عندما اصطحب البروفسور محمد الدجاني مجموعة طلاب فلسطينيين الى معسكر اوشفيتز، أكبر معسكرات الاعتقال والإبادة النازية في بولندا، كان يريد تعليمهم التسامح وتقبل الآخر والانسانية، لكنه تعرض لحملة شرسة خوّنته ورمته بالعمالة لإسرائيل.


لميس فرحات من بيروت: محمد الدجاني أستاذ في جامعة القدس قرر أخذ طلابه في رحلة تعلمهم التسامح وتقبّل الآخر، لكنه لم يعلم أن الموقع الذي اختاره لرحلته سيؤدي إلى اتهامات بحقه أقلها العمالة والخيانة ونكران أهل بلاده.

معسكر اوشفيتز

في سابقة من نوعها، اصطحب الدجاني مجموعة طلاب فلسطينية الى معسكر اوشفيتز، أكبر معسكرات الاعتقال والإبادة النازية، في بولندا.

ورافق الطلاب مرشدون يهودا نجوا من المحرقة حيث أمضوا عدة أيام للتعرف على quot;اوشفيتز بيركناوquot; الذي يعد من أكثر معسكرات التعذيب إبادة للشعب اليهودي.

هذا المشروع الذي تم بالتعاون بين جامعة القدس الفلسطينية وجامعة quot;فريدريش شيلرquot; الألمانية يهدف إلى quot;تعلم معاناة الطرف الآخر وتشكيل الوعي التاريخيquot;، وفقاً لما قاله الدجاني.

تبرأوا منه

لكن النتيجة أتت عكس ما توقعه، إذ عاد ليجد أن الجامعة تبرأت من الرحلة معتبرة أن الدجاني هو الوحيد المسؤول، وبالتالي اتهمه زملاؤه بالخيانة!
الجامعة تبرأت فوراً

الجامعة قالت أن الدجاني والطلاب المشاركين تصرفوا بصفتهم الشخصية، ولم يكونوا ممثلين للجامعة، مضيفة أن المحاضر تقدم بإجازة شخصية ولم يكن في إطار عمله بالجامعة عندما نظم الرحلة.

وأوضحت الجامعة انها ملتزمة بقطع علاقتها مع الجامعات الاسرائيلية منذ عام 2009 بقرار من مجلس الجامعة، وذلك بعد أن أوردت صحيفة quot;هآرتسquot; خبراً حول الزيارة، مشيرة إلى أنها تمت بالتنسيق بين جامعتي القدس وبيرزيت لتنفيذ دراسة علمية حول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

وقال الدجاني انه توقع أن تثير الرحلة انتقادات عدة، إنما ليس أن تصل إلى درجة التخوين، مضيفاً: quot;اعتقدت انه سيكون هناك بعض الشكاوى، ثم سيتم نسيان الأمر. لكن الجدل تفاقم بسبب شائعات غير صحيحة تشير إلى ان الرحلة تم دفع ثمنها من قبل المنظمات اليهودية بينما تكفلت الحكومة الألمانية بكل التكاليفquot;.

واعتبر بعض النقاد أنه كان الأجدى بالدجاني أن يعلم طلابه عن نكبة عام 1948 عندما خاض العرب والإسرائيليين حرباً انتهت بطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من بلادهم وإقامة إسرائيل على الأراضي المحتلة.

براغماتي وعملي

من جهته، قال ماثيو كالمان، وهو معلق في صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الدجاني quot;رجل مؤمن وبراغماتي عمليquot;، مشيراً إلى أنه كسر التقاليد في أخذ طلابه إلى هذه quot;الرحلة الشجاعةquot;.

وأضاف: quot;الدجاتي رجل فخور بالقومية الفلسطينية، لكنه يعتقد أن على الفلسطينيين أن يعرفوا من أين اتى الإسرائيليون ومعرفة تاريخهمquot;.

غسيل أدمغة

واتهم بعض المنتقدين الدجاني بأنه يحاول غسل أدمغة الشباب الفلسطيني.

لكن أحد الطلاب الفلسطينيين الذين شاركوا في الرحلة قال أن الرحلة جعلتهم يشعرون quot;بإحساس كبير بالإنسانية. لقد شعرنا بالتعاطف مع الكثير من الناس الذين قتلوا في هذا المكان بسبب عرقهم أو دينهمquot;.

وأضاف: quot;هذا لا يعني أننا لا نريد إقامة دولة فلسطينيةquot;.

quot;لا أندمquot;

الدجاني يقول ان هذه الرحلة جاءت بعد مشاركته في وفد مشترك من يهود وعرب ومسيحيين إلى معسكر أوشفيتز عام 2011، ثم كتب بعد ذلك مقالاً تحت عنوان quot;لماذا يجب على الفلسطينيين قراءة المزيد عن المحرقةquot;.

وألف الدجاني أيضاً ما يعتقد بأنه أول مقدمة موضوعية للمحرقة اليهودية باللغة العربية ويأمل أن تتحول إلى كتب رسمية للتعليم في المنهج الدراسي.

ويقول الدجاني: quot;نحن نريد التعلم عن دور التعاطف مع الآخر وكيف لهذا التعاطف أن يساعد في عملية المصالحة. أرغب بأن يكتشف الفلسطينيون ما لم يكتشفوه بعد حتى ولو كان هناك ضغط كبير داخل المجتمع لتجنب ذلكquot;.

وفي بيان له الأسبوع الماضي، كتب الدجاني: quot;سوف أذهب إلى رام الله، وسوف أذهب إلى الجامعة. سوف أضع صور الزيارة على فايسبوك. أنا لا أندم لثانية واحدة على ما فعلته. وسوف نفعل ذلك مرة أخرى إذا ما أتيحت لنا الفرصةquot;.

وأضاف: quot;أنا لن أختبئ أو أنكر أو أصمت ولن أقف متفرجاً على معاناة الضحايا. هذه كلمتي النهائية بشأن هذه المسألةquot;.