي أنهت حكم زين العابدين بن علي الذي استمر 23 عاما.

وبعد مرور قرابة 4 سنوات على نهاية حكم الحزب الواحد في عهد بن علي، أصبحت تونس "نموذجاً للتحول" في المنطقة من خلال وضع دستور جديد واتباع سياسة التوافق وتفادي الاضطرابات التي تواجه جيرانها.

ويتنافس في هذه الانتخابات خصوصًا محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المنتهية ولايته، والباجي قائد السبسي مؤسس ورئيس حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية التي أجريت في 26 تشرين الاول/اكتوبر الماضي.

تضارب في نسب الاقبال

منذ الصباح الباكر، تحدثت تقارير مراقبين واعلاميين عن "ضعف شديد" للاقبال في بعض محافظات تونس، لكن سرعان ما عبر مسؤولون في هيئة الانتخابات عن أملهم في ارتفاع نسبة الاقبال على التصويت بعد الظهيرة، وهو ما لاحظه كثيرون بالفعل.

ويقول مواطنون إن نسبة الاقبال هذه المرة لن تبلغ بأي حال ذات النسبة التي تم تسجيلها في الانتخابات التشريعية.

وهذه أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) وبن علي (2011-1987).

وقال مهدي جمعة رئيس الحكومة غير الحزبية التي تقود تونس منذ مطلع 2014 وحتى اجراء الانتخابات العامة: "هذا يوم تاريخي، إنها أول انتخابات رئاسية في تونس بمعايير ديمقراطية متقدمة".

وصرح للصحافيين إثر خروجه من مكتب اقتراع بالعاصمة تونس "الانتخابات الرئاسية هي مرحلة من مراحل استكمال المنظومة الديمقراطية المبنية على الاختيار الحر".

ودعا مهدي جمعة شباب تونس الى المشاركة "بكثافة (في الانتخابات الرئاسية) لاختيار مستقبلهم"، قائلاً "يجب ان يقرروا أن يراقبوا وأن يحاسِبوا".

وكانت نسب مشاركة الشباب "المحبط" من السياسة والسياسيين، وفق باحثين اجتماعيين، ضعيفة في الانتخابات التشريعية الاخيرة.

ودعي الى الانتخابات الرئاسية نحو 5،3 ملايين ناخب بينهم 389 ألفًا يقيمون بالخارج ويتوزعون على 43 دولة.

إخلالات

إلى ذلك، اتهمت الحملة الانتخابية للرئيس التونسي المنصف المرزوقي الاحد انصار المرشح للانتخابات الرئاسية الباجي قائد السبسي بالتخطيط لمهاجمة الرئيس المنتهية ولايته خلال قدومه الى احد المراكز الانتخابية.

وقالت الحملة في بيان "تعرض مكتب الاقتراع في المدرسة الابتدائية بالقنطاوي (140 كلم جنوب تونس) لعملية تهجّم من قبل أنصار نداء تونس عمدوا إلى منع عدد كبير من الناخبين من ممارستهم لحقهم الانتخابي".

وقال البيان ايضا ان انصار قائد السبسي "كانوا يتهيؤون لمهاجمة الدكتور منصف المرزوقي عند قدومه قصد التشويش على عملية الاقتراع".

ودان البيان "هذه التصرفات غير الديموقراطية"، وأهاب "بكل المرشحين وأنصارهم الالتزام بالروح الرياضية والتحلي بالسلمية حتى نعطي لديموقراطيتنا الناشئة صورة أفضل".

وافاد صحافيون في فرانس برس كانوا في مكان الحادث ان الشرطة ابعدت عن مكتب الاقتراع تظاهرة مناهضة للمرزوقي من دون تسجيل اي حادث يذكر.
&

وفي وقت سابق،&قالت حملة الرئيس الحالي المنصف المرزوقي في بلاغ تلقت "إيلاف" نسخة منه إن بعض الاخلالات شابت الاقتراع.

وقال بيان الحملة: "شهدت عملية الاقتراع للانتخابات الرئاسية في الساعتين الأوليين هدوءًا عامًا وانسيابية معقولة، مع وجود بعض الإخلالات وقد لاحظنا أن أهم تلك الإخلالات تتمثل في:

الضغط على الناخبين والتأثير عليهم بالتوصيات الصريحة والجهرية أو بالايحاء والاشارة في اتجاه تصويت معين أو التأثير المتعمد والمتكرر في صفوف الناخبين كتوزيع قصاصات تحمل رقم المترشح لتوجيه نوايا التصويت".

ومضى بيان حملة المرزوقي قائلا: "تبقى أكبر الإخلالات التي حصلت لحد الآن ما ورد عن إيقاف شخص في أحد مراكز الإقتراع في منزل بورقيبة يحمل رزمة من الأوراق الدوارة ووقع تسليمه الى منطقة الأمن بالجهة
كما وقعت نفس الحادثة في أحد مراكز الاقتراع في المروج بتونس".

اجراءات أمنية مشددة

نشرت السلطات التونسية عشرات الالاف من عناصر الجيش والشرطة لتأمين مراكز الاقتراع.

وسبق أن هدد متطرفون بإفشال الانتخابات واستهداف عناصر الشرطة والدرك والجيش.

وتخوض تونس منذ سنتين صراعًا داميًا مع "جهاديين" يتمركزون على الحدود التونسية الجزائرية، وخلفت المواجهات عشرات القتلى من الجانبين.

تنافس شديد

ويتنافس في الانتخابات الرئاسية 27 مرشحًا بينهم امرأة وحيدة هي القاضية كلثوم كنو.

وعلى الرغم من انسحاب خمسة من المرشحين، ابقت هيئة الانتخابات على اسمائهم في بطاقات التصويت لانهم انسحبوا "بعد الاجال" القانونية وبعد طباعة البطاقات وتوزيعها، حسب ما اعلنت "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".

ويعتبر الباجي قائد السبسي (87 عامًا) المرشح الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية.

وقائد السبسي سياسي مخضرم شغل حقائب وزارية مهمة كالداخلية والخارجية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. كما تولى رئاسة البرلمان بين 1990 و1991 في عهد بن علي.

وقال قائد السبسي بعد وضع بطاقة التصويت في الصندوق بأحد مكاتب الاقتراع في العاصمة تونس "تحيا تونس" وهو شعار حملته الانتخابية.

ويأمل هذا السياسي في ان يسهل فوزه مهمة حزبه في تشكيل حكومة ائتلاف.

وحصل نداء تونس على 86 مقعدًا من إجمالي 217 من مقاعد البرلمان الجديد.

ولا يملك الحزب الاغلبية (109 مقاعد) التي تمكنه من الحكم بمفرده.

ولم يقدم حزب "حركة النهضة" الاسلامي، الذي حكم تونس من نهاية 2011 الى بداية 2014 وحلّ ثانيا في الانتخابات التشريعية بحصوله على 69 مقعدًا في البرلمان، مرشحًا للانتخابات الرئاسية.

وأعلن الحزب انه لن يدعم اي مرشح وأنه يترك لأتباعه حرية انتخاب رئيس "يشكل ضمانة للديموقراطية".

ويقول خصوم حركة النهضة إنها تدعم بشكل "غير معلن" المرشح المستقل محمد المنصف المرزوقي، وهو أمر تنفيه الحركة.

وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على "الأغلبية المطلقة" من أصوات الناخبين أي 50 بالمائة زائداً واحداً، تجرى دورة انتخابية ثانية في أجل اقصاه 31 ديسمبر/كانون الاول القادم، يشارك فيها فقط المترشحان الحائزان على المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى، بحسب القانون الانتخابي.

ويقول هذا القانون انه في حال حصول عدد من المرشحين على نسبة متساوية من الاصوات في الدورة الاولى "يتمّ تقديم المرشح الأكبر سنًا، أو التصريح بفوزه إذا كان التساوي في الدورة الثانية".

وبحسب هذا القانون، يتعين على "الهيئة العليا المستقلة لانتخابات" إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في أجل اقصاه ثلاثة أيام بعد اغلاق آخر مكتب للاقتراع.

وأعلنت الهيئة أنها "ستسعى لاختصار هذا الأجل إلى يومين".

ومنعت الهيئة وسائل الإعلام من نشر نتائج الانتخابات الرئاسية بناء على نتائج استطلاعات رأي الناخبين التي تجريها مؤسسات محلية لسبر الآراء.

وستنهي الانتخابات الرئاسية مرحلة انتقالية استمرت نحو 4 سنوات في تونس.

وكان "المجلس الوطني التأسيسي" المكلف صياغة الدستور الجديد لتونس، والمنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الاول 2011، انتخب محمد المنصف المرزوقي رئيسًا "موقتًا" للبلاد.

وسيحكم الرئيس الجديد تونس لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وفق الدستور التونسي الجديد الذي صادق عليه المجلس التأسيسي مطلع 2014.

ولا يمنح الدستور سوى صلاحيات محدودة لرئيس الدولة لكن الاقتراع العام يمنحه وزنًا سياسيًا كبيرًا. كما يتمتع الرئيس بحق حل البرلمان اذا لم تحصل الحكومة التي تعرض عليه لمرتين متتاليتين على الثقة.

وفي 2013 اندلعت في تونس ازمة سياسية حادة إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عشرات من عناصر الامن والجيش في هجمات نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين.

واضطرت الحكومة التي كانت تقودها حركة النهضة الى الاستقالة مطلع 2014 وترك مكانها لحكومة غير حزبية لاخراج البلاد من الازمة السياسية.&

وتعتبر تونس استثناء في دول "الربيع العربي" التي سقط اغلبها في العنف والفوضى.