أصرّ بشار الأسد على أن السكن اللائق حق لكل سوري، فتساءل السوريون: quot;هل يؤمنه لنا ليقصفه ويقتلنا تحت أنقاضه؟quot;.


بيروت: يتساءل أكثر من نصف السوريين اليوم، ماذا يريد بشار الأسد؟ هل يريد قتلنا بأي طريقة ممكنة، بالجلطة الدموية إن لم يكن بالقصف العنيف؟ وهذا التساؤل ليس نابعًا من استمرار النظام السوري في حربه على السوريين، ولكن من تصريح أخير، أصر فيه الأسد على التحدث عن حق كل سوري في المسكن اللائق.

فوق الغيمة

يسأل عبدالله الجودي، اللاجئ في بيروت من إحدى قرى ريف حلب التي سويت بيوتها بالارضبالكامل: quot;لأيش بدي سكن لائق، حتى يدكّه بالبراميل وأموت مع أولادي تحته؟quot;. قالها عبدالله بأسى، وهو الذي يسكن اليوم غرفة في بناء يعمل فيه ناطورًا. يضيف: quot;الله يرحمنا بس من الجنون، مش بيقولوا الله يثبت العقل والدين، فهذا بشار لا عقل ولا دينquot;.

فعلًا. هل يعاني بشار الأسد من انفصام في الشخصية، أم أدى الواقع المرير الذي يعيشه إلى انفصاله عن الواقع، والعيش quot;فوق الغيمةquot;، وهو التعبير الذي يستخدمه عبدالله الناطور لوصف quot;الحشاش المسطّلquot;.

بيدو ان quot;السيد الرئيسquot; لا يشاهد إلا قنوات الأطفال، فكيف سيعرف ما يدور في بلاده؟ كيف سيعرف أن 78 بالمئة من أبنية حلب السكنية مدمرة بالكامل، وأن التقارير الأممية تصف الشعب السوري بأنه يشكل اليوم أكبر كتلة لاجئة في العالم؟ أليس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية، التي يقصف طيرانها المروحي المدنيين بالبراميل المتفجرة، فتنهار على رؤوس ساكنيها؟

كان لائقًا!

بحسب الإعلام الموالي للأسد، فقد عقد اجتماع عمل بخصوص المراحل التي أنجزت في إطار خطة إحداث منطقتين تنظيميتين في دمشق، الأولى في المزة وكفرسوسة، والثانية في اللوان والقدم الغربي والشرقي وعسالي ونهر عيشة وبيادر نادر والدحاديل.

وأكد الأسد لمن حوله أهمية هذا المشروع في تأمين السكن اللائق للمواطن، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الوضع الاقتصادي، لأن هذه المشاريع تفتح مجالات واسعة للأيدي العاملة السورية خلال التنفيذ وآفاقًا جديدة للعمل بعد إنجازها. ولفت الأسد إلى أهمية تعميم هذه التجربة ووضعها في إطار استراتيجية الدولة لعملية التنمية العمرانية، وإعادة الإعمار في مختلف مناطق سورية.

هكذا، يريد الأسد الاستمرار في مشروع السكن اللائق، بينما يشرد بقصف لم يترك بناءً قائمًا حتى سواه بالأرض. لم يكن عبدالله قد سمع بالقرار بعد، لكنه ابتسم، ودمعت عيناه، وقال: quot;فقدت ولدين من خمسة تحت أنقاض مسكن كان لائقًا في حلب، فقدتهما لأنني لم أقدم لهما حياةً لائقة بدل المسكن اللائق، وسكت عن الظلم حتى قتلنيquot;.

أرقام مذهلة

مع صدور بيان quot;السكن اللائق والعدالة الاجتماعيةquot; في وسائل الاعلام، واجهها الناشطون بمئات الصور للدمار الهائل الذي أحلّه quot;السيد الرئيسquot; في مدن سوريا. والقاسم المشترك في التعليقات التي رافقت هذه الصور هو السؤال: quot;هل أراد بالسكن اللائق تأمين المزيد من البيوت لتشكل مرمى لمدافع جيشه وطائراته وبراميله، ليحطم الأرقام القياسية في تدمير الحجر وتهجير البشر؟ وأين العدالة الاجتماعية مع استخدام سياسة التجويع للتطويع في اليرموك ومعضمية الشام وغيرهما؟quot;.

وكان تقرير أصدرته في السنة الماضية لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا - إسكوا قال إن ما يقارب من 1,5 مليون منزل تعرضت للدمار في سوريا، تضاف طبعًا إلى دمار البنى التحتية من مياه وكهرباء وصرف صحي.

وقال تقرير حديث للشبكة السورية لحقوق الإنسان إن قوات النظام السوري داخل سوريا شرّدت أكثر من 6.395 مليون مواطن سوري، وإن أكثر من 4.5 ملايين مواطن سوري يحتاجون إلى مساعدات غذائية، ولجأ أكثر من 3.6 ملايين سوري إلى دول العالم، وإن 846 شخصًا لقوا حتفهم بسبب سياسة التجويع.