قال خالد شيخ محمد، المتهم بتدبير هجمات 11 ايلول (سبتمبر) في إفادة نادرة لم يقدّم مثيلها منذ اعتقاله عام 2003، إن تنظيم القاعدة quot;يخوض حرب استنزاف مع الولايات المتحدةquot;.


لندن: تحدّث خالد شيخ محمد المتهم بتدبير هجمات 11 أيلول، باستفاضة في مقابلة أجراها معه محامو سليمان أبو غيث صهر اسامة بن لادنالذي يحاكم في نيويورك بتهمة التآمر لقتل أميركيين ودعم أعمال ارهابية، عن الفكر الذي يقف وراء هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 التي أحدثت انقلابًا في السياسة الخارجية الأميركية.
الطرف الضعيف
وطيلة المقابلة التي سمحت بها القيادة العسكرية في معتقل غوانتانامو، وصف محمد المسجون في المعتقل منذ عام 2006، تنظيم القاعدة بأنه الطرف الضعيف في معركة، يخوضها ضد عدو أقوى منه بكثير، يجسد الظلم والنفاق والكفر هو الولايات المتحدة.
وقال محمد لمحامي ابو غيث، خلال المقابلة التي أُجريت معه أواخر شباط (فبراير) الماضي quot;إن العدو الذي يحتل دار الإسلام، قوة عظمى لها ميزانية بالمليارات، ونحن تنظيم صغير، محدود بعدد أعضائه وقدراته. ولا توجد مقارنة بين الطرفين، وبالتالي من البديهي أن نلجأ إلى حرب استنزاف طويلة النفس، تساهم فيها القوى العسكرية والاعلام على السواءquot;.
وكان محامو ابو غيث نالوا موافقة المحكمة على تقديم أسئلة إلى خالد شيخ محمد قبل أي شهادة محتملة قد يدلي بها لدحض التهم الموجة إلى موكلهم.
لا دور لأبو غيث
وأكد محمد للمحامين، ان ابو غيث لم يكن له أي دور عسكري في تنظيم القاعدة، وانه على الأرجح لم يؤد قسم الولاء لبن لادن. كما نفى محمد أن يكون لصهر بن لادن أي دور في المؤامرة الفاشلة لتهريب متفجرات مخبأة في أحذية داخل طائرات.
وتحدث محمد بلغة تنسجم مع البيان، الذي أصدره بن لادن في خريف 2004 قائلًا إن الهدف الحركي الأساسي لتنظيم القاعدة، هو استدراج الولايات المتحدة إلى حروب دموية عقيمة، لكنها باهظة الكلفة تؤدي في النهاية إلى تحقيق هدف القاعدة في طرد الولايات المتحدة والقوى الغربية من بلاد الاسلام.
وقال محمد quot;ان كل حالة طوارئ تُعلن وكل تغيير في مستوى الاستنفار يفرض اتخاذ اجراءات محدَّدة في القطاعين العسكري والمدني يكلف البلد الذي يتخذها ملايين الدولارات. ويكفي ان تكون الولايات المتحدة تكبدت خسائر تصل إلى تريليون دولار في حروب خاضتها بعد هجمات 11 ايلول (سبتمبر)، ويستمر نزيفها حتى اليومquot;.
تعذيب وتواطؤ
ولم يتحدث محمد عن تعذيبه على أيدي محققي وكالة المخابرات المركزية بعد القبض عليه في آذار (مارس) 2003 في مدينة راولبندي الباكستانية، بما في ذلك 183 جولة من الإيهام بالغرق خلال شهر واحد. وكانت أقرب اشارة إلى تعذيبه وردت في شكوكه بأن يكون محامو ابو غيث متعاونين مع الحكومة الاميركية لأن الأسئلة التي تسلّمها منهم quot;مطابقة تماما لطريقة وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في طرح الأسئلةquot;.
إفادة موسعة
وكان محمد أكد امام محكمة عسكرية خاصة في معتقل غوانتانامو عام 2007 انه quot;مسؤول عن عملية 11 ايلول (سبتمبر) من ألفها إلى يائهاquot; واعترف بدرجات متفاوتة من المصداقية بمسؤوليته عن 31 عملًا ارهابيًا او محاولة لتنفيذ اعمالٍ ارهابية.
وتوسع محمد في إفادته الجديدة عما قاله عام 2007 واصفًا الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة لتبرير الحبس في غوانتانامو، بأنها اتهامات واهية، وقال إن الولايات المتحدة قوة منافقة تفرض حصارًا عالميًا على المسلمين.
وأبلغ محمد محامي ابو غيث quot;أن زوارا من كل صنف كانوا يلتقون مسؤولين في إمارة أفغانستان الإسلامية وبعضهم كانوا حتى يزورون معسكرات المجاهدين إذا كانوا موضع ثقة من الناحية الأمنية. ولا يعني هذا أن كل من زار معسكرًا للمجاهدين أو القى محاضرة عضو في الجماعة أو يتفق مع ايديولوجيتهاquot;.

دولة منافقة
وتحدث محمد عن الولايات المتحدة بوصفها دولة منافقة قامت بتمويل منظمات إسلامية متطرفة خلال الثمانينات للقتال بالنيابة عنها، ضد الغزو السوفياتي لأفغانستان. وأضاف في إفادته التي نقلت صحيفة الغارديان مقتطفات منها quot;إن الخطابات الجهادية كانت مقبولة وقتذاك، بل كانت تحظى بدعم الغرب وترحيبه لأنها تعكس مصالحهم الاستراتيجيةquot;. ولكن بعد الإنتفاضات الإسلامية في البوسنة والشيشان، إبان التسعينات quot;تغيرت المفردة من مجاهد إلى ارهابي ومن الجهاد إلى الارهابquot;.
واعتبر محمد حكم طالبان في افغانستان quot;عصرا ذهبياquot; حمى شعبها من quot;النهب والسلب والقتل والاغتصاب والعنف الجماعيquot;. وذهب إلى أن قندهار وكابول وجلال آباد في عهد طالبان، كانت quot;حتى أكثر أمانا من مدن أميركية مثل شيكاغو ونيويورك ودلاس ولوس انجيليسquot;.
وعزا محمد تنامي قوة تنظيم القاعدة في أفغانستان إلى إهمال الولايات المتحدة افغانستان بعد انسحاب القوات السوفياتية واصفا موقفها آنذاك بأنه quot;سياسة خارجية غبية... أغمضت عينيها تمامًا عما كان يجريquot; ثم تابع قائلا إن واشنطن عملت مع الاستخبارات الباكستانية في التسعينات لإبقاء أفغانستان ضعيفة.
وقال محمد لمحامي ابو غيث quot;ان كل هذا حدث للتأكد من أن المجاهدين حتى إذا انتصروا وطردوا الروس سيكونون عاجزين، وأفغانستان ستبقى تابعة لباكستان أو الهند أو ايران أو طاجكستان، كما كان يريد الغربquot;.
وقدم محامو ابو غيث طلبا إلى المحكمة أن تسمح لخالد شيخ أحمد بالإدلاء بشهادته من معتقل غوانتانامو عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة.