تتجاوز الأزمة الأوكرانية الحدود المحلية إلى تحويل البلاد ساحة للصراع الدولي المستجد بين روسيا والغرب.

فيما شجب الروس ما سموه quot;انقلابquot; التيار اليميني الأوكراني على السلطة، هددت الولايات المتحدة وأوروبا بفرض عقوبات على المسؤولين الأوكرانيين عن أعمال العنف، التي اندلعت في كييف وامتدت إلى مدن أخرى.
وقد فرضت السلطات الأمنية حالة الطوارئ، فأغلقت مترو كييف، وأعلنت التخفيف من دخول المواطنين باتجاه العاصمة، تحسبًا لتصاعد الاشتباكات. وأكدت وزارة الصحة الأوكرانية الأربعاء مقتل 25 شخصًا في أعمال العنف في العاصمة كييف، موضحة أن العدد التقديري للمصابين بلغ أكثر من ألف.
تخلوا عن الديمقراطية
من ناحيته، هدّد الرئيس الأوكراني فكيتور يانوكوفيتش بملاحقة زعماء المعارضة الذين تخطوا الحدود، متهمًا إياهم بالسعي إلى الاستيلاء على السلطة. وقال يانوكوفيتش، بينما كان الهجوم جاريًا ضد المتظاهرين: quot;زعماء المعارضة تجاهلوا مبدأ الديمقراطية، الذي يقوم على الوصول إلى السلطة من خلال انتخابات وليس في الشارع، وتخطوا الحدود بدعوتهم الناس إلى حمل السلاح، وهذا انتهاك فاضح للقانونquot;.
وتوعد المخلين بالأمن بأنهم سيمثلون أمام القضاء. كما توعد المدعي العام فيكتور بشونكا بإنزال أشد العقوبات على المسؤولين ومثيري أعمال العنف التي شهدتها كييف.
أما رئيس الوزراء الأوكراني سيرجى أربوزوف، فوصف أعمال الشغب في كييف بأنها محاولة للاستيلاء على السلطة في البلاد بالقوة. وقال: quot;السلطة ما زالت وفية بالتزاماتها تجاه المعارضة، وفهم المتظاهرون ضرورة حل الأزمة سلميًا، وحرروا المباني الإدارية التي احتلوها في اليومين الماضيين، لكنهم للأسف قاموا بأعمال شغب في العاصمةquot;.
مشروع سياسي
ونقلت التقارير الصحفية عن اليكسي بوشكوف، رئيس لجنة مجلس الدوما الروسي للشؤون الدولية، قوله إن الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي مشروع سياسي، يهدف الى مساعدة القوى المعارضة الموالية للغرب في تولي الحكم بأوكرانيا، وإضعاف النفوذ الروسي. أضاف: quot;بات الجانب السياسي لهذه الشراكة واضحًا، بعد اضطرابات أوكرانيا، ولا يمكن أن نتخيل أن ذلك لا يحظى بدعم من الاتحاد الأوروبيquot;.
وأشار إلى أن عددًا من ممثلي الاتحاد الأوروبي زاروا كييف مؤخرًا، وأدلوا بتصريحات استفزازية دعوا فيها إلى النضال من أجل الديمقراطية، رغم وجود حكم ديمقراطي في أوكرانيا، ولم يقل أحد حتى الآن إن رئيس أوكرانيا غير شرعي، مؤكدًا أن القوى المعارضة في أوكرانيا لا تسعى الى توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بغية تطوير الاقتصاد الوطني، وإنما لزيادة تأثير الغرب في الحياة السياسية الداخلية في البلاد، وتعزيز مواقفها في الصراع على السلطة.
مماطلة متعمدة
وألقت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند باللوم على الأمن التابع للرئيس الاوكراني بقمع التظاهرات، وأوضحا أنهما يدعمان التحول السياسي الذي من شأنه أن يسمح للأوكرانيين بانتخاب حكومة جديدة. وعقب لقائها مع هولاند في باريس، قالت ميركل إن تصاعد العنف ناتج من مماطلة متعمدة من قبل يانوكوفيتش لتجنب أي حل وسط والحفاظ على مكانه في السلطة.
وطالب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير السلطات الأوكرانية بالعمل على وقف النزاع الدموي في كييف. وقال في بيان صادر عن وزارته: quot;يتوجب على قوات الأمن الأوكرانية أن تعمل الآن على إحداث تهدئة وعدم توسيع نطاق استخدام العنف، فالعنف ليس مخرجًا للأزمةquot;. وحث رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على المسؤولين عن الاضطرابات في أوكرانيا. وقال: quot;الحكومة مسؤولة عن العنفquot;.
ضبط النفس
وطالب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن يانوكوفيتش بتحمل مسؤولياته لنزع فتيل الأزمة في بلاده، ودعاه إلى سحب الأمن من ميادين كييف، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس. كما أوضح أن واشنطن تدين العنف الصادر عن أي طرف، مشدّدًا على أهمية إجراء حوار فوري بين الحكومة وزعماء المعارضة لوقف العنف.
وأعرب بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلقه البالغ لتطور الوضع في أوكرانيا إلى أعمال عنف. وقال مارتن نيسيركي، الناطق باسم مون: quot;عبّر الأمين العام عن صدمته من تصاعد حدة التوتر في كييف ووقوع ضحاياquot;، داعيًا المتنازعين إلى مضاعفة جهودهما الهادفة إلى اتخاذ إجراءات إيجابية، والعفو عن الأشخاص الذين اعتقلوا جراء مشاركتهم في الاحتجاجات، وخروج المتظاهرين من المباني الحكومية التي احتلوها بالقوة.