افتتحت صناديق الاقتراع اليوم، حيث ينتخب الجزائريون رئيسهم تحت حراسة أمنية مشددة، ومنافسة حادة بين عبد العزيز بوتفليقة الذي يريد ولاية رابعة، وعلي بن فليس الذي حذر مرارًا من التزوير، ما زاد من التوتر في حملة انتخابية لم تحمل المفاجآت.


افتتحت مكاتب الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الجزائرية الخميس في الساعة الثامنة (7,00 تغ)، بحسب ما افاد مراسل وكالة فرنس برس في المدرسة التكميلية باستور بوسط العاصمة الجزائرية.

وقام رئيس مكتب التصويت بتوزيع اوراق الانتخاب للمرشحين الستة وهم الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة ومنافسه الاول علي بن فليس ورئيسة حزب العمال التروتسكي لويزة حنون بالاضافة الى عبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل، وعلي فوزي رباعين رئيس حزب عهد 54، وموسى تواتي رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية.

وتجري عملية الانتخاب من الساعة الثامنة صباحاً الى السابعة مساء، مع امكانية تمديد مدة الاقتراع بساعة واحدة في مكتب واحد أو عدة مكاتب بقرار من الوالي (المحافظ).

ويعمل على تأمين انتخابات الخميس أكثر من 260 ألف شرطي ودركي لحماية حوالى 23 مليون ناخب سيدلون بأصواتهم في 50 ألف مكتب تصويت لاختيار رئيس من بين ستة مرشحين، منهم امراة واحدة هي لويزة حنون، رئيسة حزب العمال التروتسكي.

واعلنت المديرية العامة للأمن الوطني تجنيد 186 ألف شرطي لتأمين السير الحسن للرئاسيات في 17 نيسان (ابريل) في 27582 مكتب اقتراع تابعًا لقطاع الإختصاص. من جهتها، جندت قوات الدرك الوطني المكلفة بالامن في المناطق الريفية اكثر من 78 الف دركي، بالاضافة إلى الضباط المؤطرين لهم.

والجديد هذه المرة هو تجنيد وحدات حفظ الأمن في المناطق التي شهدت توترًا خلال الحملة الانتخابية، مثل غرداية ومنطقة القبائب وباتنة وخنشلة. واكد محمود جامع، والي غرداية، لوكالة الانباء الجزائرية نشر جهاز امني مكثف داخل وبمحيط مكاتب الاقتراع في مدينة الواحات، التي تشهد مواجهات بين العرب والامازيغ منذ اكثر من أربعة أشهر، اسفرت عن عشرة قتلى.

نزعة عبثية!

يترشح بوتفليقة لولاية رابعة رغم متاعبه الصحية، التي أعقبت إصابته بجلطة دماغية في العام الماضي، استدعت غيابه عن الجزائر ثلاثة أشهر للعلاج في باريس. وما زال الرئيس يخضع لإعادة تأهيل وظيفي، لاستعادة قدرته على الحركة والنطق.

ودعا بوتفليقة، الذي غاب عن تنشيط الحملة الانتخابية، الجزائريين إلى التصويت وعدم الاستجابة لنداء المقاطعة.

وبالنسبة إلى بوتفليقة، الذي لم يشارك في الحملة الانتخابية بسبب مرضه، quot;الامتناع عن التصويت، إن كان من باعث نزعة عبثية، ينم عن جنوح عمدي إلى عدم مواكبة الامة وعن عدول عن مسايرتها والانتماء إليهاquot;.

ودعا تحالف من أربعة أحزاب إسلامية وحزب علماني ومعهم المرشح المنسحب من الانتخابات احمد بن بيتور إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة الخميس، واقترحوا مرحلة انتقالية ديموقراطية بعد 17 نيسان (ابريل). وشكلت نسبة المشاركة في الانتخابات تحديًا دائمًا بالنسبة إلى السلطة المتهمة بتزويرها، تمامًا كما تزور نتائج التصويت، بحسب المعارضة.

تزوير أو إرهاب

بالاضافة إلى هاجس نسبة المشاركة، تحذر المعارضة ومعهم المرشح المنافس لبوتفليقة علي بن فليس، رغم طمأنة وزير الداخلية الطيب بلعيز المقرب من بوتفليقة، بأن كل اجراءات الشفافية والحياد والامن اتخذت في هذا الاقتراع.

وتنبأ رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب اسلامي، بأن الانتخابات ستكون مزورة، وسيعلن رئيس الجمهورية رئيسًا للولاية الرابعة. واعاد بن فليس، الذي عمل ثلاث سنوات رئيس حكومة مع بوتفليقة، التحذير من التزوير، معتبرًا إياه عدوًا له.

وقال: quot;انا كنت ضحية التزوير الذي يقوم عليه النظام الفاسد، من أجل ضمان بقائه والاستحواذ على ثروات الامةquot;.

دفعت التصريحات المتكررة لبن فليس عن التزوير الرئيس بوتفليقة للخروج عن صمته امام اثنين من ضيوفه بلهجة غير معهودة. واتهم بن فليس بالعنف والفتنة، وذهب إلى حد استعمال عبارة quot;الارهابquot;. واتهم بن فليس من قبل انصار بوتفليقة بمحاولة زرع الفوضى وضرب استقرار الجزائر، التي لم تضمد جراحها كاملة من حرب اهلية كان سببها الغاء نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 1992.

وانضم السلفيون إلى المنادين بعدم التظاهر في الشارع، quot;حتى لا يحدث شرخ في جسم الامةquot;. واصدر ائمة السلفية في الجزائر، يتقدمهم الشيخ علي فركوس، بيانًا دعوا فيه الجزائريين إلى تفويت الفرصة على دعاة الفتنة، مشيرين إلى سياسات العنف طيلة عهد لم يكن من السهل اجتيازه.

نحن أو الانزلاق

وفي اشارة إلى تحذيرات بن فليس، قال مدير حملة بوتفليقة عبد المالك سلال: quot;هم يقولون نحن أو الانزلاق، والله لا هم ولا الانزلاقquot;، مضيفًا أن للجزائر جيشًا وقوات أمن يملكون من القوة ما يمنع أي مساس باستقرارها.

ومنذ استقلال الجزائر في 1962 حكمها سبعة رؤساء لم يغادر واحد منهم منصبه بالانتخاب. احمد بن بلة (1962-1965) ازيح من منصبه بانقلاب وزير دفاعه العقيد هواري بومدين، الذي بقي في السلطة 13 سنة قبل أن يغيبه الموت في 1978.

وخلف بومدين العقيد الشاذلي بن جديد، باعتباره الاقدم في اعلى رتبة في الجيش، ولم يترك منصبه الا في 1992 مستقيلًا تحت ضغط من الجيش، ليتم تشكيل رئاسة جماعية (المجلس الاعلى للدولة) يقودها محمد بوضياف المغتال في نفس السنة.

وخلف بوضياف علي كافي، الذي خرج من السلطة بعد نهاية ولاية المجلس الاعلى للدولة في 1994 ليتولى الرئاسة الجنرال اليمين زروال الذي قرر الاستقالة في 1998 وتنظيم انتخابات مبكرة فاز بها بوتفليقة في 1999، ليحكم البلاد ثلاث ولايات متتالية.