تجري الدول الغربية مشاورات كثيفة في شأن الموقف من روسيا على وقع تداعيات الأزمة الأوكرانية وسط دعوات لفرض عقوبات لحمل روسيا على التراجع مع التحذير من طموحات بوتين.

تحادث الرئيس الأميركي باراك أوباما مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الثلاثاء، بشأن الوضع في أوكرانيا وناقش الحل المحتمل للأزمة.
وأعلن مسؤول أميركي أن أوباما لن يحضر اجتماع قمة مجموعة الثماني المقرر عقده في سوتشي بروسيا في حزيران (يونيو) ما لم تتراجع روسيا عن تحركاتها في الأزمة الأوكرانية.
واضاف المسؤول قوله إن أوباما ناقش مع الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين ما وصفه مسؤولون بمخرج للروس من أزمة أوكرانيا تعيد بمقتضاه روسيا قواتها في القرم إلى قواعدها وتسمح لمراقبين دوليين بضمان حقوق السكان المنحدرين من أصل روسي وحمايتهم.
حل محتمل
وقال المسؤول ان أوباما ناقش أيضًا مع ميركل حلاً محتملاً للأزمة يتضمن أيضًا دخول الروس في حوار مباشر مع الحكومة الجديدة في أوكرانيا.
ومن جهتها، قالت الخارجية الأميركية إن الإدارة الأميركية لم تتخذ أي قرار بشأن الحظر التجاري المحتمل على روسيا بعد.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال في إشارة إلى موقف القيادة الروسية الرافض لتغيير السلطة في العاصمة الأوكرانية بالطريقة غير المشروعة، إن روسيا ستدفع ثمن سياستها غاليًا.
ومع ذلك، يُعتقد بأن الولايات المتحدة ستشارك في هذا الثمن الغالي إذا حظرت التعاون التجاري مع روسيا.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة لم تقرر فرض عقوبات على روسيا بعد.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال في وقت سابق إن الإدارة الأميركية تبحث فرض عقوبات على موسكو بسبب موقفها من أوكرانيا كحظر التعاون التجاري والاقتصادي والعسكري مع روسيا وحظر التعامل مع البنوك الروسية وتجميد أموال المؤسسات الروسية والأفراد في البنوك الأميركية.
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن العقوبات سلاح ذو حدين. أوضح المتحدث باسم الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش إنه لا بد لروسيا من فرض عقوبات مضادة.

لا نفع من العقوبات
ولم تبدأ واشنطن quot;بمعاقبةquot; موسكو حتى الآن لإدراكها أن عقوباتها لن تجدي نفعًا إذا لم تؤيدها أوروبا. وذلك لأن حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وروسيا يبلغ 40 مليار دولار في السنة في حين يبلغ حجم التبادل التجاري بين أوروبا وروسيا 460 مليار دولار.
وعلى الرغم من الضغوط الأميركية لا تبدو الدول الأوروبية مستعدة للمشاركة في حظر تجاري على روسيا.وأعلن وزراء خارجية ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا خلال اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي معارضتهم للحظر التجاري على روسيا.
وأصدرت الحكومة البريطانية، حسب معلومات هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية بي بي سي، تعليمات سرية قالت فيها إنه يجب ألا تؤيد بريطانيا عقوبات تجارية ضد روسيا.
ضرب الاقتصاد الروسي
وإلى ذلك، دعا مالكوم ريفكينيد رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات في حزب المحافظين النائب في مجلس العموم ووزير الدفاع البريطاني الأسبق الى فرض عقوبات ضد روسيا لحملها على التراجع عن موقفها المتشدد من الأزمة الأوكرانية.
وكتب ريفكند مقالاً في صحيفة (الغارديان) اللندنية، الثلاثاء، بعنوان quot;الأزمة الأوكرانية: يجب على الغرب عدم المراوغة بفرض عقوبات على روسياquot;، قال فيه إن quot;الطريقة الوحيدة لجلب بوتين إلى طاولة المفاوضات حول شبه جزيرة القرم، تكمن بضرب الاقتصاد الروسيquot; .
وأضاف ريفكينيد quot; إذا نجح فلاديمير بوتين في إعادة رسم خريطة أوروبا على أسس عرقية ، وذلك باستخدام القوة العسكرية، سنعاود الدخول في مرحلة من التاريخ الأوروبي، اعتقدنا أنها انتهت في عام 1945quot;.
واعتبر ريفكينيد أن الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم لا يمثل أزمة لأوكرانيا فحسب، إذ أن هناك تخوفاً من أن يتحول الأمر إلى أزمة خطيرة للغرب بأكمله بما فيهم المملكة المتحدة، مشيراً الى أن الهدف الاستراتيجي لبوتين منذ تسلمه سدة الرئاسة هي استعادة السيطرة الروسية على المناطق المجاورة، وهذا ليس سراً.
وأوضح أن روسيا لطالما اعتبرت ومنذ أيام بطرس الأكبر أنها تحتاج للسيطرة على جميع الأراضي التي تحيط بحدودها لضمان أمن بلادها.
أهداف بوتين
وأشار وزير الدفاع الأسبق إلى أن أهداف بوتين لا تقتصر فقط على وضع يده على شبه جزيرة القرم، بل السيطرة على أوكرانيا كما أنه لا يتقبل فكرة استقلال استونيا ولاتفيا وليتوانيا.
وأوضح ريفكينيد أن هناك أدلة تشير إلى أن المانيا وبريطانيا قلقتان من إمكانية فرض عقوبات اقتصادية على روسيا لأنها قد تضر بالمصالح التجارية والاقتصادية الخاصة بهما، إذ أن المانيا قد تجد صعوبة في استيراد الغاز والنفط التي تشتريهما من روسيا، أما بالنسبة لبريطانيا فإن صداها سيكون ضئيلاً على القطاع المالي.
وختم ريفكند مقاله قائلا: quot;إن الرئيس أوباما يحتاج إلى توفير قيادة حكيمة في هذا الوقت، وكذلك أنغيلا ميركل وديفيد كاميرون وزعماء أوروبيون آخرون. وإذا فعلوا ذلك، سيكون لدينا حل سلمي وعادل للأزمة الأوكرانية. وفي حال عدم التوصل إلى هذا الحل، فإن بوتين سينظر إلى الغرب بازدراء، وسيتحتم علينا جميعاً معايشة عواقب ذلكquot;.