اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من بغداد اليوم تسريع عمليات تزويد بلاده للعراق بالأسلحة لمساعدته على مواجهة الإرهاب، وأكد دعمها لاجراءاته في تحقيق الاستقرار والتوافق الوطني، فيما قال نظيره العراقي هوشيار زيباري إنهما اتفقا على ضرورة استمرار العمل لحل الأزمة السورية وملف ايران النووي بالطرق السلمية الدبلوماسية.

تسليح روسي عاجل للعراق
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع زيباري في بغداد الخميس قال لافروف انه اتفق مع رئيس الوزراء نوري المالكي خلال اجتماعه به اليوم، على تسريع عمليات تزويد العراق بالأسلحة الروسية من اجل دعمه في مكافحة الإرهاب. واضاف ان الإرهاب يقلق بلاده بشكل كبير، لانه ينتشر في المنطقة برمتها وخاصة في سوريا موضحًا اتفاقه مع الجانب العراقي على انه لا بد من مكافحة هذا الشر الذي لا يعترف بالدين او القوميات او الحدود الوطنية، مشددًا على ضرورة مواجهة المجتمع الدولي باجمعه للارهاب.
واكد دعم العراق في مواجهته للعمليات الإرهابية ومحاولاته تحقيق الاستقرار والتوافق الوطني وإنجاح عملية الانتخابات البرلمانية المهمة التي ستجرى نهاية نيسان (ابريل) المقبل.
ومن جانبه اشار زيباري إلى ان لافروف بحث قضية التسليح مع المالكي بشكل مفصل، لان هناك حاجة ملحة لاستخدام الاسلحة والمعدات الروسية في مواجهة الإرهاب، وقال ان بين البلدين عقودًا طويلة للتسليح لكن العراق طلب تسريع تنفيذها لأنه بأمس الحاجة لها لمواجهة المسلحين القادمين من سوريا إلى مناطق العراق الغربية.
وكان العراق وروسيا وقعا عام 2012 صفقة بموجب اتفاقية التعاون العسكري التقني بينهما تبلغ قيمتها 4 مليارات و300 مليون دولار تتضمن توريد معدات عسكرية بينها اكثر من 10 مروحيات، من طراز quot;مي- 28 إن إيquot; (صياد الليل). وقد بدأت روسيا مؤخرًا تسليم السلاح للعراق وفق هذه الصفقة المبرمة بين البلدين وبموجبها يحصل العراق على 40 طائرة مروحية مقاتلة من طرازي quot;مي - 35quot; وquot;مي - 28quot;. وقد انهى أول فوج من الخبراء العراقيين مؤخرا تدريباته على استخدام مروحيات quot;مي- 35quot; في مركز التدريب التابع للقوات الروسية في مدينة تورجيوك.
الأزمة السورية والملف النووي الايراني
وقال زيباري انه اجرى مباحثات مفيدة مع نظيره الروسي تناولت علاقات البلدين والتطورات في المنطقة والعالم مشيرا إلى العلاقات التاريخية بين البلدين اللذين سيحتفلان هذا العام بمرور 70 عاما على بدايتها. واوضح انهما اتفقا على تفعيل عمل اللجنة الوزارية المشتركة للتعاون الاقتصادي والسياسي والعلمي والثقافي وعقد اجتماعها بأسرع وقت.
وأضاف أنهما ناقشا تطورات الأزمة السورية ونتائج مؤتمر جنيف 2 والمطلوب من الدول الكبرى ودول الجوار، لوضع حد لهذه المأساة المريرة بحسب قوله. واضاف أنهما أكدا على ضرورة انجاح مفاوضات ايران مع الدول الكبرى حول برنامجها النووي لأن quot;للعراق مصلحة في معالجة كل هذه الملفات لانه يعيش في عمق المنطقة التي تعاني هذه المشاكلquot;. واوضح ان العراق سيستضيف منتصف الشهر المقبل مؤتمرًا لمواجهة الإرهاب بشكل دولي جماعي، يحضره خبراء ومختصون في هذا المجال .
ومن جانبه، اشار لافروف إلى تأكيده وزيباري ضرورة الوصول لتسوية سياسية في سوريا وللملف النووي الايراني .. وقال quot;نحن نسعى إلى ان تقرر منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا مصيرها بشكل دستوري وبدون تدخل خارجي يقدم وصفات جاهزة لدولها. وشدد على ضرورة ايصال المساعدات الانسانية إلى الشعب السوري بتعاون من المجتمع الدولي، مشيرا إلى انه لا يمكن وضع عراقيل امام ذلك، فيما يتدفق السلاح عبر الحدود إلى سوريا. وانتقد الموقف الغربي الذي يربط مكافحة الإرهاب برحيل النظام السوري مشيرا إلى ان مواجهة الإرهابيين يجب ان يكون اولوية بالنسبة للمجتمع الدولي.

الأزمة الأوكرانية
وفي رده على اسئلة صحافيين غربيين عن موقف بلاده من الأزمة في اوكرانيا، وكذلك مواقف الولايات المتحدة والدول الاوروبية، اشار لافروف إلى ان هذه الدول تحاول فرض شروطها على حكومة اوكرانيا ومنها اجراء انتخابات رئاسية مبكرة وفرض عقوبات عليها. وقال quot;نحن قلقون مما يحصل في اوكرانيا والمحاولات الخارجية للتاثير على الاحداث فيها، موضحا ان وسائل الاعلام الغربية تحاول تصوير الاحداث هناك على غير حقيقتها وبشكل مشوه . واوضح انه في وقت يفجّر المتطرفون القنابل ويحتلون المباني الحكومية وتعرض فيه الحكومة تنازلات وحلولا وسطا لانهاء الأزمة، فان المعارضة ترفض كل ذلك ومعها الدول الغربية تهدد بفرض عقوبات دولية على الحكومة. وحذر من ان هذا سيؤدي إلى تعقيد المشكلة هناك من خلال محاولات فرض الارادة الغربية على اوكرانيا ... وأكد تاييد روسيا لمفاوضات بين الحكومة والمعارضة للاتفاق على مشتركات تتجاوز المتطرفين الساعين لاشعال حرب اهلية في البلاد.
... ولافروف يبحث الإرهاب والأزمة السورية مع المالكي
ومن جهته بحث رئيس الوزراء نوري المالكي مع لافروف المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والوفد المرافق وبشكل معمق العلاقات الثنائية ومختلف قضايا المنطقة حيث تم التركيز على الأزمة السورية وضرورة التوصل إلى حلول سياسية لها وكذلك سبل مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.
وأكد المالكي على ضرورة تنمية التعاون بين البلدين في جميع المجالات مشددًا على الحاجة إلى التعاون الدولي لدحر الإرهاب سيما التعاون مع الجانب الروسي كما جدد التأكيد على حاجة العراق إلى الأسلحة الخاصة بمعالجة الجماعات الإرهابية وملاحقتها وتبادل المعلومات الأمنية حولها كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي اطلعت quot;إيلافquot; على نصه.
واتفق الجانبان على ضرورة مواصلة التشاور في قضايا المنطقة والتطورات الجارية وتبادل الآراء والزيارات بين المسؤولين في البلدين. ومن جانبه اعرب وزير الخارجية الروسي عن تأييد بلاده لخطوات الحكومة العراقية في مواجهة الإرهاب وبسط الأمن والاستقرار واستعداد روسيا للتعاون مع العراق على كل المستويات.
وكان لافروف وصل إلى بغداد في وقت سابق الخميس لإجراء مباحثات مع المسؤولين العراقيين حول علاقات البلدين والاوضاع في المنطقة وفي مقدمها الأزمة السورية على ضوء فشل مباحثات جنيف 2 التي جرت خلال الاسبوعين الماضيين حيث يدعو البلدان إلى حل سياسي للأزمة رافضين بقوة اي تدخل عسكري خارجي فيها.
ويرتبط العراق بالاتحاد السوفياتي السابق بعلاقات تاريخية متينة تواصلت مع روسيا بعد عملية التغيير التي شهدها العراق عام 2003 حيث قام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بثلاث زيارات إلى موسكو ساعدت على تطوير علاقات البلدين في مختلف المجالات.
وبعد عام 2003 عمل البلدان على أعادة ة تنشيط العلاقات بينهما وفق التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية للعراق الجديد وشهدت منذ ذلك الوقت زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين كان العراق هو المبادر فيها. ففي شهر كانون الأول (ديسمبر) عام 2003 زار موسكو وفد مجلس الحكم ثم شهد كانون الأول عام 2004 زيارة رئيس الوزراء للحكومة العراقية المؤقتة أياد علاوي إلى موسكوعلى رأس وفد ضم بعض الوزراء. ثم شهد شباط (فبراير) عام 2008 إعادة إحياء عمل اللجنة العراقية-الروسية المشتركة للتعاون التجاري والأقتصادي والعلمي. وتوجت تلك الزيارات بزيارة رئيس الوزراء نوري المالكي في نيسان (ابريل) عام 2009 على رأس وفد كبير ضم وزراء الخارجية والدفاع والكهرباء وممثل عن وزارة النفط وعدد من الخبراء والمستشارين في أمانة مجلس الوزراء. وتم أثناء اللقاءات التي أجراها رئيس الوزراء العراقي مع الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين الاتفاقعلى البدء بشكل جدي وعملي على تنشيط التعاون بين العراق وروسيا في مختلف المجالات. ثم زار المالكي موسكو العام الماضي مرتين وقع خلالها اتفاقات تسليحية قيمتها 4 مليارات ونصف المليار دولار.
أما من الجانب الروسي فكانت هناك زيارات لعدد من المسؤولين الروس إلى العراق كان أبرزها زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى بغداد في أيار (مايو) عام 2011 وعلى المستوى التجاري الأقتصادي فإن العلاقات بين البلدين تجري بوتيرة جيدة إذ أن بعض الشركات الروسية الكبرى كشركات ( لويك أويل) و (غازبروم نفط) النفطيتين وشركة (تخنوبروم أكسبورت) المتخصصة بقطاع الكهرباء تعمل في الوقت الحاضر في العراق لتأهيل قطاعي النفط والكهرباء إضافة إلى وجود بعض الشركات الروسية الأخرى التي تعمل على تأهيل بعض البنى التحتية في محافظات العراق المختلفة وتزويد وزارة التجارة ببعض مواد البطاقة التموينية.