حماسة الأوكرانيين في التصدّي للدب الروسي الذي سيطر على منطقة القرم، تصطدم بواقع لا يمكن القفز عليه، فإن اختار الأوكرانيون المواجهة العسكرية، سيهزمون بالتأكيد نظرًا لضعف عتادهم في مواجهة روسيا.


لميس فرحات من بيروت: دعت الحكومة الأوكرانية الجديدة إلى اجتماع طارىء لمجلس أمنها القومي بهدف مواجهة محاولات روسيا للاستيلاء على شبه جزيرة القرم.

لكن هذا الهدف يصطدم بواقع مؤسف، وهو أن قوات أوكرانيا العسكرية سيئة التجهيز وعاجزة عن إعادة السيطرة على هذه المنطقة عسكرياً.

لا تأثير للجيش في القرم

الجيش الأوكراني يتمتع بسلطة رمزية في منطقة القرم، لكنه لا يملك أي وجود مؤثر، إذ لا يتعدى عدد قواته لواءً واحداً يتألف من 3500 جندي مزودين بأسلحة خفيفة.

هذا الوجود الرمزي يعني عدم وجود أية دبابات قتالية متطورة، باستثناء سرب جوي واحد لطائرات مقاتلة من طراز (سو -27) تم نشرها في القاعدة الجوية القريبة من مطار بلبيك العسكري.

مهمة مستحيلة

هذا النقص في القوة والمعدات، يجعل مهمة أوكرانيا في الحفاظ على القرم التي تتمتع بحكم ذاتي، مهمة مستحيلة تقريباً. كما أنه يعرقل الجهود الهادفة إلى إبعاد شبه الجزيرة عن الوقوع في قبضة روسيا التي تلوح بالخيار العسكري للسيطرة عليها.

في هذا السياق، نقلت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; عن مسؤول بارز في حلف شمال الأطلسي (الناتو) قوله إن quot;الأسطول البحري الأوكراني الصغير الذي كان في الأصل جزءاً من أسطول البحر الأسود، محاصر من قبل السفن الحربية الروسيةquot;.

قوة الروس وضعف الأوكرانيين

هذا الواقع قد يجعل الاستيلاء الروسي على شبه جزيرة القرم أمراً سهلاً نسبياً لأن الجيش الأوكراني حريص على عدم الرد على أي استفزاز من شأنه أن يبرر تدخلاً واسع النطاق، لا سيما وأنه أعلن أنه سيبقى بعيداً عن الصراع السياسي الداخلي في أوكرانيا.

وقال المحلل العسكري ميخائيلو كوتسين إن quot;أوكرانيا لم تضع خطة طوارئ واقعية لمواجهة أي محاولة روسية للاستيلاء على القرم في ظل الحجم الكبير للقوات الروسية المتمركزة فيهاquot;.

لكنه قال أيضا إنه يشك في أن القوات الروسية ستتدخل في أي مكان آخر في أوكرانيا، وذلك لأن القوات الروسية ستكون قد امتدت على الكثير من الأراضي وحتى في الشرق، مما يعني أن القوات الموالية لأوكرانيا ستعود الى الكفاح بمساعدة ميليشيات الدفاع والثوار.

خيار المقاومة مطروح

السفير الأميركي السابق لدى أوكرانيا ستيفن بيفر قال انه quot;إذا حاولت القوات الروسية اجتياح شرق أوكرانيا، فإن بعض الوحدات الأوكرانية ستقاومها إلى جانب العديد من المقاتلين من غرب أوكرانياquot;.

القرم مصدر توتر

شبه جزيرة القرم منطقة سكنية quot;متعددة الأعراقquot; وقد كانت مركزاً للنزاعات الإقليمية على مدى القرون الماضية. وأصبحت في العقود الأخيرة مصدراً للتوتر بين أوكرانيا وروسيا.

وفقا لإحصائيات السكان الأوكرانية الأخيرة، تعد شبه جزيرة القرم موطناً لنحو مليوني شخص، مع ما يقرب من 60 بالمئة منهم من الروس، وما يقرب من 25 بالمئة من الأوكرانيين، وحوالى 12 بالمئة من التتار.

وأصبحت شبه جزيرة القرم ساحة للمبارزة بين كييف وموسكو على الخلافات السياسية والاقتصادية والعسكرية والإقليمية. وتحولت القرم الى جزء من أوكرانيا في عام 1954 عندما منحها الحاكم السوفياتي نيكيتا خروتشوف إلى البلاد.

أما اليوم، تضم القرم الأسطول البحري الروسي في البحر الأسود، إضافة إلى المنتجعات الشاطئية المميزة والفاخرة.

ضعف المعدات العسكرية

ووفقاً لرسلان بوخوف، مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات، وهو مؤسسة بحثية عسكرية في موسكو، فقد quot;ورثت العسكرية الأوكرانية إمدادات كبيرة من الأسلحة من ثلاث مناطق عسكرية سوفياتية. لكن مرت على البلاد 22 سنة شهدت فيها تدهوراً اقتصادياً مستمراًquot;.

واضاف: quot;لم تحصل المؤسسة العسكرية الأوكرانية عملياً على أية معدات جديدة منذ 22 عاماً. انها الآن عبارة عن قوة مثيرة للشفقة إلى حد ماquot;.