أشارت نتائج أولية للانتخابات الرئاسية التونسية عن انتقال الرئيس المرزوقي ورئيس الوزراء السابق قائد السبسي إلى مرحلة انتخابية ثانية. ومن المتوقع أن تعلن النتائج الرسمية خلال أيام قليلة. وفي حين وصف السبسي منافسه المرزوقي بأنه مرشح الجهادية السلفية، رأى أن تونس ستنقسم إلى شقين في الجولة المقبلة: إسلاميون وديمقراطيون.


إيلاف - متابعة: اظهرت نتائج أولية غير رسمية في انتخابات التونس الحرة الأولى في تاريخ البلاد، عن انتقال الرئيس الرئيس التونسي منصف المرزوقي، ورئيس الوزراء السابق ورئيس "نداء تونس"، الباجي قائد السبسي، لخوض جولة انتخابية ثانية.&
&
وكانت الهيئة المستقلة للانتخاب، شرعت في عمليات التجميع والفرز، ليتم إعلان النتائج الرسمية خلال الأيام الثلاثة القادمة. وتشير الأرقام المعلنة عقب انتهاء الانتخابات التي جرت أمس الأحد، والتي أوردها "التلفزيون الرسمي التونسي"، إلى حصول الباجي قائد السبسي، على أكثر من أربعين بالمائة من الأصوات، ومنصف المرزوقي نحو 30 بالمائة، فيما توقعت استطلاعات قام بها أكثر من مكتب استطلاع، حصول رئيس الجبهة الشعبية، حمة الهمامي، على نحو 10 بالمائة من الأصوات.
&
نتائج أولية
بدورها، قالت حملة المرزوقي إن الفارق بينه وبين السبسي ضئيل جدا، ودعت إلى عدم التسرع في إعلان نتائج الانتخابات، وكان الرئيس المرزوقي قد صرح إنه تأهل إلى دور ثان، مع قائد السبسي، داعياً من سماها القوى الديمقراطية إلى الالتفاف حوله في الدور القادم.
&
ويحظى المرزوقي بشعبية في أوساط ترفض عودة "تقديس الرئيس" كما كان الحال في عهد بن علي أو خلفه بورقيبة اللذين كان مجرد انتقادهما يعرض صاحبه الى المتاعب.&وخلال الحملة الانتخابية، طرح المرزوقي نفسه كحصن منيع ضد عودة "النظام السابق" الذي يقول ان الباجي قائد السبسي يمثّله.

وأعلن محسن مرزوق مدير حملة قائد السبسي في مؤتمر صحفي مساء الاحد ان "الباجي قائد السبسي هو بحسب التقديرات الاولية، متصدرُ السباق بفارق كبير" عن اقرب منافسيه الذي لم يسمه، مؤكدا ان قائد السبسي "ليس بعيدًا كثيرًا عن الـ50%" المطلوبة لحسم المعركة من الدورة الاولى. في المقابل قال عدنان منصر مدير حملة المرزوقي في مؤتمر صحافي "في ادنى الحالات هناك تماس (تعادل) بيننا، وفي الحالات الجيدة نحن متفوقون (على نداء تونس) بنسبة (مئوية) تتراوح بين نقطتين وأربع نقاط".
&
وانتقد منصر نتائج استطلاعات رأي نشرتها وسائل اعلام محلية، وأشارت الى تقدم قائد السبسي على المرزوقي، معتبرا ان الهدف من نشرها هو دفع المراقبين التابعين لحملة المرزوقي الى الانسحاب من مراكز الفرز، ما يسهل "تزوير" النتائج على حد تعبيره.& وأعلن معهد "مؤسسة 3 س" أن الباجي قائد السبسي جاء في المركز الأول وقد تحصل على نسبة 48.8%، يليه في المركز الثاني المنصف المرزوقي بنسبة 26.90%.
&
اشادة بالشفافية
وأشاد الاتحاد الأوروبي، الأحد، بإجراء الانتخابات الرئاسية في تونس، داعيا الناخبين إلى "إكمال العملية الانتخابية بشفافية واحترام"، وقالت فيديريكا موغيريني، وزيرة خارجية الاتحاد في بيان، إن "الانتخابات الرئاسية تشكل مرحلة إضافية في الانتقال الديمقراطي".
&
وجرت الاحد في تونس أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ البلاد التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1956- 1987) وبن علي (1987-2011). &ودعي للمشاركة في هذه الانتخابات نحو 5،3 ملايين ناخب. وهنأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري الشعب التونسي على إجراء الانتخابات الرئاسية في بلاده.
&
ورحب في بيان له بالتزام الشعب التونسي بكافة اطيافه السياسية بالديمقراطية وقال "طريق تونس الديمقراطي سيظل مصدر الهام لجميع من في المنطقة وحول العالم". واكد كيري استمرار بلاده في دعم تونس في المرحلة الانتقالية التي تمر بها وتقديم المساعدات الاقتصادية والامنية للشعب التونسي.
&
المرزوقي يستقطب "الجبهة الشعبية"
ودعا محمد المنصف المرزوقي مساء الاحد "كل القوى الديمقراطية" الى دعمه في الدورة الثانية حتى يفوز على قائد السبسي. وقال المرزوقي "أتوجه الآن الى كل القوى الديمقراطية التي ناضلت معي وناضلت معها طيلة الثلاثين سنة الماضية من أجل دولة ديمقراطية حقيقية من أجل القطع مع الماضي (..) أطلب منها الان أن تلتف حول مرشح الآن. أنا أصبحت الآن مرشحها الطبيعي".
&
وقرأ مراقبون دعوة المرزوقي على أنها موجّهة بالأساس الى "الجبهة الشعبية" (ائتلاف لأحزاب يسارية راديكالية) التي قالت استطلاعات راي انها حلت في المركز الثالث. ومساء الاحد اعلن حمة الهمامي مرشح الجبهة الشعبية للانتخابات الرئاسية ان الجبهة ستجتمع "في أسرع وقت" لبحث تحديد تعليمات انتخابية جديدة للدورة الثانية. وأضاف المرزوقي "يجب ان تكون الحملة الانتخابية المقبلة من أرفع مستوى ممكن. أنا أطلب من الطرف المقابل (قائد السبسي) أن يعطي التعليمات (..) حتى لا نشوّش على بعضنا، وليكون النقاش من أعلى طراز ممكن في إطار الاحترام الممكن (..) على (أساس) برامج، وافكار وقيم، لا على سب أو شتم".
&
والاحد اتهمت الحملة الانتخابية للمرزوقي انصار قائد السبسي بالتخطيط لمهاجمة الرئيس المنتهية ولايته خلال قدومه الى احد المراكز الانتخابية بمنطقة القنطاوي (140 كلم جنوب العاصمة). وافاد صحافيون في فرانس برس كانوا في مكان الحادث ان الشرطة ابعدت عن مكتب الاقتراع تظاهرة مناهضة للمرزوقي من دون تسجيل اي حادث يذكر.
&
ويعتقد أنصار "نداء تونس" أن "حركة النهضة" الاسلامية، التي حلت الثانية في الانتخابات التشريعية، التي أجريت يوم 26 تشرين الاول/اكتوبر الماضي، تدعم بشكل غير معلن المرزوقي في الانتخابات، فيما تنفي الحركة ذلك. ولم تقدم النهضة التي حكمت تونس من نهاية 2011 الى بداية 2014، مرشحا للانتخابات الرئاسية وقالت انها تركت لانصارها حرية انتخاب رئيس "يشكل ضمانة للديموقراطية".
&
اختصار المدة
وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على الهيئة الانتخابية اعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في أجل اقصاه ثلاثة أيام بعد اغلاق آخر مكتب للاقتراع أي يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر. لكن الهيئة اعلنت أنها "ستسعى إلى اختصار هذا الأجل إلى يومين".
&
ووفق هذا القانون، وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على "الغالبية المطلقة" من أصوات الناخبين، أي 50 بالمائة زائد واحد، تجرى دورة انتخابية ثانية في أجل اقصاه 31 ديسمبر/كانون الاول المقبل يشارك فيها فقط المرشحان الحائزان المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى. وينص القانون الانتخابي على انه في حال حصول عدد من المرشحين على نسبة متساوية من الاصوات في الدورة الاولى "يتمّ تقديم المرشح الأكبر سنا، أو التصريح بفوزه إذا كان التساوي في الدورة الثانية". وتقدّم الى الانتخابات الرئاسية 27 مرشحا انسحب خمسة منهم.
&
وهذه أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس، التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط، هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) وزين العابدين بن علي (2011-1987).
&
السبسي: الإسلاميون مقابل الديمقراطيين
اتهم الباجي قائد السبسي المرشح الاوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية، التي أجريت الأحد في تونس، الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي منافسه الرئيس في الانتخابات، بأنه مرشح الاسلاميين و"السلفيين الجهاديين". ولم تعلن الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات بعد عن النتائج الرسمية، إلا أن مديري الحملتين الانتخابيتين لقائد السبسي والمرزوقي اعلنا انهما سيتنافسان في الدور الثاني، المقرر تنظيمه قبل نهاية كانون الاول/ديسمبر المقبل.
&
وقال قائد السبسي (87 عامًا) في تصريح الاثنين لاذاعة "إر إم سي" الفرنسية "من صوّتوا للمرزوقي هم الاسلاميون، الذين رتبوا ليكونوا معه، يعني اطارات (حزب حركة) النهضة (..) والسلفيون الجهاديون (..) ورابطات حماية الثورة، وكلها جهات عنيفة". ورابطات حماية الثورة، مجموعات محسوبة على الاسلاميين، حلها القضاء التونسي في أيار/مايو الماضي، لضلوعها في اعمال عنف، استهدفت اجتماعات ونشطاء احزاب معارضة علمانية.
&
ولم تقدم حركة النهضة مرشحا للانتخابات الرئاسية، وأعلنت انها تركت لانصارها حرية انتخاب رئيس "يشكل ضمانة للديموقراطية". ويعتقد خصوم الحركة التي حلت الثانية في الانتخابات التشريعية الاخيرة، ان "النهضة" تدعم بشكل غير معلن المرزوقي في الانتخابات، في حين تنفي الحركة ذلك. وأصرّ الباجي قائد السبسي على أن "كل الاسلاميين اصطفوا وراءه (المرزوقي)" في انتخابات الأحد. وتوقع قائد السبسي ان تونس ستنقسم خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الى "شقين اثنين: الاسلاميون من ناحية، وكل الديمقراطيين وغير الاسلاميين من ناحية اخرى".
&