يدفع قيام تنظيم "داعش" بسبي النساء والفتيات الأيزيديات بضحاياه إلى الانتحار أو الإقدام على محاولة ذلك، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية نشر اليوم الثلاثاء. ولا يتجاوز عمر معظم اللواتي يعرضن للبيع والشراء في سوق النخاسة الداعشية سن البلوغ، ورغم أن بينهن طفلات إلا أنهن لم يسلمن من أيادٍ يحلل أصحابها لأنفسهم كل ما يحلو لهم.


بغداد: أعلنت منظمة العفو الدولية الثلاثاء ان النساء والفتيات الايزيديات يقدمن على الانتحار او يحاولن القيام بذلك، بعد تعرضهن للسبي على يد تنظيم داعش الذي فاخر باستعبادهن بعدما سيطر على مناطق تواجد هذه الاقلية الدينية في العراق.

ويسيطر التنظيم المتطرف منذ حزيران/يونيو على مساحات واسعة في شمال العراق وغربه، وأعلن اقامة "الخلافة" في مناطق سيطرته في العراق وسوريا المجاورة، وتنصيب زعيمه ابو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين".

وارتكب التنظيم الذي يعتمد تطبيقا متشددا للشريعة الاسلامية، انتهاكات واسعة لحقوق الانسان شملت اعمال قتل جماعي لخصومه وذبح وخطف. وكان اتباع الديانة الايزيدية من اكثر المتضررين من ممارسات التنظيم الذي سيطر على مناطق وجودهم في شمال العراق خلال الصيف. وتقول الامم المتحدة ان هؤلاء تعرضوا لعملية "ابادة" شملت قتل المئات واتخاذ "سبايا".

ويعتبر جهاديو التنظيم ابناء هذه الاقلية "عبدة للشيطان".

وقالت كبيرة مستشاري الازمات في منظمة العفو دوناتيلا روفيرا في التقرير ان "العديد من اللواتي وقعن ضحية عمليات استعباد جنسية، يبلغن من العمر 14 عاما او 15، وحتى أقل من ذلك". وافاد تقرير المنظمة ان شابة اسمها جيلان وتبلغ من العمر 19 عاما، اقدمت على الانتحار خوفا من تعرضها للاغتصاب، بحسب شقيقها.

واكدت احدى الايزيديات التي خطفت على يد التنظيم المتطرف، وتمكنت لاحقا من الهرب، حصول هذا الامر. وقالت "ذات يوم، قدمت الينا ملابس تشبه ازياء الرقص، وطلب منا الاستحمام وارتداء هذه الملابس. جيلان اقدمت على الانتحار في الحمام".

واوضحت ان الشابة "اقدمت على قطع معصمها وشنقت نفسها. كانت جميلة جدا. اعتقد انها كانت تدرك انها ستنتقل الى مكان آخر برفقة رجل، ولهذا السبب اقدمت على قتل نفسها". وابلغت رهينة اخرى المنظمة انها حاولت الانتحار مع شقيقتها هربا من الزواج القسري.

وقالت وفا (27 عاما) "لفت كل منا عنقها بوشاح وربطناهما معا، وقامت كل منا بالابتعاد عن الاخرى بأقوى ما يمكن، الى ان فقدت الوعي". اضافت "بقيت اياما غير قادرة على الكلام بعد ذلك". واوردت المنظمة روايات لضحايا اخريات، منهن رندة (16 عاما) التي خطفت وافراد عائلتها، واغتصبها رجل يكبرها بضعف عمرها، مرتين.

وقالت رندة "اتخذني زوجة بالقوة. قلت له انني لا ارغب بذلك وحاولت ان اقاومه، الا انه كان يضربني الى حد حصول نزيف من انفي. لم اكن قادرة على القيام بأي شيء لوقفه عن ذلك (الضرب)". واشارت الى ان اقاربها الذكور الذين اعتقلوا قتلوا، مضيفة "ما قاموا به بحقي وحق عائلتي مؤلم جدا".

ونقل التقرير عن بعض اللواتي نجحن في الفرار من يد التنظيم، ان بعضهن اقمن في منازل هؤلاء، مع "زوجاتهم واولادهم واقاربهم". واوضحت المنظمة الحقوقية ان غالبية الذين اتخذوا النساء والفتيات "سبايا" كانوا من مقاتلي التنظيم، الا ان بعض المؤيدين له قاموا بذلك ايضا.

وهاجم التنظيم المتطرف مناطق تواجد الايزيديين في شمال العراق، لا سيما منطقة سنجار القريبة من الحدود السورية، في آب/اغسطس، ما دفع الآلاف منهم للجوء الى جبل سنجار بعدما تعرض المئات من اقرانهم لعمليات قتل وخطف، واتخذت النساء والفتيات "سبايا" و"غنائم حرب".

وأقر التنظيم بعد نحو شهرين بانه منح النساء والاطفال الايزيديين الذين اسرهم الى مقاتليه، مفاخرا باحيائه العبودية. وقال في مقال بعنوان "احياء العبودية قبل اوان الساعة" صدر في عدد شهر تشرين الاول/اكتوبر من مجلة "دابق" التي يصدرها بالانكليزية، ان "داعش اعادت جانبا من الشريعة الاسلامية الى معناها الاصلي، باستعباد الناس، بعكس ما ادعت بعض المعتقدات المنحرفة".

اضاف "بعد القبض على الناس والاطفال الايزيديين تم توزيعهم وفقا لاحكام الشريعة على مقاتلي داعش الذين شاركوا في عمليات سنجار"، مؤكدا ان هذه هي "اول عملية استعباد واسعة النطاق بحق العائلات المشركة منذ وقف العمل بهذا الحكم الشرعي".

وقوبلت المعاناة التي تعرض لها الايزيديون بادانة عالمية، وشكلت احد الاسباب المعلنة لتشكيل الولايات المتحدة تحالفا دوليا يشن منذ اشهر ضربات جوية ضد مناطق سيطرة التنظيم في سوريا والعراق.

وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في تشرين الاول/اكتوبر ان التنظيم "يفخر حاليا بالخطف، الاستعباد، الاغتصاب، التزويج القسري، وبيع آلاف من النساء والفتيات، بعضهن لا يتجاوز عمرهن 12 عاما".

واشارت روفيرا الى ان "الحصيلة الجسدية والنفسية لاعمال العنف الجنسية المروعة التي مرت بها تلك النساء، كارثية". اضافت "العديد منهن عذبن وعوملن كالرقيق. حتى اللواتي تمكن من الهرب، لا زلن يعانين من آثار صدمة نفسية عميقة".

وتعود جذور الديانة الايزيدية الى اكثر من اربعة آلاف عام، ويقول اتباعها انها الاقدم في العالم. وتتواجد اكبر مجموعات ابنائها في العراق، اضافة الى بضعة آلاف في سوريا وتركيا وارمينيا وجورجيا. وغالبا ما كان ابناء هذه الطائفة من الفقراء الذين يعملون في الزراعة وتربية الماشية.
&