وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الصين في زيارة رسمية تستغرق عدة أيام، بناء على دعوة من نظيره الصيني شي جين بينغ، وسط توقعات بتوقيع إتفاقيات إقتصادية، لاسيما أن مجموعة من رجال الأعمال المصريين يرافقون السيسي خلال الزيارة.


القاهرة: بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة رسمية إلى الصين، اليوم الإثنين، يجري خلالها مباحثات سياسية وإقتصادية مع نظيره الصيني شي جين بينج، والمسؤولين الصينيين.

ومن المتوقع أن يتم إبرام إتفاقيات إقتصادية بين البلدين. وبث التلفزيون المصري لقطات للسيسي أثناء صعوده الطائرة الرئاسية متوجهاً لبكين، وقال إنه من المزمع توقيع 25 إتفاقية إقتصادية، في مجالات الطاقة والنقل والكهرباء، وغيرها من المجالات الأخرى، بالإضافة إلى بحث مشاركة الصين في المؤتمر الإقتصادي لدعم مصر، الذي من المقرر عقده في منتجع شرم الشيخ في شهر مارس آذار المقبل.

ويرافق 35 رجل أعمال مصرياً، يمتلكون نحو 25 شركة كبرى في مجالات مختلفة، السيسي في زيارته للصين. ومنهم: أحمد السويدي رئيس مجلس الأعمال المصري الصيني، وعفت السادات، إضافة إلى الوزراء: سامح شكري، وزير الخارجية، وأشرف سالمان، وزير الاستثمار، وخالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية، وهشام زعزوع، وزير السياحة، بينما وصل منير فخري عبدالنور، وزير التجارة والصناعة وهاني ضاحي، وزير النقل، ومحمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة ونجلاء الأهواني، وزيرة التعاون الدولي.

ووفقاً لتصريحات السفير جمال سعيد، مساعد وزير الخارجية الأسبق، فإن زيارة السيسي تكتسب أهمية إقتصادية وسياسية، مشيراً إلى أن السيسي يسعى إلى رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى الشراكة الإستراتيجية، لتكون في مستوى العلاقات المصرية الأميركية.

وأضاف لـ"إيلاف" أن السيسي سوف يعقد لقاءات مع العشرات من رجال الأعمال الصينيين ورؤساء الشركات الكبرى، في مجالات السياحة والزراعة والتكنولوجيا والبترول والإتصالات والكيماويات، والطيران المدني والمعدات الطبية والنقل. ولفت إلى أن جدول زيارة السيسي يتضمن أيضاً زيارة إلى مدينة شينجدو، وهي من أبرز وأكبر قلاع الصناعة الصينية.

تمثل زيارة السيسي إلى الصين إنفتاحاً على جميع الدول الكبرى، وقال الدكتور عفت السادات، عضو مجلس الأعمال المصري الصيني، المشارك فى الوفد المرافق للرئيس عبد الفتاح السيسي في زيارته الى&الصين، إن زيارة الرئيس لـ"بكين"، رسالة قوية نحو انفتاح القيادة المصرية على الجميع وعدم تقيدها بقوة اقتصادية واحدة مثلما كان الوضع في السابق مع الولايات المتحدة الأميركية.

اتفاقيات إقتصادية

وأضاف، في تصريحات له، تلقت "إيلاف" نسخة منها، أن الجلسات المنتظرة للوفد المصري برئاسة الرئيس السيسي مع الجانب الصيني من المتوقع أن تسفر عن توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية ضخمة، تعود بالانتعاش على الاقتصاد المصري وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار وستشجع العديد من الدول على العودة للاستثمار بالسوق المصرية.

ولفت إلى أن خطة عمل الوفد المصري المرافق للسيسي خلال الزيارة، التي عبر عنها وزير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور، تسعى بجد لتقليل الواردات المصرية من الصين وتنمية المنتج المحلي. ونبّه إلى أنه من المنتظر توقيع اتفاقيات تشمل مجالات عدة عبر التعاون الثقافي والبحث العلمي والنقل والكهرباء والتجارة. وأشاد السادات بقوة الاقتصاد الصيني وعدم تأثره بالتقلبات والأزمات الاقتصادية العالمية، منوهاً بأن اتجاه مصر نحو "التنين الصيني" سير في الطريق الصحيح، ودعا الحكومة المصرية إلى ضرورة الاستفادة بشكل كامل من التجربة الصينية ونقل ما يتوافق منها إلى الواقع المصري.

وحسب وجهة نظر، محمد عماد الدين، الباحث في الشؤون الصينية، فإن العلاقات المصرية الصينية تتسم بالعمق، مشيراً إلى أنها لم تمر بأية مراحل فتور أو توتر. وأضاف لـ"إيلاف" أن زيارة السيسي إلى الصين ترتكز بالأساس على الإرث التاريخي من العلاقات العميقة والقوية، موضحاً أن السيسي يسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية من وراء الزيارة، أولها: دعم الإقتصاد المصري من خلال جذب الإستثمارات الصينية إلى بلاده، ولاسيما دعم مشروع قناة السويس الجديدة، وإمداد مصر بالمعدات اللازمة لإتمام عمليات الحفر في موعدها، بالإضافة إلى المشاركة في مشروع تنمية محور قناة السويس.

ولفت إلى أن السيسي سوف يعرض على الصين المشاركة في إنشاء المشروع النووي المصري السلمي، في منطقة الضبعة شمال غربي مصر، بالإضافة إلى توقيع إتفاقيات إقتصادية في مجالات أخرى منها المجال التكنولوجي والنقل لتطوير السكة الحديدية وإنشاء خطوط جديدة للمترو في العاصمة القاهرة.

هدف سياسي

ولفت إلى أن الهدف الثاني الذي يسعى السيسي لتحقيقه من وراء زيارته للصين، هو هدف سياسي يتمثل في تخفيف الضغوط الغربية عليه، لاسيما الضغوط الأميركية والأوروبية، التي تسعى إلى الحد من حملته ضد جماعة الإخوان المسلمين، وإعادة دمجها في الحياة السياسية.

وتوقع عماد الدين أن يسعى السيسي إلى دعوة الصين لحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، والحصول على دعم عسكري للجيش المصري، في إطار سعيه إلى تنويع مصادر التسليح، ودعم جيشه في الحرب ضد الإرهاب. كما توقع أن تحظى مطالب السيسي بدعم القيادة الصينية.

أما الهدف الثالث من وراء زيارة السيسي إلى الصين، فتمثل ـ حسب وجهة نظر عماد الدين ـ في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، لاسيما أن الصين تعتبر لاعباً رئيسياً في السياسة الدولية، منوهاً بأن السيسي يهدف إلى الحفاظ على وحدة سوريا وتماسك جيشها، دون أن تتعرض للتقسيم أو السقوط في الفوضى والحرب الأهلية أو سيطرة الميلشيات المسلحة عليها كما هو الحال في ليبيا.

وحسب تصريحات للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، السفير علاء يوسف، فإن السيسي سوف يعقد جلسات مباحثات مع نظيره الصيني شي جين بينج لاستعراض سبل تعزيز العلاقات الثنائية، ولاسيما في شقها الاقتصادي، على الصعيدين التجاري والاستثماري، أخذًا في الاعتبار عقد المؤتمر الاقتصادي في مصر في مارس المقبل، وأهمية مشاركة الصين بفاعلية في انشطته وفي تنفيذ استثمارات صينية في الكثير من المشروعات التي سيتم طرحها أثناء المؤتمر.

وأضاف يوسف، في بيان له، أن الصين تكتسب أهمية خاصة على الصعيد الاقتصادي بالنسبة لمصر، مشيراً إلى أنها تعد الشريك التجاري الثاني لمصر على مستوى العالم، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 10.3 مليارات دولار في عام 2013 منها 1.9 مليار دولار صادرات مصرية إلى الصين و8.4 مليارات دولار واردات مصرية من الصين، وهو الأمر الذي يعكس ميل الميزان التجاري بشدة لصالح الصين علي الرغم مما حققته الصادرات المصرية من زيادة بلغت حوالي 50%.

ولفت يوسف، إلى أن الزيارة تستهدف تحقيق قدر أكبر من التوازن في الميزان التجاري بين البلدين، وكذا زيادة استثمارات الصين في مصر بما يتناسب مع تميز وعمق العلاقات السياسية بين البلدين، إذ تقف تلك الاستثمارات عند حدود 450 مليون دولار فقط.