كان العام 2014 عام الحسم السعودي خليجيًا وعربيًا، فتابعت جهودها للتوصل إلى حل سلمي ينهي معاناة السوريين، ولعبت دورًا توفيقيًا& في اليمن، وكان لها حضور وازن في قمة العشرين، وتتحكم حتى اليوم بسعر النفط العالمي.


الرياض: بدأ العام 2014 السعودي قويًا، وانتهى قويًا. فالمملكة العربية السعودية ما غادرت يومًا موقعها المؤثر خليجيًا، وعربيًا، وإقليميًا، وحتى دوليًا، بفضل سلسلة مبادرات أطلقها العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز.

ضد الارهاب

تابعت السعودية جهودها للتوصل إلى حل سلمي ينهي معاناة السوريين. وعقد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، محادثات مع سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، فاتفقا على ضرورة انطلاق جهود حل الأزمة السورية على أساس بيان "جنيف-1"، مع التركيز على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية.

وتستمر السعودية في لعب دور توفيقي في اليمن، وتشارك مع دول عربية أخرى، مثل الأردن والامارات، في غارات التحالف العربي الغربي على مواقع تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، في العراق وسوريا، مؤكدة وقوفها ضد الحركات الدينية المتطرفة.

وكانت السعودية أعلنت في أيار (مايو) تنظيم القاعدة، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم القاعدة في اليمن، وتنظيم القاعدة في العراق، وداعش، وجبهة النصرة، وحزب الله في السعودية، وجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الحوثيين، تنظيمات وجهات إرهابية، يحظر الانتماء إليها ودعمها، أو التعاطف معها، أو الترويج لها، أو عقد اجتماعات تحت مظلتها، داخل البلاد أو خارجها.

ويشمل هذا الحظر كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات، فكرًا أو قولًا أو فعلًا، وكافة الجماعات والتيارات الواردة بقوائم مجلس الأمن والهيئات الدولية وعرفت بالإرهاب وممارسة العنف.

تحكم بالسوق

وكانت السعودية "دينامو" السوق النفطية العالمية بلا منازع. فالرياض وقفت بالمرصاد لكل المحاولات الجادة لخفض أوبك سقف إنتاجها، بعدما زاد العرض وانخفض الطلب، وبالتالي خسر برميل النفط أكثر من 50 بالمئة من سعره بين حزيران (يونيو) وكانون الأول (ديسمبر)، ليصل في هبوطه إلى عتبة 60 دولارًا للبرميل.

وفي هذا القرار، برهنت السعودية أنها قادرة فعليًا على التحكم بسوق النفط العالمية، من دون أن يتأثر اقتصادها الكلي بأي قرار في أي اتجاه كان، لأنه اقتصاد كبير ذو أنشطة متعددة، ومشاريع تنموية عملاقة مستمرة، وعملة قوية مستقرة، وسمعة وعلاقات اقتصادية دولية متميزة، واحتياطيات نقدية عالية، وإدارة حكومية فعالة، واحتياطيات بترولية وفيرة، وصناعة بترولية من أفضل الصناعات في العالم، وطاقة إنتاجية بترولية فائضة، ومقدرة متميزة في التعامل مع التطورات البترولية كافة.

وتلقت السعودية اتهامها بأنها تريد إفقار إيران، من خلال هذا الخفض السياسي لسعر النفط، بابتسام، مؤكدة أن عدم تعاون منتجي النفط المستقلين خارج أوبك، وتصرفات المضاربين في السوق، يقفان وراء هبوط أسعار النفط، وأن سياسة السعودية النفطية تستند إلى أسس اقتصادية خالصة، وأي حديث عن مؤامرات مزعومة من قبل المملكة هو قول لا أساس له من الصحة إطلاقًا.

حضور وازن

وكانت السعودية "دينامو" قمة دول مجموعة العشرين، التي انعقدت في بريسبان الكندية يومي 15 و 16 تشرين الثاني (نوفمبر). وقد ترأس ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز وفدًا رفيع المستوى إلى القمة، بعدما اقتصر التمثيل السعودي في القمم السابقة على حضور وزيري الخارجية سعود الفيصل، والمالية الدكتور إبراهيم العساف.

وأتى ترؤس ولي العهد السعودي وفد بلاده إلى هذه القمة دليلًا على الاهمية التي توليها السعودية لمشاركتها في القمة، ادراكًا منها لدورها الوازن في مشاركة الدول الكبرى في اتخاذ القرارات الاقتصادية العالمية، اعتمادًا على مكانة السعودية المتقدمة اقتصاديًا في العالم.

وتشير مشاركة الأمير سلمان نفسه في أعمال هذه القمة إلى ما يضطلع به من دور في صنع التوجهات الدبلوماسية الخليجية، تثبيتًا لحركة سياسية ودبلوماسية يقوم بها ولي العهد السعودي باتجاه دول مجلس التعاون الخليجي، في الآونة التي تشهد فيها المنطقة مخاطر سياسية واقتصادية جمة، أبرزها صعود التطرف الذي يهدد أمنها واستقرارها.