دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيستاني السلطات إلى ضغط النفقات العامة إلى أقصى حد والتفتيش عن موارد جديدة لتجاوز الأزمة المالية التي تواجهها البلاد، والناتجة عن انخفاض أسعار النفط، وطالب السياسيين بالدقة في رسم السياسة المالية للبلاد.. فيما أعلنت الامم المتحدة والكويت&موافقتهما على طلب عراقي رسمي بتأجيل تسديد آخر دفعة من التعويضات للكويت عن احتلالها عام 1990.


لندن: قال السيد أحمد الصافي معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم إن الوضع الاقتصادي في العراق يمر بمرحلة دقيقة والميزانية العامة من العوامل الاساسية لتنشيط مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية، وحذر من أن تأخير المصادقة عليها سيقود إلى مشاكل جديدة، البلاد في غنى عنها.

وأضاف أنّ العراق يعتمد في تثبيت ميزانيته العامة على صعود وانخفاض أسعار النفط، والتي بدأت بالتناقص مؤخراً، الامر الذي سبب قلة الموارد التي يحتاجها العراق داعيًا إلى دراسات رصينة تضع ميزانية للبلد على هذا الاساس، وبعكسه فإن اضراراً ستلحق بالبلاد.

وناشد السياسيين بالتعاون على حل مشكلة انهيار أسعار النفط والاتفاق على ضغط النفقات العامة إلى اقصى حد والاقتصار على الامور الضرورية التي لها مساس مباشر بحياة المواطنين. وقال إن على الفرقاء السياسيين تقديم تنازلات لبعضهم البعض، وهو امر يحتاج إلى جرأة واتفاق لتجاوز أزمة هبوط أسعار النفط.

وشدد معتمد السيستاني على ضرورة الدقة في رسم السياسة المالية للبلد والخروج بميزانية تحقق المطالب الاساسية للبلاد.. وطالب بالتفتيش عن موارد مالية بديلة للنفط منوهًا إلى أنّ العراق فيه الكثير من الثروات غير المستغلة التي تتطلب عملاً جدياً للاستفادة منها لغرض تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي.

ثم انتقد الصافي في ختام خطبته ضعف الاجراءات والاستعدادات لزيارة اربعينية الامام الحسين التي جرت السبت الماضي، وشدد على ضرورة التهيئة للزيارة مبكرًا. وقال إن "نحو 16 مليوناً كحد ادنى شاركوا في زيارة اربعينية الامام الحسين لهذا العام"، مشيرًا إلى أنّ "ما حدث من طوفان بشري خارج عن السيطرة والمألوف". وأضاف أن محافظة كربلاء قد ارهقت كثيرًا خلال هذه الزيارة بسبب الاعداد الكبيرة للزائرين الذين قصدوا المدينة.

وشدد على ضرورة أن تكون هناك تخصيصات مالية كافية للزيارة، إضافة إلى توفير طرق سريعة ووسائل نقل كافية وخدمات صحية وغذائية كافية.. وأكد ضرورة تشكيل هيئة مالية وادارية مستقلة لتنظيم الزيارة الاربعينية لتقديم الخدمات للزائرين من داخل العراق وخارجه، وتجنب تعرضهم لأي مصاعب في ادائها.

ومن المنتظر أن يناقش مجلس الوزراء العراقي في جلسته الاسبوعية الثلاثاء المقبل آلية تخفيض عجز& ميزانية عام 2015 من 30 مليار دولار إلى 15 مليار دولار. وأوضح مصدر رسمي أن مجلس الوزراء وضع آلية وصيغة لتخفيض عجز الميزانية العامة ليتسنى لمجلس النواب الموافقة عليها.

وأشار إلى أنّ هذه الالية التي من المؤمل اعتمادها في تقليص العجز تكمن في زيادة الضرائب على شركات الطاقة وشركات الهاتف النقال وعدد من الشركات الاخرى، إضافة إلى ضغط النفقات العامة للدولة.
&
تأجيل دفع العراق تعويضات الاحتلال

وبالتزامن مع ذلك فقد أعلنت لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة عن موافقتها على طلب العراق بتأجيل الدفعة الاخيرة من التعويضات للكويت والبالغة 5% من عائداته النفطية عن حرب الخليج، مبينة أن التأجيل سيكون لمدة عام واحد، فيما عزت سبب قبولها إلى تأثير سداد التعويضات في الوقت الحالي على الاقتصاد العراقي نتيجة انخفاض أسعار النفط والحرب ضد تنظيم "داعش".

وقالت المشرفة القانونية للجنة ليا كرافت إن "صندوق الأمم المتحدة لتعويضات حرب الخليج وافق على مطلب العراق بتأجيل ايداع 5% من عائداته النفطية كتعويضات للكويت لمدة عام بسبب الصعوبات التي يواجهها في موازنته". وأضافت أن "القوى المتحكمة بصندوق التعويضات اتخذت قرارًا وافقت فيه بإجماع الآراء بسبب تأثير ذلك على الاقتصاد العراقي نتيجة انخفاض أسعار النفط والحرب ضد تنظيم داعش".

وأوضحت كرافت أن "مجلس الادارة قرر الموافقة على تأجيل السداد إلى الاول من كانون الثاني (يناير) عام 2016، مشيرة إلى أن المجلس اعرب عن تضامنه مع العراق والرغبة في مساعدته قدر الامكان.
ومن جهتها أعلنت وزارة الخارجية الكويتية موافقتها على طلب العراق المتعلق بتأجيل تسديد آخر دفعة من تعويضات حرب الخليج.

وقال وكيل وزارة الخارجية الكويتي خالد الجارالله إن بلاده قد استجابت لطلب العراق المتعلق بالتعويضات المفروضة عليه من قبل مجلس الامن لدولة الكويت. وأضاف "تقدم الاشقاء في العراق بالطلب بشكل رسمي وبشكل منفرد والكويت تقبلت واستجابت لهذا الطلب".

وكان العراق قدم الثلاثاء الماضي طلباً رسميّاً إلى الكويت لتأجيل الدفعة الأخيرة من التعويضات المتعلقة باحتلاله للكويت في عامي 1990 و1991، والتي تبلغ قيمتها 4.6 مليارات دولار، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي يواجهها.

وقبل أيام قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن بلاده تسعى لتأجيل دفعة أخيرة قيمتها 4.6 مليارات دولار من التعويضات المتعلقة باحتلالها للكويت، في الوقت الذي تواجه فيه بغداد أزمة سيولة بسبب هبوط أسعار النفط ومحاربة داعش.

ومنذ أن سمح مجلس الامن للعراق باستئناف مبيعاته النفطية قبل نحو عقدين، يدفع العراق أموالاً إلى هيئة تابعة للأمم المتحدة تشرف على التعويضات عن الأضرار الناجمة عن احتلال الكويت الذي استمر سبعة أشهر إبان عهد الرئيس السابق صدام حسين.

وجرى صرف تعويضات لأكثر من مليون مطالب، وتم دفع جميع التعويضات تقريبًا، والبالغ إجماليها 52.4 مليار دولار من مخصصات سنوية تبلغ خمسة بالمئة من عائدات تصدير النفط يجنيها العراق، للجنة الأمم المتحدة للتعويضات.

لكن مع اتجاه الاقتصاد العراقي حاليًا نحو الانكماش للمرة الأولى منذ سقوط النظام السابق في عام 2003 ووضع نهاية لعقوبات استمرت أكثر من عشر سنوات يواجه العراق صعوبة في تحويل جزء كبير من موازنة عام 2015 لسداد هذه الدفعة الأخيرة من التعويضات في العام المقبل.

وقال صندوق النقد الدولي مؤخرًا إن اقتصاد العراق يتجه للانكماش بنسبة 0.5 في عام 2014، وهو أول انكماش في ما لا يقل عن عشر سنوات وإن احتياطاته من النقد الأجنبي تراجعت عشرة مليارات دولار حتى الآن هذا العام.&