يتنازل الباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي في دورة انتخابية ثانية من أول انتخابات تعددية حرة تشهدها تونس، منذ افتتحت ثورتها الربيع العربي في العام 2011.

تونس: تجري في تونس، الأحد، دورة ثانية للانتخابات الرئاسية، بين الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي وبين الفائز بالانتخابات التشريعية الاخيرة الباجي قائد السبسي مؤسس ورئيس حزب نداء تونس المعارض للاسلاميين.

دورة ثانية

من المفترض أن تنهي هذه الانتخابات مرحلة انتقالية صعبة تعيشها تونس منذ الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011.& وكان قائد السبسي (88 عامًا) والمرزوقي (69 عامًا) حصلا على التوالي على نسبة (39.46%) و(33.43%) من إجمالي اصوات الناخبين خلال الدورة الاولى التي أجريت يوم 23 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

وبحسب القانون الانتخابي التونسي، في حال عدم حصول أي من المتنافسين في الدورة الاولى على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين، أي 50 بالمئة زائداً واحداً، تُجرى دورة ثانية بين المتنافسين الحائزين على أعلى نسبة من الاصوات في الدورة الاولى.

ووفق القانون نفسه، يتمّ إعلان فوز المرشح الأكبر سنًا، في حال حصل المتنافسان على نسبة أصوات متساوية خلال الدورة الثانية.

لينتخبوا الأصلح

ومن المفترض أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن نتائج الدورة الثانية بين 22 و24 كانون الاول (ديسمبر) الجاري. ويتولى محمد المنصف المرزوقي رئاسة تونس منذ نهاية العام 2011. وكان المجلس الوطني التأسيسي، المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الاول (أكتوبر) 2011، التي فازت فيها حركة النهضة الاسلامية، انتخب المرزوقي رئيسًا موقتًا للبلاد.

ولم تقدم حركة النهضة، التي حكمت تونس منذ نهاية 2011 وحتى مطلع 2014 وحلت الثانية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 26 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، مرشحًا للانتخابات الرئاسية. وأعلنت الحركة في بيان اصدرته في 13 كانون الاول (ديسمبر) أن ليس للحركة مرشح، وأنها تفوّض أنصارها وناخبيها أن يختاروا من يرونه الاصلح لرئاسة تونس.

لكن خصوم الحركة، وفي مقدمتهم حزب نداء تونس العلماني، يعتبرون أنها تدعم بشكل غير معلن ترشح محمد المنصف المرزوقي.

ودعت قيادات محسوبة على الجناح المتشدد في حركة النهضة، مثل الحبيب اللوز والصادق شورو، صراحة، إلى انتخاب المرزوقي. في المقابل أعلنت عدة أحزاب وشخصيات سياسية تونسية دعم ترشح السبسي.

وبدأت الحملة الانتخابية للدور الثاني، في التاسع من كانون الاول (ديسمبر) الحالي، على أن تتواصل حتى منتصف ليل 19 منه.

تبادل اتهامات

جرت الحملة في أجواء هادئة، وقد تميّز خطاب السبسي والمرزوقي خلال الحملة بتبادل الاتهامات. ويقدم المرزوقي نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة، ولعدم انحراف البلاد نحو الاستبداد، الذي كان سائدًا في عهد بن علي.

ويعتبر المرزوقي أن السبسي وحزب نداء تونس، الذي يضم يساريين ونقابيين ومنتمين سابقين لحزب التجمع الحاكم في عهد بن علي، يمثلان خطرًا على الثورة، لأنهما امتداد لمنظومة الحكم السابقة في تونس.
وكان قائد السبسي تولى حقائب وزارية مهمة كالداخلية والخارجية في عهد الرئيس الراحل بورقيبة. كما تولى بين العامين 1990 و1991 رئاسة البرلمان، في عهد بن علي.

وركز قائد السبسي حملته الانتخابية على "إعادة هيبة الدولة" ومكافحة "الارهاب"، الذي حصد منذ العام 2011 ارواح العشرات من عناصر الامن والجيش. واتهم قائد السبسي منافسه بأنه متطرف وخطير. وقال في مقابلة مع تلفزيون الحوار التونسي الخاص: "عندي هاجس أن لا يعترف المرزوقي بنتائج الانتخابات".

أول انتخابات تعددية

ووجهت الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات العامة "تنبيهًا" إلى المرزوقي بعدما قال في إحدى خطبه: "من دون تزوير لن ينجحوا"، غامزًا من قناة قائد السبسي.

وهذه أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا في العام 1956 طوال أكثر من نصف قرن، رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1987-1956) وزين العابدين بن علي (2011-1987).

ويفترض أن تنهي الانتخابات الرئاسية الفترة الانتقالية التي تعيشها تونس منذ الاطاحة ببن علي. وفي العام 2013، شهدت البلاد ازمة سياسية حادة إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية، وقتل عشرات من عناصر الجيش والشرطة في هجمات نسبتها السلطات إلى اسلاميين متطرفين.

ولإخراج البلاد من الازمة السياسية، اضطرت حركة النهضة إلى التخلي عن السلطة مطلع العام 2014 لحكومة غير حزبية تقود تونس، حتى اجراء الانتخابات العامة.
&