ليس اعتراف زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي ماريان لوبن أن حزبها تسلم قرضًا من روسيا إلا غيضاً من فيض، إذ إن موسكو باتت تتجه أخيرًا إلى دعم أحزاب وجبهات أوروبية معارضة، منبوذة داخل دولها، وبعضها مصنف في خانة التطرف، للضغط على سلطات دول أوروبا بالوقوف سياسيًا مع روسيا مقابل وقف هذه القروض الابتزازية.


عبدالاله مجيد: اعترفت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا بتسلم قرض كبير من روسيا، وسط أدلة متزايدة على حملة سرّية يديرها الكرملين لشراء النفوذ في السياسة الأوروبية.&

أكدت زعيمة الجبهة ماريان لوبن أنها اقترضت 9 ملايين يورو في أيلول/سبتمبر الماضي من البنك التشيكي ـ الروسي الأول الذي تملكه روسيا. وقالت لوبن إن البنوك الفرنسية والغربية الأخرى رفضت تسليف الجبهة الوطنية، التي تشير استطلاعات إلى أنها أكثر الأحزاب شعبية في فرنسا حاليًا.&

وعبّرت لوبن عن فرحها بالخطوة قائلة: "نحن سعداء باتفاقية القرض مع البنك التشيكي ـ الروسي الأول. ويأتي كشف لوبن عن القرض الروسي لحزبها اليميني المتطرف في وقت يتابع خبراء وسياسيون في أوروبا حملة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكسب أصدقاء وحلفاء، مثل الجبهة الوطنية وغيرها من الأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبي في عموم القارة الأوروبية.

مشروطة.. والقرم دليل
من جهته، قال الوزير الفرنسي السابق برونو لومير، الذي يتنافس مع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي على قيادة الاتحاد من أجل حركة شعبية، إن المقترِض "يكون مرتبطًا على الدوام بالتزام تجاه مقرضه".&

ونقلت صحيفة التايمز البريطانية عن مصادر دبلوماسية قولها إن مالك البنك التشيكي ـ الروسي الأول هو الروسي رومان بوبوف، القريب من مراكز السلطة في موسكو، ومن المستبعد أن يكون أعطى القرض للجبهة الوطنية من دون موافقة الكرملين.&

في هذه الأثناء، أشارت مصادر أوروبية أخرى إلى دعم الكرملين لحزب فلامز بيلانغ اليميني المتطرف في بلجيكا، وحزب "الفجر الذهبي" الفاشي الجديد في اليونان، وحزب جوبك الفاشي الجديد في المجر، والرابطة الشمالية اليمينية المعادية للمهاجرين في إيطاليا، وحزب الحرية اليميني المتطرف في النمسا. ودُعيت جميع هذه الأحزاب، باستثناء حزب الفجر الذهبي والجبهة الوطنية، إلى مراقبة استفتاء القرم على الانضمام إلى روسيا.&

وتحقق السلطات المجرية الآن في اتهامات بتلقي حزب جوبك، الذي يُعد من أشرس الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، تمويلًا سريًا من روسيا. وأفادت تقارير بأن موسكو تتجه الآن نحو دعم حزب البديل من أجل المانيا المناهض للاتحاد الأوروبي. وقالت وسائل إعلام ألمانية إن مؤسسة أبحاث روسية قدمت إلى الكرملين تقريرًا عن الطرق التي يمكن بها تمويل الحزب الألماني اليميني بمبيعات من الذهب في إطار حملة للتأثير في دول أساسية في الاتحاد الأوروبي.&

ابتزاز سياسي
في فرنسا، أكد جان إيف كامو، الخبير المتخصص في شؤون الجبهة الوطنية، أن موسكو تمارس نوعًا من أنواع الابتزاز، قائلًا إن بوتين يحاول توجيه رسالة إلى حكومات في الاتحاد الأوروبي، مؤداها أنه "إذا لم تقفوا معنا، فسندعم أحزابًا تشكل تهديدًا لكم".&

يشترك زعيم حزب الاستقلال البريطاني اليميني المتطرف نايجل فاراج مع مارين لوبن زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف في شغفهما بروسيا بوتين. إذ قال فاراج إن بوتين هو الزعيم، الذي يكنّ له أكبر قدر من الإعجاب.&

ويلفت تقرير مؤسسة الأبحاث الروسية بشأن تمويل حزب البديل من أجل ألمانيا إلى أن تجارة الذهب واحدة من الطرق التي يستخدمها الحزب لتمويل أنشطته، وإن بإمكان الكرملين أن يوظفها لشراء النفوذ. واقترح التقرير أن تبيع الحكومة الروسية كميات من الذهب للحزب الألماني بخسارة، أو أن تستخدم أعضاء الحزب كوسطاء في صفقات لبيع الذهب، وتدفع لهم عمولات ترفد مالية الحزب.&

وباع حزب البديل من أجل ألمانيا كميات من الذهب، تبلغ قيمتها 2.1 مليون يورو منذ تشرين الأول/أكتوبر. وفاز الحزب بسبعة مقاعد من أصل 96 مقعدًا مخصصة لألمانيا في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، وهو متحالف مع المحافظين البريطانيين في البرلمان، بحسب صحيفة التايمز.&
&