أثار قرار لمحكمة الاستئناف الشرعية في الأردن حول عدم قبول شهادة سيدة كونها لا ترتدي الحجاب ردات فعل غاضبة وواسعة، كونه ينتهك الحرية الشخصية التي كفلها الدستور.


حفلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة بمقالات وبيانات وتغريدات ضد قرار محكمة الاستئناف الشرعية في الأردن، الذي أثار حفيظة رجال قانون وحقوقيين اعتبروه انتهاكًا واضحًا وصريحاً لحقوق المرأة واختراقاً لمبدأ المساواة وانتهاكًا للحرية الشخصية.

وكان قرار محكمة استئناف عمّان الشرعية الذي يحمل الرقم 348/2014- 91838 صدر في 3 شباط (فبراير) الماضي، وهو ينقض قرار محكمة ابتدائية بموجب طعن أثاره محامٍ بعدم قبول سماع شهادة امرأة، لكونها سافرة (حسب وصف القرار)، ما اعتبرته محكمة الاستئناف، مانعًا من عدالتها في الشهادة، وبالتالي أثر على نصاب الشهادة.

وجاء القرار على خلفية قضية تفريق بين زوجين، وبحق شاهدة، قال القرار إنها quot;سافرة عن شعر رأسها، وأدت شهادتها أمام القاضي وهي كذلكquot;، ما اعتبره quot;مانعًا من عدالتها للشهادةquot;.

واعتبر القرار أن quot;الفقه الإسلامي ومذهب أبي حنيفة، مرجع القانون في اعتبار البينات في الموضوع، وفي الموضوع عند عدم النص في القانون، هو في حرمة كشف رأس المرأة، واعتباره حراماً، ومانعاً من عدالة المرأة الموصوفة بذلك، وبذلك لا تقبل شهادتهاquot;.

وأسند القرار هذا المنع إلى تفسير للقرطبي، ولكتاب مراتب الإجماع لابن حزم الظاهري، في باب الأقضية والشهادات، ومن الكتب الحديثة، لفتاوى الشيخ مصطفى الزرقا الذي قدم له الدكتور يوسف القرضاوي.

اتحاد المرأة

وعلى خلفية القرار الصادر عن المحكمة، عقد اتحاد المرأة الأردنية في مقره أمس، مؤتمراً صحافياً شاركت فيه الجمعية الاردنية لحقوق الانسان وحقوقيون وناشطون يمثلون منظمات مجتمع مدني، قال فيه المتحدثون إن quot;القرار يخالف أحكام الدستور الاردني التي تنص على المساواة بين الاردنيين، والذي حمى الحريات الشخصية وصانهاquot;.

ودعا المتحدثون الجهات المعنية لـquot;مراجعة القرار وإلغائهquot;، لا سيما أن quot;لباس المرأة حرية شخصية يقرها الدستور والقانون، وأن أي اعتداء على الحريات الشخصية يخالف صراحة نص المادة السابعة من الدستورquot;.

وأصدر اتحاد المرأة الأردنية بيانًا قال فيه: بكثير من الاستغراب والاستهجان والاستنكار تلقى اتحاد المرأة الاردنية قرار محكمة استئناف عمان الشرعية رقم 348/2014- 91838 الصادر بتاريخ 3/2/2014 الذي نقض بموجبه قرار محكمة ابتدائية بموجب طعن أثاره محامٍ بعدم قبول سماع شهادة امرأة لكونها سافرة عن شعر رأسها ( حسب وصف القرار)، الامر الذي اعتبرته محكمة الاستئناف مانعًا من عدالتها في الشهادة؛ وبالتالي اثر على نصاب الشهادة!.

مقدمة القرضاوي

وتابع بيان اتحاد المرأة: إن القرار المشار اليه يطعن في اهلية النساء غير المحجبات باعتباره اياهن غير معتبرات للشهادة لأنهن (فاسقات) وفق الفتوى التي استند اليها القرار- ورغم ادعاء القرار استناده لاحكام الفقه الاسلامي ndash; الا أنه لم يجد سندًا الا في مقدمة كتاب كتبها الشيخ يوسف القرضاوي!.

وأضاف: كما أن القرار عاد واكد على التمييز ضد النساء الذي كرّسه قانون الاحوال الشخصية بالانتقاص من شهادة النساء وعدم الاعتداد بشهادة المرأة ومساواتها بأهلية الرجل للشهادة.

وقال الاتحاد: نظرًا أن هذا القرار يخالف احكام الدستور الاردني التي نص على المساواة بين الاردنيين، والذي حمى الحريات الشخصية وصانها؛ فأننا نطالب كافة الجهات المعنية مراجعة القرار المذكور والغائه، ونؤكد على ما يلي:

1. إن لباس المرأة حرية شخصية يقرها الدستور والقانون ولا يجوز لأحد الطعن فيه طالما لا يخالف القوانين والنظام العام، وان أي اعتداء على الحريات الشخصية يعد جريمة ويخالف صراحة نص المادة السابعة من الدستور.

2. إن قرار المحكمة سابقة قضائية تطعن في نزاهة النساء ومصداقيتهن وكرامتهن، خاصة أنه صادر عن محكمة اعلى درجة في القضاء الشرعي.

3. إن قانون الاحوال الشخصية غير دستوري اذ يمس مبدأ المساواة ابتداء بين النساء والرجال.

4. إن ترك ساحات المحاكم لاجتهادات فقهية أمر في غاية الخطورة في ظل اتساع مجال الاجتهادات الفقهية، الامر الذي يترك للقاضي حرية الاجتهاد ليتخير ما يستند اليه من الفقه، وفقًا لآرائه ومعتقداته الشخصية، الامر الذي يتناقض مع قاعدتي التجريد والعمومية.

5. رغم أن الدستور الاردني ترك مسائل الاحوال الشخصية للمحاكم الشرعية لتحكم بها وفق احكام الشرع الحنيف، الا أن هذه المادة يجب أن لا تتناقض مع احكام الفصل الثاني من الدستور الذي نص على حقوق وواجبات الاردنيين، مما يعني ان الاحكام التي يجوز الاستناد اليها في الفقه الاسلامي ينبغي الا تتعارض مع مبدأ المساواة وأن لا تمس جوهر الحقوق التي اعترف بها الدستور وصانها، وذلك بصريح الفقرة الاولى من المادة 128 من الدستور: quot;لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس اساسياتهاquot;.

وعليه ولما تقدم يطالب اتحاد المرأة الاردنية بـ:

1. الغاء القرار المشار اليه والرجوع عنه.
2. نكرر دعوتنا بضرورة مراجعة احكام القوانين النافذة وتحديدًا قانون الاحوال الشخصية بحيث تزال الاحكام التي تميز ضد النساء فيه.
3. خضوع قرارات المحاكم الشرعية للطعن لدى محكمة التمييز.

قرار صادم

ووصفت رئيسة الاتحاد آمنة الزعبي في تصريحات لصحيفة (الغد) القرار بأنه quot;صادمquot; وسابقة قضائية، تثير تداعيات غير مسبوقة في الاردن، ويطعن في أهلية النساء غير المحجبات، ويمس بحرية ومكانة المرأة الاردنية، ويسقط الأهلية عنها، ولا سيما أنه لم يصدر بحكم القانون أو الدستور، وانما استند الى الفتوى فقطquot;.

ودعت الزعبي لـquot;التراجع عن القرار الذي لا يتماشى مع دولة القانون والمؤسساتquot;. كما اعربت المحامية هالة عاهد عن مخاوفها من أن ينعكس القرار على ترافع المحاميات أمام المحاكم الشرعية.

وفي الوقت الذي أشارت فيه ممثلة اتحاد المرأة نادية شمروخ الى أن القرار quot;سابقةquot;، لفتت الأمينة الأولى لحزب الشعب الديمقراطي عبلة ابو علبة الى أن القرار quot;لا يساوي بين المواطنين والحريات العامة المنصوص عليها في الدستورquot;.