القاهرة :رغم تبني روسيا لمجموعة مبررات أخلاقية في غزوها لشبه جزيرة القرم، إلا أن الحقيقة هي أن التحركات التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهذا الصدد كانت تحركات جيوسياسية.
ومع هذا، رأت مجلة دير شبيغل الألمانية أن المنطق قصير الأجل الذي استند اليه بوتين بهذا الشأن، قد يُقرِّب القوميين الأوكرانيين من السلطة ويخلق مجموعة جديدة من المشاكل.
واستهلت دير شبيغل حديثها بلفت الانتباه للقول المأثور الذي سبق أن قاله القيصر الكسندر الثالث، وهو أن روسيا لا يكون لها سوى حليفين هما جيشها وأسطولها حين تكون لديها رغبة في تحقيق مصالحها في مواجهة إرادة المجتمع الدولي.
حليف ثالث
ويبدو أن ثمة حليفًا جديدًا بدأ يدعم روسيا في ما تقوم به، متمثلاً في وسائل الإعلام الغربية، التي بدأت تعلن عن دعمها للمسار الذي قرر الاتحاد الروسي أن ينتهجه في التعامل مع أزمة القرم.
ورغم عدم وجود سند قوي يثبت بالفعل وقوف الإعلام الغربي مع روسيا في موقفها الراهن تجاه الأحداث في أوكرانيا، إلا أن ذلك بات مثار اهتمام واسع من جانب الآلاف من المواطنين الروس على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة عبر شبكة الإنترنت مؤخراً.
مبررات سخيفة
وتابعت المجلة بلفتها إلى سخافة المبررات التي لجأت إليها روسيا بخصوص خطواتها التي اتخذتها في القرم، حيث قالت إن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أخبر الأمم المتحدة بأن قوات غير نظامية مُقنَّعة من كييف بادرت بشن هجوم على وزير داخلية شبه جزيرة القرم. فيما أخبرت فالنتينا ماتفيينكو، الرئيسة الحالية للمجلس الفيدرالي للاتحاد الروسي، الرئيس بوتين بأن هذا الهجوم أسفر عن وقوع عديد القتلى. لكن يبدو أن ذلك الهجوم لم يحدث في حقيقة الأمر، فلم تظهر حتى الآن أية أدلة مصورة أو بيانات رسمية تثبت وقوع الهجوم. ولا ترغب الميليشيات المسلحة في شبه جزيرة القرم في تأكيد ذلك الهجوم المزعوم. وكذلك أشار رئيس برلمان القرم، فلاديمير قنسطنطينوف، إلى أنه لا يمتلك بيانات بخصوص أي من الضحايا.
حسابات جيوسياسية
كما توجد مؤشرات على أن موسكو تُضَخِّم في النفوذ الذي يحظى به اليمين المتشدد في ساحة الاستقلال بالعاصمة، كييف، من أجل منح روسيا مبرراً سهلاً للغزو، وبالتالي يكون بمقدورها ترويج ذلك للشعب الروسي على أنها مهمة إنقاذ لا أكثر ولا أقل.
فيما نبهت دير شبيغل من جانبها إلى أن الغزو جاء نتاج مجموعة من الحسابات الجيوسياسية، حيث ترغب موسكو في الواقع بإعادة السيطرة على القرم وميناء سيفاستوبول الذي يحظى بأهمية إستراتيجية كبرى بالنسبة لها في منطقة البحر الأسود.
تداعيات إقتصادية
إلى ذلك، أشار تقرير نشرته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية في نفس السياق إلى أن الأزمة الراهنة في أوكرانيا تسببت في إثارة غضب أسواق الطاقة وأسواق المال العالمية، حيث بدأت تظهر تداعيات قد تتفاقم، ما لم تتم تسوية التوترات الدولية.
ونقلت الصحيفة عن تشارلز موفيت، وهو خبير في الاقتصاديات الأوروبية والسوفيتية السابقة لدى شركة HIS المتخصصة في التنبؤات الاقتصادية، قوله:quot;التدخل العسكري للرئيس بوتين في أوكرانيا يبعث بإشارة مفادها أن روسيا تضع المصالح الإمبريالية فوق المصالح الاقتصادية الخاصة بها وبباقي المستثمرينquot;.
فيما نشرت اليوم وسائل إعلام بريطانية عن تلك الملفات الرسمية، التي كُشِف عنها يوم أمس عن طريق الخطأ، وأماطت النقاب عن عدم وجود نية لدى الجانب البريطاني في فرض عقوبات أو تدعيم أي عمليات عسكرية ضد روسيا على خلفية موقفها من الأزمة الأوكرانية.
وأشارت وسائل الإعلام إلى أن تلك الملفات الخاصة باتت في متناول الجميع بعد أن تركها واحد من مساعدي رئيس الوزراء، دافيد كاميرون، للعرض أمام المصورين الصحافيين قبيل اجتماع كان مقرراً يوم أمس في الدوانينغ ستريت. كما كشفت تلك الملفات، التي تركها هذا المسؤول وهو هاغ باول، نائب مستشار الأمن القومي للبلاد، عن عدم وجود خطط لدى الحكومة البريطانية لإخراج المستثمرين الروس من العاصمة لندن.