كشفت إيران أنها كانت تقدمت بطلب إلى الحكومة الاسترالية قبل 14 عاماً لترحيل هارون مونس، منفذ عملية احتجاز الرهائن في سيدني، إلا أنّ أستراليا رفضت تسليمه لطهران حينها.

نصر المجالي: في خطوة للرد على كون مهاجم سيدني إيراني الأصل، صرح رئيس الشرطة الإيرانية، الجنرال اسماعيل أحمدي مجهدام، أن "مونس كان مطلوباً بجرم الاحتيال"، مضيفاً أن "هارون مونس هرب الى استراليا عبر ماليزيا في نهاية عام 1990".

وقتل مونس واثنان من الرهائن صباح الثلاثاء بعدما اقتحمت الشرطة الاسترالية مقهى لينت وسط سيدني، بعد فترة احتجاز استمرت 16 ساعة. وأكد رئيس الشرطة الإيرانية أن "مونس كان يعرف باسم محمد حسن منطقي إيران".

وقال مجهدام للصحافيين إن "مونس كان يعمل في وكالة للسياحة وللسفر حين اقترف جريمة الاحتيال"، مضيفاً أنه سافر بعد ذلك الى ماليزيا ثم الى استراليا باستخدام اسم مزور". وأضاف: " لم نتمكن من إجبار استراليا على تسليمنا مونس، لعدم توقيعنا معاهدة تتيح امكانية تبادل المجرمين بين البلدين". وتقدم مونس بطلب لجوء سياسي في استراليا، واستطاع الحصول عليه.

ويشار إلى أنّ السلطات الاسترالية فتحت تحقيقاً لمعرفة الاسباب التي تقف وراء اطلاق سراح مونس بكفالة، رغم أنه له تاريخ طويل في جرائم العنف، إلا انها أكدت عدم وجود أي دليل يثبت صلته بالحركات الاسلامية المتطرفة.

وأدين مونس بإرسال رسائل عدوانية لأهالي العسكريين الاستراليين في عام 2009، كما اتهم بمساعدته لقاتل زوجته السابقة في عام 2013، وأطلق سراحه بدفع كفالة مالية. وكان مونس يواجه 40 تهمة تحرش جنسي، إلا أنه لطالما نفى التهم المنسوبة اليه، بحسب ما صرح به محاميه السابق لـ(بي بي سي).

تقرير فارس

ومن جانبها، وفي إطار الرد على المواقف الغربية أوردت وكالة (فارس) الإيرانية الرسمية تقريرًا قالت فيه: تداعت وسائل الاعلام الغربية وصبت جل تركيزها على الهوية الإيرانية للارهابي "مؤنس" الذي اعلن رسميًا انتماءه لداعش ويمني النفس برفرفة راية التنظيم على الاراضي الاسترالية.

وقالت (فارس) إن وسائل الاعلام الغربية تجاهلت بأنها هي التي كانت قد سلطت الضوء على انضمام المئات من الاوروبيين والاميركيين للتنظيم الارهابي في العراق وسوريا، وأن مسؤولين غربيين اعربوا عن قلقهم ازاء عودتهم إلى أوطانهم.

وأشارت الوكالة الإيرانية الى انه يبدو أن وسائل الاعلام الغربية نست أو تناست بأن الداعم الاساسي سياسيًا ولوجستيًا وماليًا للمجموعات التكفيرية هم الحلفاء الاقليميون للولايات المتحدة والدول الغربية، وأن الهيكلية الاساسية لتلك التنظيمات يشكلها مواطنو تلك الدول الحليفة، كما يبدو أن الاعلام الغربي تجاهل تغطيته لموقف إيران الصارم تجاه مكافحة خطر المجموعات الارهابية في المنطقة، والذي عبر عنه في حينه بتقاطع المصالح بين إيران والغرب!.

اللجوء السياسي

ومن جهة أخرى، قالت (فارس)، إن الدول الغربية دأبت على مدى سنوات، أن تمنح "اللجوء السياسي" لكل شخص ذي هوية إيرانية، بمجرد عرضه صحيفة حكم جنائي أو ابداء بعض التخرصات على إيران، حيث ان هارون مونس أو "محمد حسن منطقي"، مدان قضائيًا من قبل القضاء الإيراني بقضايا تتعلق بالنصب والاحتيال وقضايا مالية وصدرت مذكرة القاء قبض بحقه&ولا يزال ملاحقاً، الا أن استراليا منحته حق اللجوء السياسي في عام 1996 لسوقه ذريعة تعرضه لمضايقات في إيران على خلفيته الفكرية الليبرالية.

وأضافت ان استراليا قامت بمنح محمد حسن منطقي رسميًا الجنسية بعد ما تأكدت من حسن سلوكه واستحقاقه شرف نيل جنسيتها (!)، على وقع احجام سلطات كانبيرا تسليمه الى إيران التي تلاحقه عن طريق الانتربول الدولي، بذريعة أن الملاحقة "سياسية".

واشارت الوكالة الى الفيديوهات المنتشرة على الفضاء الالكتروني، أظهرت بأن هارون مونس قد فتح عيادات للمعالجة الروحية، إذ انه استغلها للاعتداء على نسوة، والانكى من ذلك فإنه وبالرغم من هذه الكوارث الاخلاقية السلوكية لهارون مونس، قدمته وسائل الاعلام الغربية بصفة شخصية مناهضة للحرب! بهدف النيل والاستهزاء وازدراء الحركات المناهضة للحروب.

تحول عن المذهب

واشارت (فارس) إلى أنه وفي خطوة تتسق مع سلوكيات هارون مونس المثيرة للجدل، اعلن التحول عن مذهبه ومبايعته رسميًا مع "الخليفة" ابوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الارهابي في الـ 18 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والطريف أنه وبعد هذا الاعلان الخطير، فإن الحكومة الاسترالية لم تحرك ساكنًا ازاءه وتركت "داعشياً رسمياً " يجوب شوارع سيدني بكل حرية.

وقالت: واذا تفادينا اكثر التحليلات سيئة الظن، فان التحليل البريء يظهر بأن الحكومة الاسترالية كانت تترقب خلال هذه الفترة (18 نوفمبر الى 15 ديسمبر)، أي عمل من هارون مونس على غرار اعمال داعش لتوظيف الحدث سياسيًا، وسط ضرورة عدم الاغفال عن أن شخصًا متهماً بجريمة قتل واكثر من 40 سابقة اعتداء جنسي، لديه الاستعداد التام للتحول الى اداة للمجموعات أو الاجهزة في سبيل التخلص من الضغوطات التي يعانيها.

سيناريوهات جدلية

وقالت وكالة الانباء الإيرانية: لقد تعودنا على مدى سيرة الاعلام الغربي في مجال الاعلام السياسي في السنوات الاخيرة، على هذا النوع من الاكشن والسيناريوهات المثيرة للجدل، والتي تظهر في خضم الاوضاع السياسية الاستثنائية والدولية، بحيث تتصدر هذه المواضيع العناوين الاولى للاعلام الغربي على نحو مرحلي، ومن ثم تطويها غياهب النسيان تحت عنوان لغز بوليسي إستعصى على الحل، لاسيما أن الحادث تزامن مع بروز مستجدات على الصعيد الدولي وحتى الاسترالي، بدءًا من تقديم مجلس الشيوخ الاميركي تقريره حول ممارسة عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (CIA) التعذيب بحق مشتبهين بالارهاب، مرورًا بأحداث فيرغوسن، في اميركا.

وختمت (فارس) تقريرها بالحديث عن تقرير مجلس الشيوخ الاسترالي الذي اشار الى ضلوع الحكومة الاسترالية بمقتل لاجئ إيراني يدعى "رضا براتي"، حيث يبدو أن حادث احتجاز الرهائن من قبل هارون مونس من شأنه أن يلهي الرأي العام عن تلك المستجدات، وأن الحادث بالتالي سيؤرشف بأرشيف الالغاز البوليسية - السياسية للدول الغربية.