بعد التطلعات الكبرى التي اثارها وصول باراك اوباما الى البيت الابيض على صعيد المسائل العرقية، يجد الرئيس الاميركي نفسه في موقع دقيق للغاية اثر مقتل فتى اسود في مطلع اب/اغسطس برصاص شرطي ابيض.


واشنطن: "لا تقتصر هذه المشكلة على فرغسون بل تخص كل اميركا"، تلك الكلمات تكشف عن الحذر الذي يلزمه اول رئيس اسود للولايات المتحدة في تناوله مسائل تتصل بالعلاقات العرقية المعقدة في هذا البلد.

وهو يدعو الى احترام القرارات القضائية، مؤكدا في الوقت نفسه انه يتفهم غضب الذين يشعرون "عن حق" بحسب قوله بان لون بشرتهم يؤثر في طريقة تطبيق القانون عليهم.

وقال مساء الاثنين "انها مشكلات حقيقية" متحدثا عن "ارث التمييز العنصري في هذا البلد"، بعد ساعات من اعلان قرار هيئة محلفين اسقاط الملاحقات القضائية بحق الشرطي دارن ويلسون.

وتابع الرئيس "علينا ان نواجهها بدل ان ننكرها ونطمسها" منددا بحزم بأي لجوء الى العنف.

وفي فرغسون في ولاية ميزوري، كما في انحاء مختلفة من البلاد، ينتقد بعض المتظاهرين مواقف اوباما الخجولة كثيرا بنظرهم، او يأسفون لعدم حضوره الى المدينة منذ مقتل الشاب مايكل براون الاعزل في 9 اب/اغسطس في وسط الشارع برصاص شرطي.

ولا يستبعد البيت الابيض فرضية زيارة رئاسية غير انه يؤكد انها غير مطروحة على جدول الاعمال.

وقال جوليان بوند الرئيس الفخري للجمعية الوطنية لترقية الملونين، المنظمة الاميركية المدافعة عن السود، "انه خط دقيق للغاية، لكنه يتعامل معه ببراعة".

واضاف متحدثا لوكالة فرانس برس "فعل ما كان يجدر به تماما ان يفعل، وقال ما كان يجدر به تماما ان يقول" موضحا ان اوباما "لا يريد اطلاقا ان يكون +الرئيس الاسود+، يريد ان يكون رئيس كل الاميركيين".

وهي ثاني مرة منذ وصوله الى السلطة عام 2009 يتحتم على اوباما الذي انتخب بفضل دعم كثيف من الاقليات وعلى الاخص السود، التعامل مع الآمال الكبيرة المعلقة عليه في هذا الموضوع الحساس، بعد مقتل تريفون مارتن، الشاب الاسود البالغ من العمر 17 عاما في شباط/فبراير 2012 في فلوريدا برصاص حارس فيما كان يتنزه بدون اي سلاح في حي سكني.

وبعدما لزم اوباما الحذر في مرحلة اولى، عبر عن موقف شخصي في ختام الاجراءات القضائية التي افضت الى تبرئة القاتل في تموز/يوليو 2013.

وقال "قبل 35 عاما، كان يمكن ان اكون تريفون مارتن" متحدثا عن "الالم" الذي اثاره هذا القرار بين المواطنين السود.

وراى ادولفوس بريت رئيس فرع الجمعية الوطنية لترقية الملونين في سانت لويس المدينة المجاورة لفرغسون انه "في قضية تريفون مارتن، اخذ عليه منتقدوه تدخله. وهذه المرة اخذوا عليه العكس. انه في دور يتعرض فيه للانتقادات مهما فعل".

وتابع "لا يزعجني ان يلزم الرئيس الحذر بشأن حادث محدد، لكنني اتوقع منه ان يتدخل بقوة حول الحاجة الى التغيير والحوار في جميع انحاء البلاد في ما يتعلق بهذه المسألة".

وان كانت هيئة المحلفين اسقطت الملاحقات بحق الشرطي، الا ان تحقيقا فدراليا ما زال جاريا للنظر في احتمال حصول انتهاك للحقوق المدنية للضحية مايكل براون.

لكن بعد مضي ثلاثة اشهر على الوقائع، لم يتم اصدار اي استخلاصات بعد وليس هناك ما يشير الى ان السلطات الفدرالية ستباشر ملاحقات قضائية.

وعلى غرار اوباما، يواجه اريك هولدر، اول وزير عدل اسود في الولايات المتحدة، موقفا حرجا. وهو زار فرغسون منذ الاضطرابات الاولى التي تلت مقتل مايكل براون، ساعيا لتضميد جراح مدينة تعاني اعمال العنف، غير ان هامش تحركه يبقى ضيقا.

وفي حال لم تباشر اي ملاحقات فدرالية، لا بد لادارة اوباما ان تستعد لمواجهة موجة غضب جديدة.

وكان اوباما اعلن تموز/يوليو 2004 في خطاب مفعم بالامل القاه خلال المؤتمر الديمقراطي ودفعه الى مقدم الساحة السياسية الوطنية "ليس هناك اميركا سوداء واميركا بيضاء، هناك الولايات المتحدة الاميركية".

وان كان منذ ذلك الحين يشير بشكل متواصل الى التقدم الذي تم انجازه منذ الستينات، الا انه يدعو بانتظام الى "التيقظ".

وقال في 28 اب/اغسطس 2013 في احتفالات الذكرى الخمسين لخطاب مارتن لوثر كينغ الشهير "لدي حلم" انه "من اجل تعزيز مكتسبات هذا البلد، ينبغي التيقظ وليس التساهل".