فجر السفير الإسرائيلي في عمّان قنبلة موقوتة في العلاقات بين البلدين التي ترتبطان بمعاهدة سلام، وذلك بتصريحات سخر فيها من مجلس النواب الأردني و"اهتماماته الهامشية".


نصر المجالي: انتقد السفير الإسرائيلي دانيال نيفو قراءة مجلس النواب الأردني الفاتحة على روح منفذي الهجوم على الكنيس اليهودي في القدس المحتلة، قائلاً: يتوجب عدم أخذ سلوك نواب البرلمان الأردني بجدية كبيرة، مدعياً أن رجل الشارع الأردني لا يتعامل مع هؤلاء النواب بجدية.

ورفض رئيس مجلس النواب الأردني، المهندس عاطف الطراونة الرد على ما اعتبره "مهاترات" السفير الإسرائيلي، وأكد أن الرد المناسب على مثل تصريحاته المسيئة لمؤسسة وطنية دستورية تمثل ركنا أصيلا من السلطة التشريعية، يجب أن يأتي من الحكومة.

وتناقلت مواقع الكترونية خبرا عن استدعاء وزارة الخارجية الأردنية للسفير الإسرائيلي للاحتجاج على تصريحاته، لكن بياناً رسمياً لم يصدر بذلك، كما عُلم أن السفير موجود حالياً في تل أبيب.

وقال موقع (عمون) الالكتروني إن الخارجية الاردنية استدعت السفير عبر الطرق الرسمية لعقد لقاء عند الساعة الثانية بعد ظهر الثلاثاء في مبنى الوزارة، لاستيضاح التصريحات التي اوردها على اذاعة إسرائيل.

من جهته صرح وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الخارجية بالوكالة الدكتور محمد المومني انه ومنذ ساعات الصباح وجه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور بضرورة التعامل بحزم مع الموضوع.

وأوضح في حديث لـ(عمون) ان "ما اعاق عملية استدعاء السفير لاتخاذ الاجراءات الدبلوماسية المناسبة، وجوده خارج البلاد"، مؤكداً "أن الأردن لا يقبل الإساءة الى أي من مؤسساته تحت أي ظرف كان".

وأكد المومني أن الحكومة لا تقبل ولا بشكل من الأشكال التطاول أو المس بالسلطة التشريعية بأي كلمة، مؤكداً أن هذه التصريحات المنسوبة على لسان السفير الاسرائيلي ونقلتها وسائل اعلامية "لا تخدم مصلحة احد وتزيد من التوتر

رد حكومي

وقال رئيس مجلس النواب الأردني في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن الحكومة هي من يجب أن تقوم بالرد "المناسب" على مثل تلك التصريحات التي تمثل تدخلا سافرا في شؤون الأردن من جانب احتلال ننظر له بعداء ما دام يمثل تحديا لأمن واستقرار المنطقة.

تغيير عنوان الأزمة

واعتبر الطراونة أن ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات نواب وسياسيين الأردنيين تأتي في سياق المحاولات الإسرائيلية المتكررة لتغيير عنوان الأزمة، مشددا على أن الأزمة تتمثل بـ"استمرار مسلسل الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق الأشقاء الفلسطينيين، واستمرار الاعتداءات السافرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومماطلة الإسرائيليين في الالتزام باستحقاقات السلام العادل والشامل، والالتزام بمسارات التفاوض على قضايا الوضع النهائي بإعلان قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة والتعويض للاجئين".

وأكد الطراونة أن على الحكومة تحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية والدبلوماسية، وأن تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة للرد على التطرف الإسرائيلي.

وقال إن الإسرائيليين يعلمون جيدا ما تمثله فلسطين بالنسبة للأردن ملكا وشعبا، وهي الشقيقة التي تربطنا معها كل مشاعر الأخوة والوحدة الموضوعية، وأن مواصلة إسرائيل للانتهاكات الخطيرة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، هو مساس بمشاعرنا جميعا، وانتهاك صارخ لأهم بنود اتفاقية السلام الموقعة.

التلكؤ الحكومي

وأوضح الطراونة أن التلكؤ الحكومي في التعامل مع السفير الإسرائيلي منذ حادثة استشهاد القاضي الاردني زعيتر، والاعتداء الوحشي على أهلنا في قطاع غزة، ومرورا بالتصريحات المترددة لمسؤولين حكوميين حيال مسلسل الاعتداءات على المقدسات في القدس والمسجد الاقصى، تسبب في حالة العنجهية في تصريحات السفير الإسرائيلي الذي يعرف جيدا إنه بحكم غير المرغوب بوجوده شعبيا.

وشدد الطراونة على أن "جلالة الملك عبد الله الثاني جسد حالة الدفاع العربية الوحيدة عن القضية الفلسطينية، حيث لا نسمع من أحد تصريحا مناصرا للقضية الفلسطينية، بينما جلالته ما زال يجوب عواصم القرار الدولي ليعري مواقف الاحتلال الإسرائيلي، ويكشف زيف ادعاءات وكذب هذا الاحتلال المتغطرس في سعيه للسلام".

وأكد الطراونة أن الصمت الدولي على السياسات الأحادية للجانب الإسرائيلي هي السبب الأساسي في استمرار انتهاكاته المتطرفة بحق الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني من أقدم احتلال لأرضه وسيادته وكرامته في العالم.

وفيما قال الطراونة بأنه ينتظر الرد الحكومي على السفير الإسرائيلي في عمان، أكد استمرار مجلس النواب في موقفه الثابت من الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتكثيف الجهود البرلمانية لحمل هذه الرسالة، ومساندة جهود جلالة الملك على هذه الجبهة التي تمثل واحدة من أهم ثوابتنا السياسية والتزاماتنا التاريخية تجاه الأشقاء الفلسطينيين.

وثمن الطراونة جهود زملائه في مجلس النواب، في دعم صمود الأشقاء الفلسطينيين، مشددا على استمرار المجلس في تسخير كل امكاناته لخدمة الشعب الفلسطيني ومؤسساته، ودعم مطالبه العادلة في حياة كاملة الكرامة على أرض كاملة السيادة.

نيفو يسخر

وكان السفير الإسرائيلي في الأردن دانيال نيفو سخر من البرلمان الأردني وأعضائه، قائلاً إن هذا البرلمان ونوابه يهتمون فقط في الأمور الهامشية.

وفي معرض تعليقه على قيام أعضاء البرلمان بقراءة سورة الفاتحة على روح منفذي الهجوم على الكنيس اليهودي في القدس المحتلة، قال نيفو إنه يتوجب عدم أخذ سلوك نواب البرلمان الأردني بجدية كبيرة، مدعياً أن رجل الشارع الأردني لا يتعامل مع هؤلاء النواب بجدية.

وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي الأحد، قال نيفو: "الانطباع لدى الناس في الأردن أن كل ما يعني النواب هو مصالحهم الشخصية، وينظرون إلى تصعيدهم ضد إسرائيل على هذا الأساس".

وزعم نيفو أن أعضاء البرلمان لا يريدون إرسال رسالة لإسرائيل فقط إلى الديوان الملكي للتأكيد له أن البرلمان له موقف آخر من العلاقة مع إسرائيل.

وهاجم نيفو بشكل خاص النائب الأردني خليل عطية، الذي قال إنه يقود حملة تحريض على إسرائيل، قائلاً أن عطية يحاول توظيف كراهيته لإسرائيل كوسيلة لتحقيق مصالح شخصية.

إعادة السفير الأردني

وتوقع نيفو أن الحكومة الأردنية ستستغل أي هدوء يحدث في القدس وتقوم بإعادة السفير الأردني إلى تل أبيب، مشيراً إلى أن الأردنيين معنيون بالعودة إلى نمط العلاقة السابق بين الجانبين.

من ناحيته نوه جاكي حوكي الذي أجرى المقابلة مع نيفو إلى أنه على الرغم من انزعاج إسرائيل من سلوك البرلمان الأردني، إلا أن ما يهمها بشكل خاص هو تواصل التعاون الأمني بين عمان وتل أبيب، الذي يتعاظم باطراد، على الرغم من الانتقادات التي يوجهها الأردن للسلوك الإسرائيلي تجاه القدس.

وفي الأخير، نقل حوكي عن مصادر إسرائيلية زعمها أن اهتمام النواب الأردنيين بمنفذي عملية غسان وعدي أبو جمل يعود إلى حقيقة أن عائلة أبو جمل يعود نسبها إلى إحدى القبائل الأردنية الكبيرة.