بدا النواب التونسيون غير جاهزين في أول جلسة من جلسات البرلمان الجديد، التي عقدت الثلاثاء، لتقديم مرشحيهم لرئاسة هذا المجلس، الذي انتخب أعضاؤه في أكتوبر الماضي، ما حدا بالرئيس إلى رفع الجلسة إلى اشعار لاحق لتعميق التشاور.


إسماعيل دبارة من تونس: أعلن رئيس الجلسة الأولى لـ"مجلس نواب الشعب" التونسي، علي بن سالم، رفع الجلسة الصباحية لمزيد التشاور بين النواب حول جدول أعمال الجلسة، في ما يتعلق بالترشحات لمنصب رئيس ونائبي المجلس، على أن تستأنف الجلسة عند الساعة 15 بعد الظهر. (14 بتوقيت غرينتش).

وتجرى حاليًا مشاورات مكثفة بين نواب الأحزاب الفائزة للاتفاق حول رئيس للمجلس ونائبين له، وتقول تسريبات الصحافة المحلية إنّ نداء تونس يقترح النائب محمد الناصر، في حين سترشح حركة النهضة وزيرها السابق سمير ديلو، أما الجبهة الشعبية فقد ترشح النائبة عنها مباركة البراهمي، وهي أرملة المعارض القومي محمد البراهمي الذي اغتيل في يوليو 2013 على يد متشددين.

ويهيمن حزب "نداء تونس" على 86 مقعداً بالبرلمان بعد فوزه في انتخابات جرت الشهر الماضي، متقدمًا على منافسه الاسلامي "حركة النهضة" التي حصلت على 69 مقعدًا من بين اجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغة 217.

وانطلقت صباح الثلاثاء بقصر باردو في حدود الساعة التاسعة و45 دقيقة بتوقيت غرينتش، الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب الجديد بحضور أعضاء الحكومة وممثلي الأحزاب السياسية وشخصيات وطنية وازنة، إلى جانب رؤساء عدد من منظمات المجتمع المدني والهيئات الدستورية.

وتوجه علي بن سالم أكبر النواب سنًا، والذي تأثر إلى حد البكاء، بالشكر للمجلس الوطني التأسيسي على الجهود التي بذلها لصياغة الدستور الجديد للبلاد قبل أن يحيل كلمة الافتتاح الرسمي الى مصطفى بن جعفر رئيس "المجلس الوطني التأسيسي"، الذي يحلّ نفسه بتسلم البرلمان الجديد لمهامه.

دعا بن جعفر مجلس نواب الشعب إلى الإسراع في المصادقة على قانون "مكافحة الإرهاب" نظراً لأن المجلس التأسيسي لم يتمكن من انهائه لضيق الوقت، رغم أنه تم قطع أشواط كبيرة فيه. وقد تم في مستهل الجلسة تسليم رئاسة المجلس إلى النائب الأكبر سنًا علي بن سالم (نداء تونس) بمساعدة أمل سويد (حركة النهضة) وشكيب باني (نداء تونس) باعتبارهما أصغر النواب.

كما دعا بن جعفر النواب الى العمل وسط مناخ من التوافق مقترحًا في هذا الصدد الحفاظ على لجنة التوافقات التي احدثت بالمجلس التأسيسي خلال فترة مناقشة الدستور، وأوصى بن جعفر باعتماد الشفافية في اعمال مجلس الجديد والتفاعل بايجابية مع مكونات المجتمع المدني الى جانب فرض المؤسسة النيابية لهيبتها من خلال تكريس دورها الرقابي بعيدًا عن الضغوطات عبر تكريس الاستقلالية المالية والادارية، كما دعا الى اعداد نظام داخلي له جدوى وفاعلية.

واكد بن جعفر أن تونس نجحت في تأمين التداول السلمي على السلطة وفي تنظيم الانتخابات التشريعية والدور الأول للرئاسية، وقال في هذا الصدد: "تونس اليوم امام امتحان جديد على درب تكريس الديمقراطية، وأن أمام المجلس النيابي الجديد تحديات عديدة وانتظارات كبيرة".

رفع الجلسة

ورفعت الجلسة الافتتاحية على أن تستأنف أشغالها بعد ذلك لمواصلة النظر في جدول اعمال الجلسة.

وكان النائب عن حركة "نداء تونس" صاحب الاغلبية في البرلمان الجديد، محمد الفاضل بن عمران، قد طلب من رئاسة المجلس رفع الجلسة للتشاور، في ما اقترح خميس كسيلة عن نفس الحزب، ان تكون الجلسة مفتوحة، وأيد هذا الاقتراح محسن حسن عن "حزب الاتحاد الوطني الحر".

وفي المقابل، اعترض الناطق الموقت باسم "الجبهة الشعبية" اليسارية فتحي الشامخي، على تعليق الجلسة قائلاً "إن هذا التأجيل لا مبرر له"، في حين دعا النائب عن الحزب الجمهوري إياد الدهماني الى اللجوء للتصويت على مقترح "نداء تونس" برفع الجلسة.

واقترح النائب عن حزب "المؤتمر من اجل الجمهورية" (حزب الرئيس المرزوقي)، عماد الدايمي، احداث لجنة صلب المجلس لتلقي الترشحات والاشراف على عملية فرز الاصوات، وذلك قبل فتح باب الترشحات للخطط المذكورة.

غياب مريب للمرزوقي

غاب الرئيس التونسي المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي، المرشح للانتخابات الرئاسية، عن الجلسة الافتتاحية لـ"مجلس نواب الشعب"، أول برلمان منتخب منذ ثورة 2011، بسبب عدم تلقيه دعوة لحضور الجلسة، حسب ما اعلن مدير حملته الانتخابية عدنان منصر.

وكتب منصر على فايسبوك": "لم تتم دعوة رئیس الجمهوریة لحضور الجلسة الافتتاحية للبرلمان المنتخب. حسب التنظيم الموقت (للسلطات) الذي لا يزال ساري المفعول، لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يذهب الى المجلس دون دعوة".

وأضاف: "كثر يعرفون ذلك ويتصرفون وكأنهم لا يعرفون. يُفترض أننا ندير دولة بمؤسساتها ونواميسها وليس مزرعة عائلية، ولكن منطق المزرعة العائلية العائد إلينا من الماضي الكريه يروق كثيرًا من الناس في ما يبدو".

ولم تتوضح بعد أسباب هذا الغياب المفاجئ للرئيس المرزوقي، إذ أشار كثيرون إلى أنه من غير المحتمل أن يسهو رئيس المجلس التأسيسي عن دعوة رئيس الجمهورية لحدث بارز كهذا.