مؤشرات كثيرة في إيران بدأت&أخيرًا تتنبّأ بعودة أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة، متمثلة في حملات إعادة تسويق له، عبر تنظيم زيارات شعبية إلى بيته، من قبل بسطاء مصوّرين إياه "حلّال مشاكل الفقراء"، إلا أن محللين يرجّحون أن تكون هذه مسرحية يخرجها خامنئي وهدفها التوصل إلى حلول "وسط" في الاتفاق النووي.


يُشار إلى الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد خارج بلده إلى أنه زعيم غوغائي لا يكفّ عن الزعيق، داعيًا إلى إسقاط النظام العالمي "الظالم" بقيادة الولايات المتحدة ومحو إسرائيل من الوجود وإنكار المحرقة النازية ضد اليهود.&

يُذكر أحمدي نجاد في الداخل بتركته من السياسات الشعوبية، التي أهدر فيها مليارات، بدعوى مساعدة الفقراء، وبأسلوبه الأقرب إلى أسلوب "القبضايات"، فصنع له أعداء أقوياء، وارتبط عهده بإساءة إدارة الاقتصاد الإيراني على نطاق هائل.

حملة تسويق
لكن اليوم هناك مؤشرات متزايدة إلى أن أحمدي نجاد يعتزم العودة أو ثمة من يخطط لعودته بتنظيم زيارات إلى بيته يقوم بها مواطنون بسطاء على ما يُفترض لوضع مظالمهم أمامه، فيما يتجمع حفنة أنصار على الرصيف كل يوم لاستقباله بالتصفيق حين يغادر منزله. وتُنظَّم حملة لـ"إعادة تسويق" أحمدي نجاد بتصويره حلال المشاكل، القادر على التواصل مع الفقراء.&

لكن كثيرًا من منتقدي أحمدي نجاد يقولون إنه سياسي أهوج، انتهى عهده بسجل أسود طوله ثماني سنوات. وحين تُثار مسألة عودته، فإن الإيرانيين عمومًا يتعوّذون من الشيطان. ولا يُعرف إلى أي مدى يريد أحمدي نجاد أن يذهب بلعبة العودة. لكن هناك من يراها أداة نافعة لتذكير الرئيس حسن روحاني وإدارة أوباما على السواء بمخاطر الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي.

وأشار المحلل والكاتب الإيراني أمير محبيان إلى أن أحمدي نجاد والمحافظين ممثلون في مسرحية مخرجها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن محبيان قوله إن الرسالة الموجّهة إلى روحاني تقول "أنتَ لست القوة الوحيدة في الساحة السياسية، بل هناك جماعات معارضة، وعليك التوصل إلى حلول وسط توافقية معها"، والرسالة الموجّهة إلى الولايات المتحدة والجمهوريين في الكونغرس تقول "نحن أيضًا لدينا راديكاليون في إيران مثلكم، وإذا لم تساعدوا أوباما على حل قضية البرنامج النووي، فإن الوضع سيصبح أسوأ".

استثمار أخطاء
ويرى محبيان "أن ما يساعد أحمدي نجاد على أن يكون لاعبًا حقيقيًا في هذه اللعبة هو ضعف روحاني وأخطاؤه"، مضيفًا "إن من مشاكل استراتيجية روحاني اتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء، حيث يستطيع أحمدي نجاد أن يقول "أنا وجه الفقراء والثورة"".&

هذا هو الوجه الذي يطل به أحمدي نجاد على أنصاره خارج باب منزله كل صباح. ويسعى أنصاره المحافظون إلى تصويره بمنزلة المرشد الأعلى في حرصه على العودة إلى القيم الأصيلة لثورة 1979، وتحدي قوى الاستكبار ممثلة في الولايات المتحدة.&

وتعمل قوى سياسية مؤثرة على احتواء أحمدي نجاد، وقطع طريق عودته إلى الساحة. وتمكنت هذه القوى من إجهاض محاولته أخيرًا لتأسيس جامعة باسمه. ومُنع حليفه المدعي العام السابق سعيد مرتضوي من ممارسة النشاط السياسي أو تولي مناصب حكومية بسبب دوره في موت ثلاثة محتجين عام 2009.&

ويقول محمد حسين حيدري، محرر موقع "دولتي بهار"، المؤيد للرئيس السابق، "إن الحكومة لا تسمح له بالكلام، ولكنه ما زال يتمتع بشعبية"، مؤكدًا "أن "الطريق الاجتماعي سهل عليه، ولكن الطريق السياسي صعب محفوف بالضغوط الآن". ويعمل أنصار أحمدي نجاد بلا كلل من أجل عودته، حيث التقى الرئيس السابق أو حاول اللقاء مع سياسيين وأقطاب كبار من ألوان الطيف السياسي على اختلافها، بمن فيهم الإصلاحيون.&

عاطفية أكثر
وقال عبد الرضا داوري مؤسس مجموعة إعلامية اسمها "أنصار محمود أحمدي نجاد" إن العلاقات بين الرئيس السابق والمرشد الأعلى "أكبر من الحكم، فهي علاقة قلبية".& وأضاف داوري إن أنصار أحمدي نجاد بدأوا عملية لإعادة بناء رأي عام يلتف حوله.&

لكن العقبات التي تعترض طريق عودة أحمدي نجاد ما زالت كبيرة. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونر عن طالب من الأحواز يدرس الهندسة المعمارية إنه يستطيع أن يتنفس بسهولة أكثر في ظل حكومة روحاني "لأن أنشطة شرطة الآداب أقل بكثير، ولا فرصة أمام أحمدي نجاد للعودة، لأن الشعب يريد قيودًا أقل لا أكثر".&
&