انتهت لجنة تقصي الحقائق في أحداث التي 30 يونيو/ حزيران 2013، وما تلاها في مصر من إعداد تقريرها، وقدمته إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأدانت اللجنة في التقرير قوات الشرطة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين معًا في أحداث فضّ اعتصام أنصار الرئيس السابق محمد مرسي في ميداني رابعة العدولة ونهضة مصر.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بعد نحو عام من البحث والتحرّي والتدقيق، انتهت لجنة تقصي الحقائق حول حقيقة أحداث ثورة 30 يونيو، وما تلاها من أحداث عنف، ورفعت تقريرًا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا الخصوص.

مسؤولية مشتركة
ووفقًا لتقرير اللجنة، الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، فإنها ركزت عملها على التحقيق في أحداث عدة، هي: الأحداث، التي أدت إلى ثورة 30 يونيو ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسي، كأحداث الحرس الجمهوري، وأحداث المنصة، وأحداث تجمعي رابعة العدوية نهضة مصر وفضّهما، وأحداث العنف والإرهاب، وأحداث سيناء، وأحداث العنف ضد النساء والأطفال، ومعاملة المحبوسين والسجناء في القضايا ذات الصلة، وأحداث حرق الكنائس والإعتداء على المسيحيين وممتلكاتهم.

واتهمت اللجنة جماعة الإخوان المسلمين بعدم التعاون معها في إثبات صحة مزاعمها، مشيرة إلى أن وزير التنمية المحلية السابق محمد علي بشر، الذي تعرّض للإعتقال في الأسبوع الماضي، رفض التعاون معها، بينما رفض خيرت الشاطر نائب المرشد المسجون أيضًا مقابلة أعضائها، ونوّهت بأنها التقت نفرًا قليلًا من أنصار الجماعة المحبوسين. وبررت اللجنة ذلك بأن جماعة الإخوان تنظر على ما حدث في 3 يوليو/ تموز 2013، بأنه إنقلاب عسكري.

وحول إعتصام أنصار مرسي في ميداني رابعة العدوية في القاهرة ونهضة مصر في الجيزة، قال التقرير إن "التجمع ضم عناصر مسلحة بأنواع مختلفة من الأسلحة النارية والسلاح الأبيض والمفرقعات والمواد الكيميائية وغير ذلك"، حسبما ورد في التقرير.

استدراج الشرطة
واتهمت اللجنة من وصفتهم بـ"المسلحين في تجمع" رابعة العدوية بإطلاق النار والمولوتوف والحجارة أثناء فضّ الإعتصام في 14 أغسطس/ آب 2013، مشيرة إلى أن مصابا وأول قتيل سقطا أثناء عملية الفضّ من جهاز الشرطة، ولفتت إلى أن الضابط محمد جودة، أصيب بطلق ناري في الوجه في الساعة السابعة وخمس دقائق، وتوفي في الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة.

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن "الشرطة تدرجت في استخدام القوة بدءًا من الإنذار واستخدام سيارات الطنين والمياه والغاز، ولم تلجأ إلى استخدام الرصاص الحيّ إلا بعد وقوع أكثر من قتيل ومصاب في صفوفها"، متهمة من وصفتهم بـ"المسلحين في التجمع" باستخدام بعض المتجمعين دروعًا بشرية، متنقلين بينهم، فأصابتهم نيران الطرفين (الشرطة والمسلحين).

تلفيق صور
كما اتهم التقرير جماعة الإخوان بالتخطيط لـ"تعطيل أجهزة الدولة وانشاء حكومة موازية، وإرهاق الأمن وكسر وزارة الداخلية لإسقاط النظام، وتشكيل قوة الدفاع الشعبي للقبض على عدد من رجال القضاء والنيابة والقيادات الأمنية ومحاكمتهم علنيًا، وتقطيع أوصال الدولة عبر قطع الطرق والمواصلات، وتبني استراتيجية الإلحاح في الإعلام في تكرار الخبر أو المعلومة حتى تصبح حقيقة، كما بثوا صورًا وشرائط فيديو لأحداث وقعت في الخارج على أنها وقعت في مصر".

وانتهت اللجنة في تقريرها إلى أن عدد ضحايا فضّ اعتصام أنصار مرسي، بلغ 607 قتلى "بعضهم من المواطنين غير المتجمعين، الذين قتلوا برصاص مسلحي التجمع"، و1492 مصابًا، "بخلاف الذين أثروا العلاج خارج المستشفيات الحكومية". ولفتت إلى أن الضحايا في صفوف الشرطة بلغ عددهم "8 قتلى و156 مصابًا". ونبه التقرير إلى أن مصلحة الطب الشرعي شرحت وصرّحت بدفن 363 جثة، مشيرًا إلى أن "باقي العدد صمم المتجمعون على دفنهم بدون تصاريح دفن ومن غير تشريح". على حد تعبير اللجنة.

وألقت اللجنة باللوم على من وصفتهم بـ"التجمع وقادته ومسلحيه والشرطة" في سقوط الضحايا، كما حمّلت بعض الضحايا أنفسهم المسؤولية. وقالت: "بعض المتجمعين يتحملون نصيبًا من المسؤولية، لإصرارهم على التواجد مع المسلحين واستخدامهم دروعًا بشرية أثناء إطلاق النار على الشرطة، ولم يمتثلوا لدعوات الخروج الآمن قبل وأثناء الفض".

تأخر الفض
كما اتهمت اللجنة الحكومة بأنها "جانبها الصواب" عندما سمحت بزيادة التجمع ومساحته ونقل مواد ومعدات تدعم تحصينه واستمراره، والتردد في عملية الفض. وفي ما يخص فضّ اعتصام أنصار مرسي في ميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة، قالت اللجنة إن المسلحين أيضًا هم من بدأوا في إطلاق النار على الشرطة من فوق أسطح كلية الهندسة، فبادلتهم الشرطة إطلاق النار.

ولفتت إلى أن أعداد الضحايا بلغت 88 قتيلاً و366 مصابًا"، منهم قتيلان و14 مصابًا من الشرطة، و23 قتيلًا و38 مصابًا من المتجمعين، إضافة إلى 63 قتيلاً و314 مصابًا في المناطق المحيطة بالميدان، "حيث دارت اشتباكات بين الخارجين من التجمع ومناصريهم وأهالي تلك المناطق والشرطة من جانب آخر".

ودعت اللجنة إلى "تعويض كل الضحايا ممن لم يثبت تورطهم في أعمال عنف أو التحريض عليه"، كما دعت إلى "سرعة الكشف عن نتائج التحقيقات في الأحداث المهمة، درءًا للفتن، ومنعًا للدعوات الخارجية إلى تشكيل لجان تحقيق دولية، والإعلان عمّا تم من إجراءات في البلاغات المقدمة من جانب بعض المتجمعين وذويهم، حتى لا يفسر ذلك على أنه تعمد لإهدار حقوقهم".

الأرض المحروقة
وفي ما يخص الهجمات على الكنائس والمسيحيين، اتهمت اللجنة في تقريرها "جماعة الإخوان المسلمين ومؤازريها" بشنها، مشيرة إلى أن حرق "52 كنسية ومنشأة كنيسة كليًا وجزئيًا، والإعتداء على 12 كنيسة ومنشأة أخرى وسلب ونهب محتوياتها"، وأشارت إلى وقوع 402 حالة إعتداء على ممتلكات المسيحيين، نصيب محافظة المنيا منها 281 حالة، ولفتت إلى أنها وثقت "29 حالة قتل في سياق العنف الطائفي".

وقالت اللجنة في نهاية تقريرها إن جماعة الإخوان المسلمين بعد عزل مرسي، "انتهجت سياسة الأرض المحروقة في الداخل، والاستقواء بالخارج، فخسرت في الأولى عطف المترددين، وسلكت في الثانية مسلكًا خاطئًا، حتى أوشكت البلاد أن تنجرف إلى حرب أهلية".

وحمّلت اللجنة "جماعات التيار السياسي الإسلامي والمجتمع والسلطة الإنتقالية (المجلس العسكري الذي قاد مصر بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك) بدرجات متفاوتة مسؤولية ما آلت إليه الأمور حتى نشبت ثورة 30 يونيو 2013".

&

&

&