فتحت الولايات المتحدة وكوبا الأربعاء صفحة جديدة من العلاقات التي كانت مجمدة منذ حوالى نصف قرن، متعهدتين بإعادة تفعيل الدبلوماسية بينهما عبر فتح سفارات لبلديهما في البلد الآخر، وتخفيف القيود المفروضة منذ عقود عدة على التجارة والسفر إلى هافانا، وذلك بعد الإفراج عن أميركي كان محتجزًا في كوبا مقابل ثلاثة كوبيين.


واشنطن: أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الأربعاء عن فتح "عهد جديد" مع كوبا، ملتزمًا بأن يبحث مع الكونغرس رفع الحظر المفروض على كوبا منذ نصف قرن. وقال اوباما في خطاب تاريخي من البيت الابيض، ان "عزل كوبا لم يعط نتيجة"، داعيًا الى اتباع "نهج جديد" ومعلنا بالاسبانية "نحن كلنا أميركيون". من جانبه، اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون استعداد المنظمة للمساعدة على تحسين العلاقات بين الجانبين. كما عبّر البابا فرنسيس عن ارتياحه الكبير لما وصفه بانه "قرار تاريخي" وشكر كذلك اوباما على دوره في هذا التقارب.

من جهته، أعلن الرئيس الكوبي راوول كاسترو الأربعاء انه اتفق مع نظيره الاميركي باراك اوباما "على اعادة العلاقات الدبلوماسية" بين البلدين، التي قطعت قبل اكثر من نصف قرن. اضاف في خطاب بثته وسائل الاعلام الرسمية "هذا لا يعني ان (المشكلة) الرئيسة اي الحصار الاقتصادي تمت تسويتها". واشاد بالرئيس الاميركي باراك اوباما لاتخاذه خطوات لإعادة العلاقات بين البلدين بعد قطعها لأكثر من نصف قرن.

واضاف "هذا القرار من قبل الرئيس اوباما يستحق اعتراف وتقدير شعبنا" موجّهًا كلمة شكر الى البابا فرنسيس، الذي ساهم في التوصل الى هذه الخطوة. وقال "اود ان اشكر الفاتيكان على دعمه وخصوصًا البابا فرنسيس". وجاءت كلمة كاسترو بعدما توصل البلدان الى اتفاق لمبادلة سجناء تم بفضله الافراج عن المقاول الاميركي الان غروس لقاء الافراج عن ثلاثة كوبيين أدينوا بالتجسس، هم جيراردو هرنانديز ورامون لبانينو وانطونيو غيريرو.

وقال كاسترو ان الكوبيين الثلاثة، الذين تعتبرهم هافانا "ابطالا"، وصلوا الى كوبا الاربعاء. واضاف "عاد جيراردو ورامون وانطونيو اليوم الى وطنهم". وأوضح "لاسباب انسانية عاد المواطن الاميركي الان غروس اليوم ايضا الى بلاده".

وكان اوباما وكاسترو ناقشا الثلاثاء خطط الافراج عن المواطن الاميركي الان غروس المحتجز في كوبا، وثلاثة كوبيين محتجزين في الولايات المتحدة. وقال المسؤولون ان "الرئيس سيوضح نيته مواصلة هذه التغيرات في السياسة، ولكنه سيواصل كذلك دعوته الى احترام حقوق الانسان في كوبا". وكانت الولايات المتحدة فرضت حظرا تجاريا على كوبا، التي كانت عدوتها في الحرب الباردة الاقرب الى سواحلها - في 1960 والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين منقطعة منذ 1961.

وقال مسؤول اميركي ان البابا فرنسيس لعب دورا رئيسا في التقارب التاريخي بين واشنطن وهافانا، موضحا ان البابا وجّه نداء شخصيا الى باراك اوباما وراول كاسترو في رسالتين منفصلتين خلال الصيف، وان الفاتيكان استقبل موفدي البلدين لوضع اللمسات الاخيرة على التقارب.

وقبل الاعلان الرسمي للرئيس باراك اوباما، قال سناتور ديمقراطي مقرب منه الاربعاء ان الولايات المتحدة ستخفف القيود المفروضة على التجارة والسفر الى كوبا. وقال السناتور ريتشارد دوربن الرجل الثاني في مجلس الشيوخ والمقرب من اوباما "ان فتح الباب مع كوبا للتجارة والسفر وتبادل الافكار سيخلق قوة تتيح تغيرات ايجابية لم تتمكن اكثر من خمسين سنة من سياسة العزل الحالية التي نطبقها من تحقيقها" في كوبا.

واعلنت السلطات الكوبية الافراج عن الاميركي الان غروس المحتجز منذ 2009 لاسباب انسانية، وبناء على طلب واشنطن، وفق ما اعلن مسؤول اميركي الاربعاء. وسيلقي اوباما كلمة في الساعة 17:00 ت غ في الوقت نفسه مع الرئيس الكوبي راول كاسترو.

وصدر بيان ريتشارد دوربن من قاعدة اندروز القريبة من واشنطن وقال انه في طريقه لاستقبال المفرج عنه، ما يشير الى ان الطائرة التي تقل الان غروس قد تهبط فيها.

&إطلاق سراح 53 سجينا سياسيا
إلى ذلك، وافقت كوبا على الافراج عن 53 سجينا سياسيا في سياق التقارب التاريخي مع الولايات المتحدة، بحسب ما افاد مسؤول اميركي. وقال المسؤول ان "الحكومة الكوبية وافقت على الافراج عن 53 سجينا، نعتبرهم سجناء سياسيين، ونحن نرحّب كثيرا بهذا الافراج"، موضحا انه تم الافراج عن بعضهم، "ونتوقع ان تتواصل عملية الافراج".

وافرجت كوبا كذلك عن الاميركي آلان غروس بعد خمس سنوات من اعتقاله، وعن رجل استخبارات، قال المسؤول انه كان محتجزا في كوبا منذ قرابة 20 عاما.

النقاط الرئيسة في تغير سياسة أوباما
أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما الاربعاء انهاء نصف قرن من سياسة العزل الاميركية ازاء كوبا، والتي قال انها "اخفقت". ومن بين التغيرات التي ستحدث الاذن لوزارة الخارجية باعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع كوبا وتخفيف الحظر الاقتصادي المفروض منذ ستينات القرن الماضي في أوج الحرب الباردة.

واعلن اوباما انه سيشارك في قمة الاميركيتين في 2015، في بنما، كما اعلنت كوبا مشاركتها فيها، في اول حدث من نوعه منذ انطلاقتها في 1994. وفي ما يلي بعض النقاط الرئيسة في خطة اوباما للعلاقات مع كوبا:

اعادة العلاقات الدبلوماسية
لم تقم هافانا وواشنطن علاقات دبلوماسية كاملة منذ 1961، وكان يمثل كل منهما شعبة رعاية مصالح في عاصمة الدولة الاخرى. وقال اوباما انه سيفتح سفارة في كوبا، وسيقوم دبلوماسيون على مستوى عال بتبادل الزيارات ابتداء من كانون الثاني/يناير بمناسبة الجولة المقبلة من مباحثات الهجرة الاميركية الكوبية في هافانا.

زيادة التحويلات المالية للعائلات
يعتمد عدد كبير من الكوبيين على المال، الذي يرسله اقاربهم المقيمون في الولايات المتحدة، ولكن في الماضي، كان يتم تحديد هذه التحويلات بـ500 دولار فقط كل ثلاثة اشهر. سترفع السياسة الجديدة قيمة المبالغ المسموح بتحويلها اربع مرات الى الفي دولار كل ثلاثة اشهر.

زيادة الصادرات والواردات الاميركية

ستتمكن الشركات الاميركية الآن من بيع كوبا بضائع تشمل معدات لبناء المساكن الخاصة، ومستلزمات المزارع، وبضائع يحتاجها المقاولون. وسيسمح للمواطنين الاميركيين المسافرين الى كوبا بان يجلبوا معهم بضائع تصل قيمتها الى 400 دولار، بما في ذلك 100 دولار من منتجات التبغ والكحول بما فيها السيجار الكوبي.

وستسمح الولايات المتحدة لشركات الاتصالات باقامة متاجر وبناء بنى تحتية في كوبا، وبتصدير اجهزة وبرمجيات وخدمات الاتصالات بهدف تحسين الاتصال عبر الانترنت في الجزيرة التي تسجل ادنى مستوى لاستخدام الانترنت في العالم.

زيادة السفر
كان يسمح فقط لبعض الاميركيين، مثل الصحافيين والجامعيين والمسؤولين الحكوميين ومن لديهم اقارب مباشرون في كوبا، بالسفر اليها. وفي بعض الاحيان، كان يتطلب الامر تقديم طلب خاص قبل فترة، كما في حال الصحافيين المستقلين، والمشاركين في انشطة عامة او من يسافرون لاسباب تتعلق بالتصدير.

لم يعد مطلوبا تقديم طلب مسبق بموجب السياسة الجديدة، في عدد كبير من الحالات. ولكن القيود التي فرضها الكونغرس ستبقى كما هي، بما فيها حظر السفر بغرض السياحة فقط الى كوبا.

تسهيل المبادلات المالية
سيسمح للمؤسسات المالية بفتح حسابات في مصارف كوبا، وسيسمح للمسافرين الاميركيين باستخدام بطاقات الائتمان والصرف في كوبا. كذلك، وفي حين كان يفترض تسديد مسبق لثمن المنتجات الزراعية المصدرة الى كوبا والمسموح بها بطريقة محدودة لاكثر من عشر سنوات، بدءًا من الان، لن يتم تسديد الثمن سوى قبل "نقل الملكية"، ما يتيح المزيد من الليونة في مجال التجارة المسموح بها مع كوبا.

مراجعة وضع كوبا في قائمة الدول الداعمة للارهاب
اعتبرت الولايات المتحدة كوبا منذ 1962 "دولة راعية للارهاب"، واتهمتها بحماية متمردين كولومبيين، ومناضلين من الباسك، واميركيين هاربين. وامر اوباما بمراجعة هذه التسمية، على ان يتم رفع تقرير بذلك خلال ستة اشهر.

&