بعد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري المجلس إلى جلسة في 23 من نيسان الجاري لانتخاب رئيس جمهورية جديد، يمكن القول إن العد العكسي لبت مصير الاستحقاق الرئاسي اللبناني قد بدأ، ولكن لا يمكن تأكيد ما سيؤول اليه مصيره منذ الآن.


بيروت: على حلبة السباق الرئاسي في لبنان مرشحون كثر بعضهم أعلن ترشيحه والبعض الآخر لم يعلنه لكنه يتصرف على اساس أنه مرشح جدي، وحتى الآن لم يتبلور أي توافق على مرشح واحد مثلما جرت العادة في غالبية الاستحقاقات السابقة.

ولكن المشهد السائد حتى الآن يوحي أن المعركة ستدور بين مرشحين هما رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع.

ويبدو أن بقية المرشحين ينتظرون ما ستؤول اليه المنافسة بين عون وجعجع، والتي يرجحون أن تنتهي بتعذر فوز أي منهما حتى يدخلوا إلى حلبة التنافس، وهؤلا هم: الرئيس السابق امين الجميل، زعيم تيار quot;المردةquot; سليمان فرنجية، النائبان بطرس حرب وروبير غانم، النائبان السابقان جان عبيد وفارس بويز وقائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

التوقعات بالنسبة إلى جلسة 23 الجاري تشير إلى انه في حال لم يطرأ أي جديد يشي بتوافق سياسي في فريقي 8 و14 آذار على مرشح واحد، فإن المعركة ستدور بين عون وجعجع، وفي حال توافر النصاب القانوني للجلسة وهو حضور اكثرية الثلثين (86 نائبًا من مجموع اعضاء مجلس النواب البالغ 128 نائبًا)، وجرت دورة الاقتراع الاولى فإن أياً منهما لن ينال تأييد اكثرية الثلثين هذه حتى يفوز بالرئاسة حسب ما ينص الدستور.

وعندئذ سيعلن رئيس مجلس النواب اجراء الدورة الثانية من الاقتراع، والتي يفوز فيها بالرئاسة من ينال الاكثرية المطلقة من الاصوات ، أي نصف اعضاء مجلس النواب زائداً واحدًا (65 صوتًا). ولكن هذه الدورة قد لا تنعقد، لأن نصاب الجلسة القانوني والدستوري البالغ اكثرية الثلثين (اي 68 نائبًا) قد يطير نتيجة انسحاب نواب أو كتل.

رهن كتلة جنبلاط

أما في حال استمرار هذا النصاب، فإن التوقعات تشير إلى أنّ فوز أي من عون أو جعجع مرهون بتصويت كتلة نواب جنبلاط لأي منهما. ولكن التوقعات والتقديرات تشير إلى أنّ كتلة جنبلاط قد تنسحب من الجلسة، أو قد تنتخب مرشحًا ثالثاً ربما يكون أحد اعضائها من النواب الموارنة، ما يؤدي فعليًا إلى عدم فوز أي من المرشحين.

وعندئذ يعلن بري رفع الجلسة من دون تحديد موعد لجلسة جديدة مفسحًا المجال امام مشاورات واتصالات للاتفاق على مرشح توافقي. وهذه المشاورات ستتعدى لبنان إلى عدد من الدول العربية والعواصم الاجنبية المتعاطية شؤون لبنان والمنطقة، وفي ضوئها سيتبلور اسم المرشح الاوفر حظاً من بين جميع المرشحين.

ولا يستبعد بعض السياسيين أن يسعى البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى اقناع القيادات السياسية المارونية بالاتفاق على مرشح يشكل قاسمًا مشتركًا بينها، وذلك نظرًا لإستحالة فوز أي من الجميل وعون وجعجع وفرنجية بالرئاسة، وذلك مع الاخذ في الاعتبار أن يكون هذا المرشح مقبولاً لدى مختلف الافرقاء السياسيين ولا يشكل تحديًا لأي فريق.

وهذه الخطوة قد يقدم عليها الراعي لأنه سمع من البعض أن التوافق الماروني على مرشح من شأنه أن يسهل انجاز الاستحقاق الرئاسي ويعطي المسيحيين حق اختيار الرئيس الذي يمثلهم على رأس هرم السلطة اللبنانية وهو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي، ويبطل حجتهم في هذا المجال في أن الشيعة يختارون رئيس مجلس النواب والسنة يختارون رئيس الحكومة، وأن المسلمين هم من يختارون رئيس الجمهورية المسيحي بدعم بعض الارادات الخارجية.

quot;قِدرquot; الاستحقاق الرئاسي

حتى الآن تدل المعلومات والمؤشرات أن المطلوب من الاطراف اللبنانيين أن يضعوا quot;قِدرquot; الاستحقاق الرئاسي على النار، ولكن عليهم ترك إشعال النار تحته لطرف ثالث، هو التوافق الاقليمي الدولي على التقليع بالاستحقاق الرئاسي اللبناني.

وبعض المعنيين بالاستحقاق يؤكدون أن هذا التوافق الموعود هو الاسم الحركي للقاء السعودي الإيراني الذي عندما سينعقد سيكون ترجمة لجانب من نتائج المحادثات التي تجريها الولايات المتحدة الاميركية مباشرة أو عبر الاقنية الديبلوماسية مع الرياض وطهران، خصوصاً بعدما ثبت للبنانيين أن إرادة سعودية إيرانية مشتركة كانت وراء تأليف حكومة الرئيس تمام سلام بعد اكثر من عشرة اشهر على تكليفه هذه المهمة. وان هذه الارادة يمكن ان تتكرر في لحظة سياسية ما، وتساعد على انتخاب الرئيس اللبناني الجديد.

وتفيد معلومات أن فريق 14 آذار مهجوس بإحتمال فوز النائب ميشال عون برئاسة الجمهورية في ضوء انفتاحه منذ بضعة اشهر على رئيس تيار quot;المستقبلquot; الرئيس سعد الحريري وعلى الادارة الاميركية، اذ يتخوف هذا الفريق من احتمال أن يصوت النائب وليد جنبلاط وكتلته لعون إلى جانب نواب فريق 8 آذار ما يعطيه الاكثرية للفوز.

وفي المقابل، فإن فريق 8 آذار غير مهجوس بإحتمال فوز جعجع لأن جنبلاط لا يمكن أن يعطيه اصوات كتلته. وفي الوقت نفسه يستبعد فريق 8 آذار أن يعطي جنبلاط اصواته لعون، فضلاً عن أن بري وكتلته quot; التنمية والتحريرquot; ليسوا متحمسين كثيراً لتأييد عون.

ولذا فإن التوقعات تشير إلى أنّ جلسة الانتخاب في 23 من الجاري قد تكون بمثابة quot;جس نبضquot; متبادل بين الكتل النيابية والقوى السياسية ، ويكون مؤداها سقوط quot;المرشحين الاقوياءquot; لمصلحة البحث عن مرشح توافقي ، ولكنه هذه المرة سيكون بنكهة سياسية مختلفة عن quot;النكهةquot; التي انتخب بها الرئيس الحالي ميشال سليمان ولم تنتهِ به إلى تمديد ولايته مثلما حصل مع الرئيسين الياس الهرواي واميل لحود. وغالب الظن أن الرئيس العتيد سيكون واحدًا من ثلاثة: جان قهوجي، جان عبيد، رياض سلامة.