قال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري خلال اجتماعه بطهران اليوم مع أمين عام المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن بلاده وبرغم حاجتها لدعم الاصدقاء إلا أنها ترفض تدخلهم في شؤونها الداخلية.. فيما اعتبر المسؤول الإيراني تدفق الإرهابيين على العراق مؤامرة دبّرها الاعداء لتوفير هامش أمني للكيان الصهيوني.

لندن: جرت خلال اجتماع الجبوري وشمخاني في طهران الاربعاء مناقشة الواقع الأمني والاقليمي وسبل مواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة، حيث شدد المسؤول العراقي على أن استقرار المنطقة يكمن في استقرار العراق، وأن ذلك يصب في مصلحة إيران كما يصب في مصلحة بقية دول الجوار.

وأكد على ضرورة الفصل بين مفهومي التدخل والتعاون.. موضحًا "أن العراق رغم حاجته لدعم وتعاون الاشقاء والاصدقاء فإنه يرفض تماماً أي تدخل في شؤونه الداخلية". وقال: "اننا نتطلع من خلال تطوير التعاون مع إيران الي تعزيز الاستقرار الاقليمي والتنمية الاقتصادية في العراق".

ووصف الجبوري تنظيم "داعش" بالخطر الذي يهدد المنطقة برمتها، مؤكداً أن التعاون الاقليمي كفيل بالقضاء على الإرهاب وأن جميع الاديان والمذاهب والاقوام لا بد أن تتحمل المسؤولية في هذا المجال.

من جانبه، أعرب شمخاني عن استعداد بلاده للتعاون مع العراق في جميع المجالات خصوصًا في الجانب الأمني، وبما يخدم مصلحة البلدين الجارين. وقال إن النهج الذي تعتمده المرجعية العليا في العراق، وتشكيل القوات الشعبية، كفيلان بدحر الإرهاب والجماعات المسلحة وارساء اسس الأمن المستدام في العراق. وأضاف أن تدفق الإرهابيين على العراق مؤامرة دبرها الاعداء للتصدي لعزم وإرادة الشعب العراقي وتوفير هامش أمني للكيان الصهيوني.

جماعات في العراق مدعومة إيرانيًا تسيء للبلدين

وفي هذا المجال أيضًا، فقد أبلغ الجبوري أعضاء مجلس الشورى الإيراني أن جماعات في العراق توحي بأنها تعمل لصالح إيران تسيء إلى العراق باختراق سيادته، وإلى إيران باستفزاز العراقيين بالتدخل في شؤونه.. وطالب بتسليح العشائر السنية&العراقية وتشكيل أفواج قتالية نظامية منها لتحرير المناطق المحتلة من قبل داعش.

جاء ذلك خلال مباحثات اجراها الجبوري مع رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني تناولت المخاطر التي تواجه المنطقة والتحديات التي يشكلها الإرهاب على أمن واستقرار دولها.

وقال الجبوري في مؤتمر صحافي مشترك مع لاريجاني، عقب محادثاتهما في طهران الليلة الماضية، إن&العراق مستعد لبناء علاقات فاعلة ومستمرة ودائمة مع إيران، مشددًا على ان أمن المنطقة مسؤولية جماعية تتطلب رؤية متفق عليها لدحر الارهاب.

واعتبر الجبوري تنظيم "داعش" الارهابي خطراً يواجه الجميع ويجب القضاء عليه.. مشيرًا إلى أنّ أمن المنطقة مسؤولية جماعية ولا بد من رؤية متفق عليها لدحر الارهاب. وقال: "نحن قادرون على صنع الامن والاستقرار والخطر سيزول بتكاتف ابناء العراق، وان عملية الاستقرار في المنطقة سينتفع منها الجميع، ومستعدون لبناء علاقات فاعلة ومستمرة ودائمة مع إيران".

وأشار إلى "أنّ العراق مقبل على مرحلة من الاستقرار الامني والانفتاح على المنطقة".. وقال إن "علاقاتنا مع الدول تقوم على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وسنعمل على معالجة مشكلة هبوط اسعار النفط بالطرق المتاحة".

من جانبه، أكد لاريجاني أن التعاون بين بغداد وطهران لمكافحة الارهاب لم يكن قولاً دون العمل.. مشددًا& على وجوب أن تكون الساحة مفتوحة لكل من يريد مواجهة الارهاب في العراق. وأضاف: "نؤمن بأن هناك تهديدات للمنطقة تحتاج إلى ترتيبات بين دولها، واذا كانت الارادة متوفرة لمواجهة الإرهاب فهذا أمر مرحب به". وقال إن "التطورات الاخيرة في موضوع الارهاب خلقت ظروفاً للمزيد من التعاون&بين طهران وبغداد".

جماعات إيران في العراق.. وتسليح السنة

وفي كلمة له في مجلس الشورى الإيراني، قال سليم الجبوري ان العراق وإيران بلدان مهمان في المنطقة والاتفاق بينهما على الرؤى العامة للمستقبل يمنح المنطقة فرصة اكبر للاستقرار، "كما نؤكد حاجتنا لجيراننا تحت عنوان التعاون بيننا وبينهم دون التدخل في شؤوننا الداخلية، كما وأننا لا نرضى لأنفسنا التدخل في شؤونهم الداخلية، فالسيادة أهم ما تملكه الدول ونعمل على ردم الهوة بين دول المنطقة في العلاقات وترك الخنادق الجانبية والتكاتف على مواجهة خطر الاٍرهاب المتمثل بداعش، ومن يحمل السلاح خارج نطاق القانون".

وقال "نفهم الارهاب بأنه يعبر عن أي حالة تهديد للامن والسلم المجتمعي، ونصف به كل من ينتهك حرمات وارواح المدنيين، ونعتقد بأن مسببات الارهاب من القهر والظلم والتهميش أولى بالمعالجة من مكافحته، ولذلك أطلقنا مبادرة (قانون الوقاية من الارهاب) وندعو مجلس الشورى الإيراني إلى تبنيه وتشريعه". واوضح أن الاختلاف في وجهات النظر بين الدول حالة صحية وطبيعية، ولكن غير الطبيعي ان يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف وخصومة ومنطلق للصراع.

وأضاف أن "الحدود بين العراق وإيران أحد مظاهر السيادة& للبلدين ونعمل على حفظها من أن تكون ممرًا غير شرعي من وإلى أي من البلدين، لأن ذلك يضر ببلدينا". وقال: "لقد تسبب الارهاب في التأثير على أسعار النفط والعراق، وإيران اكثر البلدان تضررًا من ذلك، وعلينا ادراك خطورة استمرار هذا التناقص ووضع خطة لإيقافه وخطة بديلة اخرى لتداعياته ونتائجه اذا ما تواصل وتفاقم".

وعلى الصعيد الأمني، أكد الجبوري أن "داعش قطرة زيت تتمدد وخطرها لن يتوقف على العراق وسوريا بل قد يطال دول المنطقة بأجمعها، وهذا ما لا نتمناه لكن يجب أن ننبه له للاحتراز، فتكاليف الوقاية اقل بكثير من خسائر المعالجات، وعلى الجميع ان يدرك انه لا يوجد رابح من الصراع في المنطقة الا أعداءها، وعلينا ادراك اننا امام مصير مشترك يهددنا جميعًا".

وحذر من "أن حالة التخندق بين دول المنطقة تضر بمستقبلها، والتفاهم مع تحمل التنازلات المتبادلة أولى من لغة صراع الإرادات والنفوذ، ومن المهم أن يعلم الجميع اننا لا نرضى أن يكون العراق ساحة صراع بين المختلفين، تتم تصفية الحسابات على أرضه، ونحن من دفع الفاتورة من دماء شعبنا".

وقال "ندرك أن هناك مراهنات لاشعال حرب طائفية في المنطقة تصب في مصلحة أعداء الاسلام،& والنخب الاسلامية بكل مذاهبها مدعوة لصياغة خطاب معتدل ومتسامح يكون حفظ الضروريات أولى أولوياته".

وأكد "أن التطرّف مرض يصيب جميع الأفكار والديانات والجميع يعاني منه، وعلى كل طرف مواجهة مظاهر التطرّف في منظومته، وللتذكير فقط فإن السنة لا يقبلون بأن تمثلهم داعش أو تتحدث باسمهم، فالفكر السني يرفض التطرّف والغُلو ونعتقد أن دعم العشائر السنية وتشكيل أفواج قتالية نظامية منهم هما الحل الوحيد لتحرير المناطق المحتلة من قبل داعش".

وأضاف: "في الوقت الذي نقف فيه موحدين ضد تنظيم داعش يجب ألا يفوتنا أن ندعو إلى ضبط& كل التجمعات القتالية الشعبية بنظام وسيطرة المؤسسة الأمنية الرسمية في العراق والمنطقة كي نحفظ مدنية وسلمية الأمة،& وحتى لا يتعسكر المجتمع".

وأشار إلى أنّ "قوة العراق بتنوعه وأي محاولات لتشويه ديموغرافية بعض مناطقه لصالح جهة على حساب أخرى ستهدم عافيته وقدرته على مواجهة المصاعب، ونحتاج إلى جميع جيراننا تحت عنوان التعاون الذي نتفق عليه وبشكل متوازن يمنحنا فرصة الانفتاح على الجميع دون ميول إلى طرف دون آخر".

واوضح أن عمليات داعش اسفرت عن شعب مهجر من& النازحين في العراق يعانون من ظروف قاسية، وأهالي المحافظات المنكوبة هم اكثر العراقيين تضررًا من آثار داعش.. وأكد أن العراقيين موحدون في هذه اللحظة اكثر من أي وقت مضى، ولا تنقصهم الا المقدرات المادية لمواجهة الأزمة.

وخاطب الجبوري اعضاء مجلس الشورى الإيراني قائلاً "أود في هذا المقام أن أكون صريحاً معكم في أن هناك في العراق جماعات توحي للناس بأنها تعمل لصالح إيران، وهي بذلك تسيء إلى العراق باختراق سيادته وإلى إيران باستفزاز العراقيين بالتدخل في شؤونه".

وكان الجبوري بدأ امس الثلاثاء زيارة رسمية لإيران تستغرق ثلاثة ايام لبحث تعاون البلدين ضد الارهاب وتطوير العلاقات بين المؤسسات البرلمانية فيهما، إضافة إلى بحث ملفات الحدود والمياه والطاقة.