غداة تفجير السفير الإسرائيلي في عمّان "قنبلته الموقوتة" بسخريته من مجلس النواب الأردني، استدعت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية السفير الإسرائيلي في عمان احتجاجًا على التصريحات التي أدلى بها لوسائل الإعلام وسخر فيها من مجلس النواب الأردني.

نصر المجالي: تفاعلت تصريحات السفير الإسرائيلي لدى الأردن الموجود حالياً في تل أبيب على أكثر من صعيد رسمي وبرلماني وشعبي في عمّان. وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين أشرف الخصاونة على الرفض المطلق للمغالطات التي أدلى بها السفير الإسرائيلي في عمان دانييل نيفو وما تضمنته من تجاوزات تجاه مجلس النواب.

وكانت وزارة الخارجية في إسرائيل نفت أن يكون قد تم استدعاء سفيرها في عمان دانيئيل نيفو إلى وزارة الخارجية الأردنية الثلاثاء ليوضح ما نقل عنه من تصريحات.

لا قبول للتبرير

وأشار الناطق الأردني إلى انه تم تنبيه السفير بشأن تصريحاته ورفض مضمونها والأسلوب الذي تمت به، وأن تلك التصريحات مرفوضة ولا تقبل التبرير.

وأضاف الخصاونة في تصريح نقلته وكالة الانباء الرسمية (بترا): ان تلك التصريحات تعد مخالفة سافرة للأعراف الدبلوماسية وتجاوزًا لحدود اللياقة وأصول التصرّف الدبلوماسي المعمول بها بين الدول والحكومات وأن على السفير احترام جميع المؤسسات في الدولة والتزام الأعراف الدبلوماسية وعدم تجاوز الحدود.

ولفت الناطق الى ان الخارجية تشدّد على أن أي مساس بمؤسسات الدولة هو تجاوز مرفوض للدور الدبلوماسي والمهام المنوطة بالسفير. وتفاعلت تصريحات السفير الإسرائيلي لدى الأردن الموجود حالياً في تل أبيب على أكثر من صعيد رسمي وبرلماني وشعبي في عمّان، وسط دعوات الى طرده.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن وزارة الخارجية أن لقاءات السفير نيفو في مقر الوزارة الأردنية كانت محددة مسبقا، واصفة ما نشر في وسائل الإعلام الأردنية حول استدعائه بأنها "مناورة إعلامية".

وكانت تقارير أردنية ذكرت الاثنين أن وزارة الخارجية الأردنية قررت استدعاء السفير الإسرائيلي إلى مقر الوزارة بعد ظهر اليوم الثلاثاء للوقوف على دقة تصريحاته التي أطلقها عبر وسائل إعلام عبرية ضد مجلس النواب الأردني.

تعزية النسور

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية، حسب تقرير لـ (د ب أ) أن السفارة الإسرائيلية في عمان سلمت الخارجية الأردنية الاثنين "رسالة احتجاج واستنكار شديدة اللهجة بعد رسالة التعازي التي بعث بها رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور إلى ذوي مرتكبَيْ الاعتداء على الكنيس في القدس المقيمِين في الأردن".

ونقلت التقارير عن وزير الدولة الأردنية لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الخارجية بالوكالة محمد المومني أن ما أعاق عملية استدعاء السفير لاتخاذ الإجراءات الدبلوماسية المناسبة، "هو وجوده خارج البلاد"، مؤكداً "أن الأردن لا يقبل الإساءة إلى أي من مؤسساته تحت أي ظرف كان".

ونقل عن وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الخارجية بالوكالة الدكتور محمد المومني انه ومنذ ساعات الصباح وجه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور بضرورة التعامل بحزم مع الموضوع.

لا نقبل التطاول

وأكد المومني أن الحكومة لا تقبل ولا بشكل من الأشكال التطاول أو المس بالسلطة التشريعية بأي كلمة، مؤكداً أن هذه التصريحات المنسوبة على لسان السفير الاسرائيلي ونقلتها وسائل اعلامية "لا تخدم مصلحة احد وتزيد من التوتر".

وقال ان وزارة الخارجية ومن خلال الدوائر المختصة تابعت التصريحات التي نسبت للسفير الاسرائيلي في عمان وتضمنت اساءات ومغالطات لن يسكت عنها في حال ثبوتها، مشيرا الى ان الدائرة المختصة في الخارجية ستقف على دقة هذه التصريحات بعد عودة السفير المتواجد خارج البلاد للاردن.

واعتبر الدكتور المومني ان ما نسب من تصريحات للسفير يعد مخالفة صريحة وواضحة للأعراف الدبلوماسية وتجاوزًا مرفوضًا للدور الدبلوماسي للسفير.

واشار الى حرص الخارجية على&ان تلتزم كافة البعثات الدبلوماسية باحترام مؤسسات الدولة في الدولة المعتمدة فيها وعلى رأسها مجلس النواب والتي توفر له الحصانات الدبلوماسية المتعارف عليها في القانون الدولي وعليه ان يعلم ان الاساءة للمؤسسة التشريعية هي اساءة للاردن وقيادته.

وقال المومني رداً على ما جاء به رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة حول أن "التلكؤ الحكومي هو من تسبب بعنجهية السفير"بالتأكيد& إن الحكومة لم تألُ جهداً في الدفاع عن المقدسات الاسلامية في القدس.

وقال الوزير ان موقف الاردن واضح وحازم تجاه القضية الفلسطينية وموقف الاردن هو اقوى موقف دولة في العالم سواء في موضوع القدس او ضد الانتهاكات الاسرائيلية على الاماكن المقدسة وفي الحرب على غزة، وكذلك في حماية مصالح الاردن والاردنيين.

أمور هامشية

وكان السفير الإسرائيلي في الأردن سخر من البرلمان الأردني وأعضائه، قائلاً إن هذا البرلمان ونوابه يهتمون فقط في الأمور الهامشية.

وفي معرض تعليقه على قيام أعضاء البرلمان بقراءة سورة الفاتحة على روح منفذي الهجوم على الكنيس اليهودي في القدس المحتلة، قال نيفو إنه يتوجب عدم أخذ سلوك نواب البرلمان الأردني بجدية كبيرة، مدعياً أن رجل الشارع الأردني لا يتعامل مع هؤلاء النواب بجدية.

وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي الأحد، قال نيفو: "الانطباع لدى الناس في الأردن أن كل ما يعني النواب هو مصالحهم الشخصية، وينظرون إلى تصعيدهم ضد إسرائيل على هذا الأساس".
وزعم نيفو أن أعضاء البرلمان لا يريدون إرسال رسالة لإسرائيل فقط إلى الديوان الملكي للتأكيد له أن البرلمان له موقف آخر من العلاقة مع إسرائيل.

وهاجم نيفو بشكل خاص النائب الأردني خليل عطية، الذي قال إنه يقود حملة تحريض على إسرائيل، قائلاً إن عطية يحاول توظيف كراهيته لإسرائيل كوسيلة لتحقيق مصالح شخصية. وتوقع نيفو أن الحكومة الأردنية ستستغل أي هدوء يحدث في القدس وتقوم بإعادة السفير الأردني إلى تل أبيب، مشيراً إلى أن الأردنيين معنيون بالعودة إلى نمط العلاقة السابق بين الجانبين.

تغيير عنوان الأزمة

وفي رده على تصريحات السفير الإسرائيلي، قال رئيس مجلس النواب الأردني في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن الحكومة هي من يجب أن تقوم بالرد "المناسب" على مثل تلك التصريحات التي تمثل تدخلا سافرا في شؤون الأردن من جانب احتلال ننظر له بعداء ما دام يمثل تحديا لأمن واستقرار المنطقة.

واعتبر الطراونة أن ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات نواب وسياسيين أردنيين تأتي في سياق المحاولات الإسرائيلية المتكررة لتغيير عنوان الأزمة، مشددا على أن الأزمة تتمثل بـ"استمرار مسلسل الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق الأشقاء الفلسطينيين، واستمرار الاعتداءات السافرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومماطلة الإسرائيليين في الالتزام باستحقاقات السلام العادل والشامل، والالتزام بمسارات التفاوض على قضايا الوضع النهائي بإعلان قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة والتعويض للاجئين".

وأكد الطراونة أن على الحكومة تحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية والدبلوماسية، وأن تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة للرد على التطرف الإسرائيلي.

فلسطين والأردن

وقال إن الإسرائيليين يعلمون جيدا ما تمثله فلسطين بالنسبة للأردن ملكًا وشعبًا، وهي الشقيقة التي تربطنا معها كل مشاعر الأخوة والوحدة الموضوعية، وأن مواصلة إسرائيل للانتهاكات الخطيرة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، هو مساس بمشاعرنا جميعا، وانتهاك صارخ لأهم بنود اتفاقية السلام الموقعة.

وأوضح الطراونة أن التلكؤ الحكومي في التعامل مع السفير الإسرائيلي منذ حادثة استشهاد القاضي الاردني زعيتر، والاعتداء الوحشي على أهلنا في قطاع غزة، ومرورا بالتصريحات المترددة لمسؤولين حكوميين حيال مسلسل الاعتداءات على المقدسات في القدس والمسجد الاقصى، تسبب في حالة العنجهية في تصريحات السفير الإسرائيلي الذي يعرف جيدا أنه بحكم غير المرغوب بوجوده شعبيًا.