على وقع الجلسة التشريعية التي يعقدها مجلس النواب على مدى ثلاثة أيام، وبعد عشرين جولة قتالية متتالية بين المسلحين العلويين والاسلاميين في محلتي باب التبانة وجبل محسن في طرابلس نفذ الجيش اللبناني خطة أمنية في المدينة فوجئ الجميع بنجاحها وسلاستها وعدم مواجهة القوى العسكرية اي مقاومة مسلحة خلالها على عكس ما كانت تواجهه في خطط ومحاولات جرت سابقا، وسقط فيها قتلى وجرحى من الضباط والعسكريين الى جانب العشرات من المدنيين والمسلحين.


بيروت: لم تعثر القوى العسكرية اللبنانية على أي ممن سمّيوا quot;قادة المحاورquot; في محلتي التبانة وجبل محسن، إذ اختفى هؤلاء بسحر ساحر، بعدما كانوا يتحكمون في ما مضى بالوضع الأمني في طرابلس ويفرضون مشيئتهم على جميع القيادات والقوى السياسية في المدينة، حتى ان هذه القيادات، او بعضها، كانت تبدي عجزا عن اقناع هؤلاء في التزام اي قرار او تدبير تتخذه السلطات الرسمية لمعالجة الوضع الأمني في المدينة.

وذكرت المعلومات ان عددا كبيرا من قادة المحاور غادروا الى خارج لبنان بعدما كانوا حصلوا في فترات سابقة على سمات دخول الى عدد من الدول، فيما توارى البعض داخل طرابلس وفي عدد من المناطق.

وتبين أن رئيس الحزب العربي الديمقراطي علي عيد والمسؤول السياسي للحزب نجله رفعت عيد المطلوبين بموجب مذكرات توقيف للاشتباه بهما في الضلوع بتفجير مسجدي quot;الاسلامquot; وquot;التقوىquot; في المدينة في خلال العام الماضي قد تواريا ايضا، وتردد انهما غادرا الى سوريا، اذ ان قوة من الجيش دهمت منزليهما في جبل محسن ولم تعثر عليهما كذلك دهمت قوة اخرى منزلا لعلي عيد في بلدة حكر الضاهر في منطقة عكار واوقفت فيه اربعة اشخاص ولم تعثر عليه فيه.

وقالت مصادر معنية لـquot;إيلافquot; ان نجاح الخطة الأمنية في طرابلس هذه المرة ما كان ليحصل لولا رفع غطاء سياسي فعلي هذه المرة قد حصل عن quot;قادة المحاورquot; ما افقدهم اي دعم من القوى السياسية التي كانوا يلوذون بها، وكان المخرج هو فرارهم الى الخارج او تواريهم عن عيون القوى العسكرية والاجهزة الأمنية كمخرج متفق عليه ضمنا.

وأكدت هذه المصادر ان رفع الغطاء هذا ينطوي على قرار كبير ذي ابعاد إقليمية ادى بداية الى تأليف حكومة الرئيس تمام سلام بعد مرور عشرة اشهر من التعثر وسيستكمل تباعا بتعزيز دائرة الاستقرار الأمني في البلاد بدءا من انهاء الاقتتال في مدينة طرابلس التي شهدت نحو 20 جولة من هذا الاقتتال منذ اندلاع الحرب السورية وما تلقيه من تداعيات على لبنان بدءا من شماله.

بقعة زيت ستتفشى

وأكدت المصادر نفسها ان الخطة الأمنية لطرابلس هي كبقعة زيت ستتفشى لتشمل مناطق لبنانية اخرى وذلك تنفيذا لقرار اقليمي ndash; دولي بالحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار في لبنان بما يتيح للحكومة اللبنانية انجاز الاستحقاقات الدستورية الداهمة بدءا من انتخاب رئيس جمهورية جديد خلفا للرئيس الحالي العماد ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في 25 ايار المقبل وانتهاء بانتخاب مجلس نواب جديد في اواخر السنة الجارية حيث تنتهي ولايته الممددة سنة ونصف سنة منذ حزيران 2013 حيث كانت انتهت ولايته البالغة 4 سنوات وحالت الازمة السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد آنذاك دون إجراء انتخاب مجلس نواب جديد.

زوال النفوذ القطري

وأكدت هذه المصادر أن الخطة الأمنية لطرابلس أنهت quot;النفوذ القطريquot; في المدينة وهي تمهد لإنهائه في بقية المناطق اللبنانية لاحقاً، إذ ان عددا لا بأس به من قادة المحاور في باب التبانة وغيرها كانوا ولا زالوا يتلقون دعما قطرياً، وأنهم وبإيعاز قطري حاولوا في جولة الاقتتال الاخيرة في طرابلس المشاغبة على دور الممكلة العربية السعودية ودعمها للبنان الذي أدى تذليل العقبات ما سهل تأليف حكومة الرئيس تمام سلام بعد مضي عشرة اشهر على تكليفه هذه المهمة.

وأكدت المصادر ان القطريين فشلوا في هذه المشاغبة وأدت الخطة التي دعمتها المملكة ايضاً الى استعادة طرابلس من quot;القبضة القطريةquot; الى حضن الشرعية اللبنانية والجيش اللبناني الذي قدمت له المملكة هبة بقيمة 3 مليارات دولار لتعزيز قدراته التسليحية والدفاعية في كل المجالات بما يجعله القوة الوحيدة القادرة على الامساك بأمن لبنان وضمان استقراره.

تحييد لبنان

والى ذلك أكد مسؤول لبناني لـquot;إيلافquot; ان تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس واقفال الجرح النازف فيها منذ بداية الازمة السورية، يشكل خطوة اولى على طريق تحييد لبنان وعزله فعليا عما يجري في سوريا، وهو ما سينطبق لاحقا على مناطق لبنانية اخرى، ولا سيما منها تلك المحاذية للحدود من البقاع الغربي صعودا حتى البقاع الشمالي وصولا الى منطقة عكار.

اذ ان المعلومات تشير الى ان النظام السوري الذي سيطر تقريبا على هذه الحدود وسيقفلها من جهته بالالغام وبالتحصينات والاجراءات العسكرية ، فيما سيتولى الجيش اللبناني اقفال هذه الحدود من الجهة اللبنانية ما يعني ان عملية تسلل السلاح والمسلحين سواء المؤيد منهم للنظام او للمعارضة ستصبح صعبة ومعقدة، الامر الذي سينعكس ايجابا على أمن لبنان واستقراره في المرحلة المقبلة، بحيث تنصرف القوى العسكرية والاجهزة الأمنية اللبنانية الى انهاء الجزر الأمنية وتقويض معاقل القوى المتطرفة داخل لبنان.