ليس غريبًا أن يحتل لبنان المركز 136 بين الدول الأكثر فسادًا في العالم، فالفساد مستشر في النفوس بين الموظفين والسياسيين، أما حملات بعض الوزراء في محاربة هذا الفساد فتبقى غير كافية.

بيروت: لبنان بين الدول الأكثر فسادًا فقد حلّ في المركز 136 بين الدول الأكثر فسادًا في العالم وفقًا للمؤشر التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2014، ومع قيام بعض الوزراء اللبنانيين كوزير الصحة وائل بو فاعور وكذلك وزير المال علي حسن خليل بمحاربة الفساد في الغذاء والقطاع المالي والعقاري، هل نشهد محاربة حقيقية لهذا الفساد أم يبقى الفساد مستشريًا في النفوس أولاً ولا يمكن بالتالي معالجته؟

ويقول الخبير لويس حبيقة لـ"إيلاف" إنه مع قيام الحملات الوزارية ضد الفساد فإن الإدارات اللبنانية ليست مهيأة حتى الآن للقضاء على الفساد نهائيًا في لبنان، لأن الإدارات غير مهيأة لذلك وكذلك فإن السياسيين غير مهيئين أيضًا، لأن السياسيين هم من يحمون الفساد في الإدارات، ولكن ما يجري اليوم من محاولات للقضاء على الفساد إنما نشجعه كثيرًا رغم أنه لن يتأتى بأي نتيجة جدية، غير أن مجرد الحديث عن الموضوع إنما يخيف المرتشين والفاسدين قليلاً، ويضع حدودًا غير مباشرة للموضوع.

ويلفت حبيقة إلى أن المشكلة الأساس في الفساد اللبناني هي أنه لا يمكن التضحية بالموظفين الصغار الذين يتم توقيفهم اليوم، في وزارة المال، فهؤلاء انما ارتشوا في العقارات والجمارك لأنهم كانوا محميين من السياسيين أنفسهم.

حاجة لبنان لمحاربة الفساد

وردًا على سؤال ما الذي يحتاجه لبنان اليوم لمحاربة الفساد جديًا في مختلف إداراته؟ يجيب حبيقة:" لا يمكن أن يحل الموضوع إلا إذا اقتنع الشعب اللبناني بضرورة محاربة الفساد. فالشعب اللبناني ظاهريًا يتحدث عن ضرورة محاربة الفساد لكنه عمليًا يشجع الأمر، وليس مزعوجًا منه.

فالجميع يتحدث في المجتمع عن أن "الآدمي" غشيم، و"الحرامي" شاطر، فلا تزال تلك العقلية الفاسدة سائدة لأننا مجتمع لا توجد فيه مؤسسات حقيقية، لذلك فالمواطن يجب أن تكون لديه معارف في الإدارة ومع السياسيين كي يصل إلى حقوقه. ويؤكد حبيقة أننا ضمن حلقة مفرغة من الفساد بين السياسيين والموظفين الفاسدين.

الفساد مستشر في لبنان

ولدى سؤاله هل أصبح الفساد مستشريًا في لبنان لدرجة لا يمكن فيها معالجته؟ يجيب حبيقة المعالجة يجب أن تبدأ من الشعب اللبناني، من خلال انتخابات نيابية شفافة، لأن الطقم السياسي الموجود هو بمثابة "فالج لا تعالج". ويجب على الشعب اللبناني أن ينتخب طاقمًا سياسيًا لا علاقة له بالفساد، لذلك محاربة الفساد صعبة في لبنان.

دور الحملات

أي دور لكل تلك الحملات الوزارية في محاربة ولو جزء بسيط من الفساد في لبنان؟& يجيب حبيقة دورها هامشي، ولا يمكن أن نصدق اليوم أن الفساد ستتم محاربته جديًا في وزارة المال وفي العقارات، والسجل العقاري والمساحة، ولكن هذا قد يجعل الناس تخاف وتفكر مرتين قبل القيام بعمليات احتيالية جديدة.

ويلفت حبيقة إلى أن التوعية ضد الفساد ضرورية، من خلال المدارس والجامعات. وبرأي حبيقة المجتمع لدينا يسوّق للفساد، ولن نشهد في المستقبل وطنًا خاليًا من الفساد.