رغم الاختلافات الواسعة في وجهات النظر بين موسكو وأنقرة حول قضايا إقليمية ساخنة، وفي مقدمها الملف السوري، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور تركيا يوم الاثنين لعقد قمة مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان.&

نصر المجالي : قالت مصادر دبلوماسية تتابع ملف العلاقات الروسية التركية إن بوتين سيتحادث مع القادة الأتراك وبصفة خاصة إردوغان حول قضايا التجارة والطاقة، ونبّهت المصادر إلى أنه من الصعوبة بمكان بالمقابل "تجاوز الخلافات العميقة بشأن سوريا وشبه جزيرة القرم".
ورغم ذلك، فإن الرئيس الروسي تحدث بروح إيجابية كبيرة عن تطور العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة بشكل بناء، وشفاف، وقال انها تتسم بروح حسن الجوار.
وأشار تقرير لـ (رويترز) إلى أن سوريا والقرم تمثلان تحديا أمام العلاقات التي يحرص البلدان على استمرارها بسبب الفوائد الاقتصادية المشتركة حيث تعد روسيا مورد الطاقة الرئيسي لتركيا بينما تعد أنقرة ثاني أكبر شريك تجاري بعد ألمانيا.
ودأب الرئيس التركي على الدوام ينتقد بشدة دعم روسيا للرئيس السوري بشار الاسد، كما أنه على صعيد آخر لتركيا صلات قوية بالسكان التتار المسلمين في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في آذار (مارس) العام 2014.
&
صفقات تجارية&
وتوقع مسؤولون من الجانبين توقيع عدة صفقات خلال الزيارة في ظل رئاسة اردوغان وبوتين للاجتماع السنوي الخامس لمجلس يهتم بتحسين التجارة والعلاقات.
وقال يوري اوشاكوف كبير مساعدي السياسة الخارجية لبوتين للصحافيين يوم الجمعة ان شركة روساتوم الحكومية التي تبني أول محطة طاقة نووية في تركيا يتوقع ان تبلغ تكاليفها 20 مليار دولار ستواصل مساعيها للحصول على "وضع مستثمر" الامر الذي سيخفض الضريبة على الأرباح من 20 في المئة الى اثنين في المئة فقط.
وأضاف اوشاكوف ان تولي تركيا قريبا رئاسة مجموعة العشرين يزيد أهمية العلاقات الثنائية. وأضاف انه ستتم مناقشة قضية سوريا "بتفصيل كبير".
ومن جهته، قال حسن سليم اوزرتيم المحلل في مؤسسة يو.إس.إيه.كيه. البحثية ومقرها أنقرة ان المحادثات بشأن سوريا لن تزيد عن مجرد تبادل وجهات نظر مختلفة للغاية.

حديث بوتين&
وإلى ذلك، قال الرئيس الروسي في حديث لوكالة أنباء "الأناضول" التركية عشية زيارته إلى تركيا إنه بفضل الجهود المشتركة، تطورت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة بشكل بناء، وشفاف، وتتسم بروح حسن الجوار، والمساواة والأخذ&في الإعتبار المصالح المتبادلة.
ووصف الرئيس الروسي التدابير التقييدية الأحادية الجانب التي اتخذتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا وبعض الدول الأخرى ضد روسيا غير شرعية، مشيرا إلى أن مثل هذا الضغط يسبب ليس فقط أضرارًا اقتصادية، بل يهدد أيضا الاستقرار الدولي.
وفي معرض إجابته على أسئلة الصحافيين الأتراك، قال الرئيس الروسي، إن الوضع في سوريا لا يزال يشكل مصدر قلق جدي. وأن الخطر الرئيسي لتفاقم الوضع لاحقًا في سوريا وغيرها من الدول المجاورة مرتبط بنشاط ما يسمى بتنظيم "داعش" وغيره من الجماعات الراديكالية التي كانت بعض الدول الغربية في حينها تراهن عليها وتدعمها وتشجعها ".

مواجهة التطرّف&
وقال مصدر دبلومسي روسي إن الرئيس بوتين على قناعة بأن الجهود المبذولة للحد من التطرف والتهديدات الإرهابية يجب أن تكون مبنية على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي والامتثال الصارم للقانون الدولي وقبل كل شيء - مبادئ احترام سيادة الدولة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. ومن المهم أن يتم ذلك بشفافية ودون جدول أعمال "مخفي ".
وأكد بوتين أن روسيا تبذل جهدها، منذ بداية الأزمة في سوريا من أجل تسويتها سلميا وسياسيا من قبل السوريين أنفسهم، وعلى أساس بيان جنيف الصادر في 30 يونيو/ حزيران عام 2012، أي من خلال حوار داخلي دون شروط مسبقة وإملاءات خارجية .
وختم الرئيس الروسي تصريحاته بالقول إن موسكو ستواصل القيام بالخطوات المطلوبة لدعم الشعب السوري من أجل تجاوز الأحداث المأسوية وتحقيق الوفاق والسلام بأسرع وقت .

شريك مهم&
وقال تقرير لـ(صوت روسيا) إن تركيا كانت ولا تزال شريكا تجاريا هاما بالنسبة لروسيا. في عام 2013، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 32.7 مليار دولار.&
وأشار التقرير الى ان ما هو مطروح اليوم على جدول أعمال محادثات بوتين مع القادة الأتراك هو تحسين نوعية التبادل التجاري، عن طريق المنتجات التكنولوجية العالية، وتطوير التعاون الصناعي.&
ومن أحد الاتجاهات الواعدة - التعاون في مجال استكشاف الفضاء، ففي 15 شباط (فبراير) من هذا العام، تم إطلاق ناجح لصاروخ نقل فضائي روسي وعلى متنه قمر صناعي تركي للاتصالات "تركسات- 4A ". وفي العام المقبل، يتوقع إطلاق القمر الصناعي الثاني - "تركسات- 4B ".
&
السيّاح الروس&
وقال التقرير إن تركيا كانت على مدى عشرات السنين الأخيرة، واحدة من أكثر البلدان التي زارها السياح الروس، وقد ساعد على هذا، نظام الدخول بدون تأشيرة.&
وقال التقرير إن هذا التواصل المكثف المتعدد الجوانب - ضمان لإستمرار العلاقات الروسية التركية بغض النظر عن الوضع الآني. إنه من الطبيعي أن لا تتطابق مواقفنا بشأن بعض القضايا، أو حتى تفترق. من الطبيعي أن تتبع الدول سياسة خارجية مستقلة. في نفس الوقت، وهذا مهم جدا، أن يكون هناك فهم لأهمية الشراكة بين بلداننا وشعوبنا.&
وقالت (صوت روسيا) إن موسكو تثمن عاليا قرارات تركيا المستقلة، بما في ذلك في مجال التعاون الاقتصادي مع روسيا. الشركاء الأتراك لم يضحوا بمصالحهم الخاصة من أجل طموحات سياسية غريبة. أعتقد أن هذا موقف مدروس حقا ويتصف ببعد النظر، - لخص فلاديمير بوتين .
&