يعقد وزراء خارجية الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا وأوكرانيا مباحثات شاقة الخميس في جنيف، من أجل التوصل إلى حل للأزمة الأوكرانية التي يبدو أنها تتصاعد.


توجه جون كيري، وزير الخارجية الاميركي، صباح الاربعاء إلى جنيف ليلتقي الخميس نظراءه الاوروبي كاثرين اشتون، والأوكراني اندري ديشتشيتسا، والروسي سيرغي لافروف، في اجتماع صعب، يفترض أن يحل أزمة أوكرانيا.

أكثر تهديدًا

تريد موسكو فرض فدرالية في أوكرانيا، ترى فيها حكومة كييف تهديدًا بتفكيك البلاد على خلفية اختبار القوة في شرق البلاد، بين المتمردين الموالين لروسيا والقوات المسلحة الأوكرانية. وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء المستشارة الالمانية انغيلا ميركل من أن أوكرانيا على شفير حرب أهلية، لكنّ المسؤولين أعربا عن الامل في أن يعطي لقاء جنيف اشارة واضحة لتعود الاوضاع سلمية، بحسب الكرملين.

وفي حال فشل الاجتماع، هددت واشنطن بفرض عقوبات جديدة على موسكو. ووفقًا للخارجية الاميركية، قد يعني ذلك استهداف المزيد من الافراد وحتى منع الوصول إلى بعض القطاعات الاقتصادية الاساسية، مثل المناجم والطاقة والخدمات المصرفية.

اما وزير الخارجية الالماني فرانك-فالتر شتاينماير، فقد اعتبر الاربعاء أن لا مجال للفشل في اجتماع جنيف، quot;لأن الوضع في شرق أوكرانيا اكثر تهديدًا، واحتلال المباني العامة في شرق أوكرانيا يثير ردود فعل لدى قوات الامن، وقد يسقط المزيد من القتلى والجرحى في حال لم نخرج من دوامة العنف هذهquot;. وأوضح: quot;لا يمكن لأحد التنصل من هذه المسؤولية، خصوصًا اولئك الذين يشاركون من الخارج في زرع الفوضىquot;.

فقدت سلطتها

يقول جون لوف، الخبير في مجموعة شاتام هاوس البريطانية للدراسات حول العلاقات الدولية: quot;موسكو تحاول دفع السلطات الأوكرانية لاستخدام القوة، ويريد الروس أن يعطوا دائمًا الانطباع بأن كييف فقدت سلطتها، وأن الحكومة المركزية غير كفوءة، وأنها تؤجج بنفسها التوتراتquot;.

واضافت آن دو تينغي، الباحثة في معهد الدراسات السياسية في باريس: quot;ما يرغبون فيه، هو قيام أوكرانيا محدودة السيادةquot;. وقالت في تصريح نشرته الثلاثاء صحيفة ليبراسيون الفرنسية إن فلاديمير بوتين يريد أوكرانيا منضبطة، في اطار مشروعه الفيدرالي.

وتتوافر لموسكو وسائل تفوق ما يتوافر للولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي للتأثير في أوكرانيا، كما قال لوف. وأضاف أن روسيا وضعت منذ فترة طويلة اوكرانيا في صلب اولوياتها، quot;فيما أدركت اعداد كبيرة من الناس في العواصم الاوروبية للتو أن أوكرانيا بلد كبير جدًا وغير مستقر في الوقت الراهنquot;.

واعتبر أن الروس يسعون إلى اقناع الولايات المتحدة واوروبا بأن لدى روسيا وحدها حلًا واقعيًا للمشاكل. واضاف: quot;سيؤكدون أن القوى العظمى الغربية ليست مستعدة لدعم أوكرانيا ماليًا، سيقولون إنهم مستعدون للاضطلاع بدور بناء وانهم يستطيعون ايجاد وسيلة لخفض اسعار الغاز وإرجاء الدين الأوكراني حول الغاز فور حصولهم على ضمانة بأن حكومة كييف ستأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأوكرانيينquot;.

حوار طرشان

وحذر لافروف من أن أي أمر quot;إجراميquot; تصدره السلطات الأوكرانية باستخدام القوة ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا سينسف حوار جنيف. وأعربت واشنطن والاتحاد الاوروبي عن قلقهما من هجمات يشنها ناشطون موالون لروسيا في الشرق، ووجّها دعوة إلى ضبط النفس، وشددا على احترام السيادة الأوكرانية.

وحضّ الرئيس الاميركي باراك اوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين على استخدام نفوذه حتى تتخلى القوات غير النظامية عن أسلحتها. وأوحى الرد بأن ما يدور هو حوار الطرشان، عندما قال بوتين إن الاتهامات بالتدخل هي مجرد تخمينات، تستند إلى معلومات لا أساس لها.

وقالت ان دو تينغي إن الحجة الرادعة التي تتيح اليوم وقف المناورات الروسية ستكون إعلان الاتحاد الاوروبي انه سيعمل على إعادة توجيه وارداته من الغاز، وهذا النوع من القرارات سيؤكد أن الامور بلغت حدًا غير مقبول. وذكر اندي هاندر، الذي يرأس المعهد الأوكراني في لندن، أن البلدان الغربية تستطيع أن تزيد من عقوباتها عبر التوقف عن منح تأشيرات وتجميد ارصدة، أو فرض عقوبات مماثلة لتلك المفروضة على ايران من خلال استهداف قطاعات معينة، quot;فبوتين يخشى المصارف الغربية اكثر مما يخشى الدبابات الغربيةquot;.

وقال جون لوف إن الاتحاد الاوروبي يمكن أن يوسع لائحة عقوباته، لكن عليه أن يثبت أن أشخاصًا أساسيين أجّجوا الاضطرابات في أوكرانيا وشاركوا في الالحاق غير الشرعي للقرمquot;، متوقعًا تطبيق قيود على شركات روسية تسعى إلى الاستثمار في أسواق أوروبية.

تطور ميداني

ميدانيًا، قالت وزارة الدفاع الاوكرانية الاربعاء ان المسلحين الموالين لروسيا استولوا على ست مدرعات اوكرانية ارسلتها كييف الى بلدة كراماتورسك الشرقية لإخماد الحركة الانفصالية. وقالت الوزارة ان السكان المحليين حاصروا في البداية قافلة المدرعات التي quot;استولى عليها المتطرفونquot; بعد ذلك. واضافت ان المسلحين نقلوا قافلة المدرعات الى مدينة سلافيانسك شرق اوكرانيا.

واكد المتحدث باسم دائرة مكافحة التجسس في اجهزة الاستخبارات الاوكرانية الاربعاء، ان العملاء الروس الذين ينشطون في شرق اوكرانيا هم انفسهم الذين كانوا ينشطون في القرم قبل إلحاق شبه الجزيرة الاوكرانية بروسيا.

واضاف فيتالي نايدا في تصريح صحافي quot;هم العملاء انفسهم الذين سيطروا على برلمان القرم. لقد تعرفنا اليهم من خلال اتصالاتهمquot;، مؤكدا ان quot;حوالى 40 من عناصر الاستخبارات الروسية ومعاونيهمquot; قد اعتقلوا منذ بداية التحركات الانفصالية في شرق اوكرانيا في السادس من نيسان/ابريل.

واوضح المتحدث ان quot;اعمال التضليل في شرق اوكرانيا يقودها ضباط من جهاز الاستخبارات المركزية في رئاسة اركان القوات المسلحة الروسيةquot;، مكررا اتهامات وجهها المسؤولون الاوكرانيون في وقت سابق. وذكر المتحدث ان مهمة العملاء الروس هي quot;زعزعة الاستقرار إلى أقصى درجةquot; في الاراضي الاوكرانية.