تمامًا كما يتخفّى المجرمون خلف النقاب لينجوا بجلدهم وإرهابهم، كذلك يفعل السلفيون المتطرفون باختبائهم خلفه لينشروا تزمّتهم.


محمود العوضي من ​الكويت: استغل السلفيون المتطرفون فكرة النقاب من أجل بسط تزمّتهم على العالم الإسلامي، وتحقيق مآربهم وأهدافهم والنيل من حقوق المرأة. هذا ما كشفه المفكر الإسلامي الدكتور أحمد صبحي منصور في حلقة بعنوان "فضح السلفية.. العصر العباسي من النقاب إلى الفجور"، ضمن برنامجه "أهل القرآن"، الذي يبثه على الانترنت.

تزمّتان أنتجا النقاب
قال منصور إن العصر العباسي شهد كتابة الأديان الأرضية، "وكان فقهاء وأئمة ذلك العصر ينسبون كلامهم إلى الله والرسول على غير الحقيقة". والأمر المثير للجدل هو أنه بعد مرور مئات الأعوام على العصر العباسي، ما زال بعض واعظي وأئمة الإمارات يعيشون بفكرهم المظلم في عباءة ذلك العصر.

أضاف منصور: "عرف العصر العباسي التطرّف في التزمّت، وعرف التطرف في الانحلال، من خلال الجواري، وهذان التطرفان أنتجا النقاب، ففي هذا العصر ظهر أئمة الفقه والحديث والسنّة والتشيّع، وظهرت حركة الفقهاء والأئمة البكائين، الذين قالوا إن خف المرأة عورة، وإن ظفرها ويديها عورة، وكل ما فيها عورة، والسلفيون اليوم يقولون إن وجه المرأة عورة كفرجها".

وأوضح قائلًا: "في العصر العباسي، انتشر التطرف في الحانات، ليس فقط للبغي والزنا وشرب الخمر، إنما وصل إلى درجة الشذوذ الجنسي، وكان هناك صراع بين التطرف والانحلال، فطبّق التنقب، وانتهى السفور بلبس النقاب". وقال إن النقاب نوعان: نقاب حسي ونقاب عقلي مغلق عند السلفيين.

&شمعة وغاز

تستّر رجال ونساء بالنقاب لارتكاب جرائم مخزية حول العالم، متخفين وراءه عن عيون الكاميرات والناس، ليفرّوا بجريمتهم من دون الكشف عن هوياتهم أو هوياتهن.

ففي نيسان (إبريل) 2013، وقعت محاولة تفجير عيادة طبية داخل عمارة سكنية وسط مركز أيت باها في المغرب. وأفادت مصادر الشرطة بأن سيدة بنقاب لا يبرز ملامح وجهها وضعت قنينة غاز وشمعة موقدة داخل مرحاض العيادة، قبل أن تغادر المكان في زمن قياسي.

أضافت المصادر عينها أن الطبيبة، صاحبة العيادة، شكّت في تصرفات السيدة، التي ولجت العيادة بشكل يثير الارتياب، فتعقبتها بعد خروجها من المرحاض، ليصدمها مشهد شمعة مشتعلة بجوار قنينة ينبعث منها غاز البوتان. بحثت الشرطة في محيط العيادة عن الفاعلة المفترضة، بناء على الأوصاف التي أدلت بها الطبيبة، من دون جدوى.

خطفت "الواد"
في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي، قامت منقبة مجهولة باختطاف طفل رضيع من داخل مستشفى مغاغة العام في المنيا في مصر. ويفيد البلاغ المقدم للشرطة بأنه أثناء تواجد أم وطفلها في مستشفى مغاغة العام لتوقيع الكشف الطبي عليها، وصرف حصة الألبان المخصصة للأطفال على نفقة الدولة لطفلها وعمره شهر واحد، ولدى دخولها حجرة الكشف الطبي، تركت رضيعها لسيدة منقبة متوسطة الطول والجسم في العقد الرابع من العمر. وحين عادت، كانت المنقبة قد اختفت خاطفة الرضيع.

تشديد التدقيق
في تونس، قررت وزارة الداخلية في خلال العام الجاري تشديد عمليات التدقيق في هويات المنقبات في الأماكن العامة، بعد تخفي إرهابيين في النقاب للهروب من قبضة السلطات الأمنية. رحّب المسؤولون الدينيون بالقرار، الذي أطلق سجالًا حول حدود الحرية الشخصية، خصوصًا مع تزايد عدد السيدات المنقبات بعد الثورة في تونس.

إلا أن وتيرة الاعتراض تراجعت تدريجًا بعدما ضبطت الشرطة رجلًا في مدينة أريانة قرب العاصمة في لباس امرأة منقبة، وهو متورط في جرائم عنف ضد رجال الأمن، وبعدما أظهرت التحقيقات أن قاتل المعارض شكري بلعيد كان يتنقل منقبًا، وفق محمد علي العروي، الناطق الرسمي بلسان وزارة الداخلية.

المنقّب الألماني
في ألمانيا، في أيلول (سبتمبر) 2011، سطا لص متخفّ بنقاب على قاعة ألعاب في مدينة روتنغن القريبة من دوسلدورف في غرب ألمانيا، وهو يشهر مسدسًا بيد ويمد كيسًا بيده الأخرى في وجه المشرفة على القاعة، ويصرخ بصوت صعب التحديد إن كان يعود إلى رجل او امرأة، مكررًا كلمة "صندوق" 3 مرات.

وما إن نال اللص المنقب مراده حتى سجن السيدة في حمّام صالة اللعب وفرّ من موقع الجريمة. صبت هذه الحادثة في مصلحة دعاة حظر النقاب في أوروبا، حيث بدأت مقاطعة هيسن تطبيق حظر النقاب في الدوائر الحكومية، لتنضم بذلك إلى المقاطعة الألمانية الأولى بادي-فورتمبيرغ، التي نفذت قانون حظر النقاب في المدارس في العام 2004.

تمييز أسترالي
في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تخلى البرلمان الأسترالي عن مشروع مثير للجدل، اقترح وضع المنقبات في قاعات منفصلة عند زيارة الجمهور للمبنى. وكانت رئيسة مجلس النواب برونوين بيشوب، ورئيس مجلس الشيوخ ستيفن باري، أعلنا في 2 تشرين الأول (أكتوبر) قرارهما إلزام النساء بالنقاب أو البرقع أو أي خمار يغطي الوجه عند الجلوس في غرف ذات واجهات زجاجية مخصصة عادة للتلاميذ الصاخبين في أثناء زيارة البرلمان.

لقي هذا المشروع، الذي برره المسؤولان بدواع أمنية وتصاعد نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تنديدًا عارمًا من طرف جمعيات حقوق الإنسان ومكافحة التمييز العنصري.

وأكد البرلمان ضرورة إزالة الزوار كل لباس يغطي الوجه "بشكل موقت"، ليتعرف رجال الأمن إلى هوياتهم، بعدئذ يحق لهم التجوّل بحرية في الأجزاء المخصصة للجمهور في البرلمان محتفظات بغطاء الوجه.

ثورة سويدية
في آب (اغسطس) 2013، انطلقت حركة تلقائية في السويد تدافع عن حق النساء في ارتداء الحجاب، وحصلت على تأييد ناشطات مدافعات عن حقوق النساء، إلى درجة أثارت معها حيرة خصوم الإسلاميين.

وبدأ الأمر مع شكوى رفعتها امرأة محجبة حامل قالت إنها تعرّضت لاعتداء في ضواحي ستوكهولم من جانب رجل شتمها مستخدمًا عبارات عنصرية. وبعد ثلاثة أيام، استجاب مئات السويديين، معظمهم من النساء، لنداء "ثورة من أجل الحجاب" نشر على الانترنت مرفقًا بصور نساء محجبات تجاوز عددهن الألفين.

لكن عالم الاجتماع آيي كارلبون، من جامعة مالمو، قال إن السويديين متسامحون مع الحجاب، ولكن ليس مع النقاب.

&