فضّ مئات من عناصر مكافحة الشغب في لبنان اعتصام 40 من أهالي العسكريين المخطوفين، وفتحوا طريق الصيفي بوسط بيروت بالقوة، من دون أن يغطي ذلك على عجز الدولة اللبنانية عن استرجاع عسكرييها، مقابل مقايضة حزب الله عنصره لدى النصرة بعنصرين كان يحتجزهما.


بيروت: نفذ أهالي العسكريين اللبنانيين، الذين تخطفهم جبهة النصرة وتنظيم (داعش)، تهديدهم بإقفال مداخل بيروت، فتجمهروا منذ الثامنة من صباح اليوم في منطقة الصيفي، المدخل الشرقي لبيروت. لكنهم ما أدركوا أن القوى الامنية ستواجههم هذه المرة بالقوة.

إبعاد الاعلام

فقد فتحت عناصر مكافحة الشغب طريق الصيفي، التي كان قطعها اهالي العسكريين المخطوفين، منددين باستمرار خطف ابنائهم منذ نحو 120 يومًا، مستخدمين خراطيم المياه لتفريق الاهالي، بعدما أبعدوا الصحافيين وسيارات النقل المباشر من المكان، لمنع تصوير ونقل ما يجري، ما أدى إلى تلاسن وتدافع بالايدي بين عناصر الامن الداخلي وصحافيين أرادوا التقاط صور الاعتصام.

تدافع وإصابات

كان لافتًا حشد القوى الأمنية مئات عناصر مكافحة الشغب في المكان، ليواجهوا نحو 40 من اهالي العسكريين المعتصمين، بينهم نساء. وهذا الحشد هو الذي دفع بالاهالي إلى الابتعاد عن الطريق إلى الرصيف المقابل. فلحق بهم عناصر الأمن الداخلي وحاصروهم.

هناك، علا صراخ الأهالي، خصوصًا أن أحدهم نقل إلى المستشفى، بسبب إصابته أثناء التدافع، بينما اصيب آخرون بإصابات طفيفة. وتوجه أهالي العسكريين المخطوفين بعد فتح الطريق إلى مكان اعتصامهم في ساحة رياض الصلح، بمرافقة اجراءات امنية مشددة.

وحملوا وزير الداخلية نهاد المشنوق مسؤولية ما حصل لهم، وطالبوه بالاستقالة، وقالوا إن القوى الأمنية تجاوزت الخطوط الحمراء في اعتدائها على النساء والشباب.

مفاجئة!

وأعلن اهالي العسكريين المخطوفين احترامهم الكامل لاهالي بيروت والعاملين فيها، وقالوا: "قررنا التصعيد بناء على تحرير اسير حزب الله، ونحن قررنا التصعيد السلمي بعلم الدولة اللبنانية، وطلبوا منا فتح الطريق، وقد اتصل وزير الصحة وائل ابو فاعور وطلب فتح الطريق، وتجاوبنا بقرارنا فتح الطريق، مع العلم أن الدولة اجتمعت على قمعنا وفتح الطريق، وهي لم تجتمع على قرار اطلاق سراح المخطوفين".

وأضافوا: "نحمل الدولة مسؤولية قتل احد من ابنائهم، ولن نبلغ احدًا بعد اليوم بأي تحرك، وستكون تحركاتنا مفاجئة".

تنفيذ أمر السلطة

عبر تويتر، قالت قوى الامن الداخلي إن& المفاوضات مع أهالي العسكريين دامت ساعتين ونصف، لفتح الطريق سلميًا، "وللأسف، تم اللجوء الى تفريق أهلنا المعتصمين حفاظًا على مصالح المواطنين". وفي تغريدة أخرى، قالت قوى الامن الداخلي: "المخطوفون إخوتنا ورفاق سلاح، ونتمنى أن يعودوا الينا والى أهلهم اليوم قبل غد، وهذا الامر من مسؤولية السلطة السياسية".

وأضافت: "نحن كقوى أمن داخلي، لو كان من حقنا الاعتصام لكان الـ 27 ألف عنصر باعتصام دائم مع أهالي المخطوفين لتحرير إخوتنا. نحن في هذا النهار كنا نطبق قرار السلطة السياسية بفتح الطريق على الآلاف من أهلنا الآخرين المحتجزين في سياراتهم".

اتصال أبو فاعور

أثناء الاعتصام، اتصل وزير الصحة وائل ابو فاعور بالاهالي، ناشدهم فيه فتح الطريق، معتذرًا عن عدم حضوره لوجوده خارج بيروت، واعدًا أنه سيلتقي بهم عند السابعة من مساء السبت. وقال في حديث إذاعي: "اتفهم موقف الأهالي وقلقهم، والافراج عن أسير حزب الله خلق لهم حرقة قلب كبيرة"، متمنيًا عليهم فتح الطريق، طالبًا اعطاء فرصة للحكومة ولما تقوم به من اتصالات في هذا الشأن.

أضاف: "نحن نتحرك على طريقة الموفد القطري، وبالتالي الأوراق ليست بيد الدولة اللبنانية وكل ما طلب منا قمنا به، وتم الاتفاق في خلية الأزمة على أن الكتمان والسرية في هذا الملف أحد أبرز أسباب النتائج الايجابية".

حرج الدولة

وكان لاستعادة حزب الله أسيره عماد عياد، في مقايضة شملت قياديين في جبهة النصرة، أثره الكبير في هياج أهالي العسكريين، متهمين الحزب بعرقلة عملية المقايضة لاسترجاع أولادهم، بينما يقوم هو بالمقايضة من تحت الطاولة.

ونقلت تقارير عن مصادر خلية الأزمة، الخاصة بملف العسكريين الرهائن، قولها إن إقدام حزب الله على تحرير عيّاد مقايضةً بأسيرين لخاطفيه أوقع الدولة اللبنانية في إحراج كبير أمام أهالي العسكريين.
وأكد الأهالي ضرورة أن تتخذ الدولة اللبنانية قرارًا واضحًا في هذه القضية، لإعادة ابنائهم بأي شكل من الاشكال، "فحزب الله ليس أقوى من الدولة لكي يأتي بأسيره"، كما قالوا.