تواصل الجدل على الساحة البريطانية حول قرار انشاء قاعدة للبحرية البريطانية في البحرين، وهو الأمر الذي كان باركه الملك حمد واعتبره وزير الخارجية فيليب هاموند بمثابة عودة قوية لشرق السويس من بعد عقود على انسحاب بريطانيا من المنطقة.


نصر المجالي: تساءل تقرير صحفي نشر في لندن، الثلاثاء، عمّا إذا كانت القاعدة البحرية البريطانية في البحرين ستحقق أية فائدة، وما إذا كانت تعتبر دليلاً على استمرار المصالح البريطانية في الخليج والشرق الاوسط رغم قرار مغادرة المنطقة الذي اتخذ في حقبة الستينيات من القرن الفائت، لكنه يتساءل أيضاً هل غادرت بريطانيا المنطقة بالفعل؟

ويعود التقرير الذي كتبه في صحيفة (ديلي تلغراف) الكاتب المتخصص في الشؤون الحربية الكسندر كلارك الى العام 1968 عندما اعلنت بريطانيا انها ستنسحب من المنطقة وسط ضغوط الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفياتي السابق علاوة على ضغوط اقتصادية آنذاك.

ويقول أيضاً إن بريطانيا اعلنت وقتها أنها ستترك منطقة المحيط الهندي وشرق آسيا علاوة على منطقة الشرق الاوسط وتركز وجودها في منطقة اوروبا والمحيط الهادئ كجهد مركزي. ويعلق كلارك على ذلك قائلاً "كدولة انتصرت في حربين عالميتين وشكلت اكبر امبراطورية عرفها التاريخ فإن خطوة مماثلة للتخلي عن النفوذ بشكل طوعي كانت غير مسبوقة".

ويسوق التقرير أيضًا عدة أمثلة لقواعد عسكرية ودول كانت تسيطر عليها بريطانيا ليخلص الى السؤال الاساس الذي حاول الاجابة عليه في الموضوع، وهو هل ستقدم القاعدة الجديدة في البحرين أي اضافة لبريطانيا؟

يقول كلارك إن لبريطانيا عدة قطع بحرية وحاملات طائرات تبحر دومًا في منطقة شرق قناة السويس، وبينها سفن ضخمة لاصلاح الاعطاب وحاملات طائرات. ويوضح التقرير أن القاعدة في البحرين ستوفر بالطبع مركزًا مستقرًا لهذه القطع البحرية وستعمل كمركز امداد ودعم ويمكنها أن تستقبل قطعًا بحرية جديدة مثل حاملة الطائرات "الملكة اليزابيث".

ويضيف أن كل هذه القطع البحرية بحاجة لقاعدة تعمل على ربط الخطوط وتجميع الامدادات واصلاح الاعطاب الكبيرة وهنا تبرز اهمية قاعدة البحرين، والتي تمثل نقطة منتصف الطريق للبوارج التي تنطلق من بريطانيا الى جنوب شرق آسيا.

ويخلص كلارك من كل العرض السابق إلى أنّ السؤال الذي ينبغي طرحه ليس مدى جدوى وجود قاعدة في البحرين، لكن هل تمتلك بريطانيا قطعاً بحرية كافية لاستغلال هذه القاعدة؟

مباركة ملك البحرين

وكان عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة بارك الترتيبات العسكرية بين حكومتي مملكة البحرين والمملكة المتحدة، والتي تهدف الى تطوير منشأة تقدم تسهيلات عسكرية للبحرية الملكية البريطانية في قاعدة قوة دفاع البحرين في ميناء سلمان.

واستقبل الملك حمد، في قصر الصخير، السبت الماضي، وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين فيليب هاموند ومايكل فالون اللذين شاركا في حوار المنامة في دورته العاشرة.

وقال عاهل البحرين إن الاتفاقية التي وقعت حول القاعدة البحرية تشكل اضافة هامة على صعيد ترسيخ علاقات البلدين الصديقين، والتي تمتد لحوالي مئتي عام، اضافة الى أنها ستسهم في توسيع آفاق التعاون البحريني البريطاني في المجالات الدفاعية والعسكرية.

كما أشاد الملك حمد بالدور التاريخي الكبير للمملكة المتحدة مع البحرين ومع الدول الشقيقة في المنطقة، في المساهمة في حفظ الأمن والسلام في هذه المنطقة الهامة من العالم كشركاء لعقود طويلة.

شراكة لأجل الأمن

ومن جانبه، كان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أكد أن الترتيبات العسكرية مع البحرين ترسخ تواجد البحرية الملكية البريطانية في البحرين ليصبح تواجدًا دائمًا. حيث تشارك البحرية الملكية البريطانية بدوريات بحرية مستمرة في الخليج منذ الثمانينات، وتستفيد من المرافق المتوفرة لها في ميناء سلمان والتي تنطلق منها للمشاركة بالدوريات.

وأضاف الوزير البريطاني: إن توسيع تواجدنا الذي تتيحه هذه الترتيبات الجديدة يعني بأنه ستكون لدينا إمكانية إرسال سفن أكبر حجمًا وأكثر عددًا، وأن نوفر الخدمات لهذه السفن وطواقمها من مرافق دائمة تابعة لنا.

وهذا يعكس التزامنا تجاه تواجدنا الدائم في منطقة شرق السويس. كما أنه يحيي بذاكرتنا العلاقات التاريخية المتينة مع البحرين، وهو مجرد مثال واحد على شراكتنا المتنامية مع حلفائنا في الخليج للتصدي للتهديدات التي نواجهها معًا.